مشاهد لا تراها إلا في الحرب، وربما في غزة على وجه الخصوص، خلال هدنة لالتقاط الأنفاس، استغلها السكان النازحون بعد مرور 7 أيام من توقف القتال بين إسرائيل وحماس.
بين العودة للمنازل لتفقد آثارها، والبحث في ركامها عن أي شيء يعيد لهم ذكرى، وانتشال جثمان ذويهم لدفنها، أو البحث عن متاع وأغراض تساعدهم على الصمود، أو الذهاب إلى البحر ليغسلوا أوجاعهم أو لحفل زفاف مؤجل.
ورغم فرحة الكثيرين بتوقف القتال، إلا أنها امتزجت بالحزن بعد عودة الكثيرين إلى منازلهم المدمرة لإنقاذ ما تبقى وانتشال جثث أحبائهم من تحت الأنقاض.
تهاني تبحث في الركام
وفي الوقت الذي تم إعلان الهدنة استغلت تهاني النجار، حالة الهدوء لتعود إلى أنقاض منزلها في خان يونس، وانتشلت المرأة البالغة من العمر 58 عامًا عدة أكواب سليمة من تحت أنقاض منزلها، الذي قالت إنه دمر في غارة جوية إسرائيلية قتلت أيضًا سبعة من أفراد أسرتها، بحسب "رويترز".
وعاود سكان غزة رحلة النزوح الشاقة مرة أخرى، من الملاجئ الجماعية والمخيمات المؤقتة لاكتشاف ما آلت إليه منازلهم.
البحر ملاذ النازحين
وذهب البعض الآخر في طريق البحر، هربًا من الأوجاع، يغسلون أجسادهم وأوجاعهم في مياه البحر، لا يعرفون إذا كان ملح البحر قادًا على أن يذيب المشاهد القاسية العالقة في أذهانهم.
وفر بعض سكان غزة إلى الشاطئ لقضاء بعض الوقت، والعودة لحياتهم السابقة، والاستحمام في مياه البحر، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
وعلى شاطئ دير البلح في قطاع غزة، استغل سكان غزة الهدنة وتوقف إطلاق النار المؤقت، للاسترخاء واصطياد الأسماك.
واضطر سكان غزة إلى الفرار بالملابس التي يرتدونها فقط، ولم يتمكن معظمهم من الاغتسال بشكل صحيح، الأمر الذي جعل من وجود مستلزمات النظافة الأساسية، بالإضافة إلى المزيد من المعدات الطبية والوقود والغذاء، أمرًا ضروريًا.
من جانبها؛ قالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، إن الوضع على الأرض فظيع للغاية، ورغم الترحيب بالمساعدات التي وصلت غزة، فإن المنظمة مستعدة لتلقي المزيد.
وقالت "الأونروا" إن العديد من الملاجئ العامة مكتظة للغاية، إذ تؤوي مدارسها ومرافقها الأخرى أكثر من مليون نازح.
حفل زفاف في الهدنة
شهدت فترات الهدنة احتفالات الغزيين بحفل زفاف في إحدى المدارس التي لجأ إليها النازحون، بعد ما أصر ماجد الدرّة، عدم تأجيل زواجه وهو ما دفعه للاحتفال به في ظروف غير عادية.
وشارك النازحون المتواجدون في المدرسة، العروسين فرحتهما، وتأكيد القدرة على الفرح والبهجة رغم آلام الحرب.
وعقد العروسان قرانهما، 23 يناير الماضي، وخططا لإقامة حفل الزفاف، 7 أكتوبر الماضي، الذي تزامن مع عملية طوفان الأقصى.
عصر ما تبقى من الزيتون
يجلس المواطن أبو يحيى البشيتي على أكياس زيتونه في طابور طويل، بانتظار دوره في عصر الزيتون، الذي جمعه مما تبقى من أشجاره التي دُمرت، بسبب القصف الإسرائيلي خلال العدوان على غزة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
ويقول البشيتي - 50 عامًا - إن أرضه الواقعة في خان يونس، المزروعة بأشجار الزيتون تعرضت لقصف عنيف من الطيران الحربي الإسرائيلي، ما أدى إلى تدمير نصفها وتعرض الباقي لأضرار، مُشيرًا إلى أنه جمع ما تبقّى من ثمار الزيتون من على الأشجار وتلك المتساقطة على الأرض.
وأضاف "البشيتي" الذي يعيل أسرة مكونة من 12 فردًا، أنه لم يستطع خلال العدوان على غزة الاقتراب من مزرعة الزيتون وجني المحصول، لكنه استغل فترة الهدنة المعلن عنها لجمع ما تبقى من الثمار.