أكدت المخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية، نعومي كاواسي، أنها لم تكن مهيأة لتصبح مخرجة سينمائية في بداية حياتها، إلا أن الأسئلة الوجودية التي كانت تطرحها وتبحث عن أجوبتها دفعتها لتصير مخرجة.
جاء ذلك خلال استضافتها أمس في فقرة "حوار مع.." ضمن فعاليات النسخة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي تستضيف عشرة من كبار الأسماء في السينما العالمية، لمشاركو الجمهور في مراكش العديد من الحكايات المشوقة والنقاشات المفتوحة حول رؤيتهم للسينما وممارساتهم المهنية، وكشفت كاواسي 53 عامًا، الكثير عن حياتها ورؤيتها للسينما، لكن أكثر ما شددت عليه هو أن "صناعة الأفلام ليست مجرد لهو، وإنما وسيلة لطرح الأسئلة المقلقة والوجودية على الناس جميعًا".
وأضافت أنها كانت في أفلامها الوثائقية الأولى تبحث عن الأب الذي غاب، وتكثر التأمل في المرآة، متسائلة عن موقعها في هذا العالم، مشيرة إلى أن الوثائقي شكّل بالنسبة لها أيضًا وسيلة لتصوير واقع قريتها الصغيرة، والحديث إلى شيوخها سعيًا إلى منحهم حياة جديدة بعد رحيلهم.
لا تؤمن المخرجة اليابانية الحائزة على الجائزة الكبرى لمهرجان "كان" السينمائي سنة 2007، بالحدود بين الأفلام الوثائقية والرواية، بل إنها سعت إلى المزج بين الاثنين من خلال مزاوجة البُعد الواقعي بالخيالي، وجعلت من الكاميرا "عينًا ثالثة" تصاحبها فيما تصوره، وهو ما سمح لها بأن تصنع أسلوبها الخاص.
تفوق "كاواسي" في مهنتها، وطغيان الجانب الإنساني على أعمالها، لا سيما ما يتعلق بقضايا النساء، أفضى إلى تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) سنة 2021، لتصبح أول يابانية تتولى هذا الموقع، إذ تقول إن أول مشروع خاضته في هذا الإطار تمثل في دعم صانعات الأفلام الإفريقيات الشابات، حيث عملت على تأطير صانعات أفلام شابات من السنغال وكينيا ونيجيريا وبوركينافاسو ودول أخرى. وتضيف "لقد استقبلناهن في بلدنا ونظمنا ورشات لفائدتهن، وأملنا أن يتمكنّ من تقديم أعمالهن إلى العالم".
تُخلص كاواسي إلى التأكيد على دور السينما والفن عمومًا في خدمة الناس، وتقول إن "صناعة الفيلم ليست مسألة ترفيه، وإنما منبع للطاقة وباعث على الحياة وراصد لقضايا الواقع، وعلينا أن نعكس الواقع، والكذب ليس خيارًا أبدًا".
يشار إلى أن نعومي كاواسي من مواليد مدينة نارا باليابان، وتواصل من هناك إنتاج أعمالها التي تستوحي حكاياتها من الواقع، ونالت العديد من الجوائز في أكبر المهرجانات الدولية، أبرزها الكاميرا الذهبية عن فيلمها الأول "سوزاكو" 1997، والجائزة الكبرى عن فيلم "غابة الحداد" عام 2007 في مهرجان كان السينمائي، إضافة إلى أفلامها الجديدة فيلم "لا يزال الماء" 2014، و"نحو الضوء" 2017، و"رحلة إلى يوشينو" 2018 و"الأمهات الحقيقيات" 2020.