بات العديد من الأشخاص حول العالم ممن لديهم عائلات في غزة يتوقون للحصول على أخبار عن أحبائهم، ويتساءلون عما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وما إذا كانوا مصابين أو عالقين تحت الأنقاض.
نشأ العديد منهم في غزة ويعرفون كيف يعني الهروب من غارة جوية، أو كيف يتحول الزجاج المهشم إلى شظايا؟، وبينما يعلمون أنهم لا يستطيعون وقف القصف، قال البعض إنهم يتمنون لو كانوا هناك مع عائلاتهم، لأنهم يعرفون مدى معاناتهم.
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" معاناة العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في بلدان مختلفة، إذ قالت ريم الفرنجي، التي تعيش في الأردن، إن مجرد شرب كوب من الماء رفاهية بالنسبة لأولئك المحاصرين في القطاع المُحاصر - مثل والدتها - الأمر الذي يجعلها تشعر بالذنب، مضيفة: "في كل مرة أشرب فيها هذا الماء، أشعر أنني أتمنى أن أعطي كوبًا واحدًا لأمي".
ويعيش سكان قطاع غزة منذ أكثر من شهر تحت القصف المستمر، مع انقطاع إمدادات الغذاء والماء والدواء. كما تنقطع الاتصالات بشكل متكرر، لذلك لا يمكن لأولئك الذين يعيشون بالخارج التواصل مع عائلاتهم هناك إلا من خلال رسائل نصية متفرقة عبر تطبيق الواتساب أو المكالمات الهاتفية.
وفرضت إسرائيل قيودًا على وصول الغذاء والماء والدواء والوقود إلى القطاع، وظهرت بعض الآمال في ظل التحدث عن هدنة مؤقتة، أمس الأربعاء، عندما أعلنت إسرائيل وحركة حماس اتفاقًا لوقف القتال، لمدة أربعة أيام، مقابل إطلاق سراح 50 من المحتجزين في غزة و150 من الأسرى في سجون الاحتلال، والسماح بوصول المساعدات إلى القطاع من الوقود والغداء.
وفي هذه الأثناء، كان المدنيون يمرضون بسبب المياه غير النظيفة، ويموتون في المستشفيات التي لا تستطيع علاجهم بسبب نفاد الوقود، ويعيشون على فتات الخبز إذا تمكنوا من العثور على أي شيء.
وقال محمد صلاح عرفات - 30 عامًا - الذي يعيش في واشنطن وله أخ لا يزال في غزة "يقتلني الشعور بالذنب عندما يتعلق الأمر بالطعام وحرية التحرك وعدم الحصار". مضيفًا: "لقد بكيت كل يوم تقريبًا منذ بداية الحرب، وحتى قبل أسبوعين أصبحت مخدرًا، وبلا مشاعر، لكنني لا أعرف كيف أكتم مدى حزني بعد الآن".
وكان فارس - شقيق عرفات - متطوعًا كممرض في مستشفى الشفاء بغزة، الذي نفد فيه الإمدادات الأساسية التي يحتاجها لعلاج المرضى وتوقف عن العمل، وذكر "عرفات" أن شقيقه غادر المستشفى الذي داهمته قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي.
وهناك أيضا إيمان أيمن - 29 عامًا - التي تعيش في إنجلترا، وبالكاد تستطيع منع نفسها من البكاء عندما تروي كيف ولدت شقيقتها في أحد مستشفيات غزة دون مسكنات.
وقالت "أيمن" إن شقيقتها كانت حاملًا عندما اندلعت الحرب، وفي 17 أكتوبر، انفجر كيس الماء لدى أختها، وكان عليها الذهاب إلى المستشفى. إلا أن الطرق امتلأت بالركام، ونفد الوقود من السيارات. واضطرت للسير لمدة ساعة تقريبًا مع والدتها وشقيقها بجانبها، لتنتظر 18 ساعة للحصول على سرير عندما وصلوا أخيرًا المستشفى.