كرّست المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز جزءًا من تاريخها وصوتها؛ لتعبر عن معاناة الفلسطينيين دائمًا، فهي من تغنت كلمات الأخوين رحباني وقالت: "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي، لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن، يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي، عيوننا إليك ترحل كل يوم"، هذا جانب من كلمات أغنية "زهرة المدائن"، ورغم صدور العديد من الأغاني عن فلسطين، فإن أعمال فلسطين بصوت جارة القمر أصبحت رمزًا عربيًا متداولًا يُحاكي الحنين بالصوت والموسيقى إلى فلسطين.
صوت فلسطين
فيروز الغائبة عن الساحة الفنية منذ فترة طويلة، لم ينقطع صوتها عن فلسطين أو الأحداث والمجازر التي تحدث في غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بل كانت كلماتها حاضرة لتعبر عن المشهد الحالي، فقد اختارت ابنتها ريم الرحباني قبل عيد ميلاد جارة القمر بيوم واحد كلمات إحدى أغانيها عن فلسطين تقول: "ومِن قَلْب القَلبْ مُهداة لَ فلسطين غَمَرَتْ تِلالَ بِلادِي الدُمُوعَ والدِمَاءْ"، كما أرفقت لها رسالة تهنئة وقالت: "عقبال كل سنة بِالصحّة والحُبْ ورَاحِة البَالْ وبِأيام أحْلا وألطَفْ وأَحَنْ، بِالخير والعَدْل والسَلامْ".
حكاية وطن
سفيرة الفنانين العرب لها العديد من الأغنيات التي مازالت حاضرة إلى الآن، فبجانب أغنية "زهرة المدائن" التي طرحتها بعد زيارتها إلى القدس عام 1964، بالتزامن مع زيارة البابا بولس السادس إلى فلسطين، هناك العديد من الأعمال المهمة التي عبرت فيها عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
"أنت من ديارنا من شذاها يا نسيم الليل تخطر، حاملًا عبير أرض هواها في حنين القلب يزهر، أنت من حقولنا يا رسول من ربوع الخير عندنا، كيف حال بيتنا هل تقول أم هجرت أنت مثلنا، يا غريب الديار"، هذا جانب من كلمات أغنية فيروز التي تحمل اسم "راجعون" والتي لحنها وكتبها الأخوان رحباني، وتلك الأغنية جاءت لتعبر عن قصة سيدة قابلتها جارة القمر في القدس وحكت لها عن معاناتها بعد النكبة وقدمت لها مزهرية كهدية لتعبر لها عن حبها، فأثرت هذه الواقعة في فيروز، وقرر الأخوان رحباني تجسيدها بكلماتهما وألحانهما الرشيقة.
أما أغنية "وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان" كلمات الشاعر اللبناني طلال حيدر وألحان زياد الرحباني، لها قصة مختلفة، فالشاعر حكى في أحد اللقاءات التلفزيونية أن هناك ثلاثة شباب كانوا معتادين أن يلقوا عليه السلام كل يوم حتى انقطعت أخبارهم، فذهب للسؤال عنهم وعلم أنهم استشهدوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، لتأتي كلماته نعيًا لهم وكتب: "وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان، وحدهن بيقطفوا وراق الزمان، بيسكروا الغابة، بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي، يا زمان يا عشب داشر فوق هالحيطان".
عبرت فيروز عام 1968 عن حق العودة للفلسطينيين بعد نكبة 1948 من خلال أوبريت "جسر العودة" للأخوين رحباني، والذي طرحته ضمن ألبومها الغنائي "عائدون" خلال الذكرى العشرين للنكبة، وشاركها في غنائه اللبناني جوزيف ناصيف بكلمات تقول: "جسر العودة.. يا جسر الأحزان، أنا سميتك جسر العودة، المأساة ارتفعت.. المأساة اتسعت، وسعت.. صدعت.. بلغت حد الصلب، من صلبوا كل نبي.. صلبوا الليلة شعبي، العاثر ينهض.. النازح يرجع."
هذه ليست الأغاني الوحيدة التي عبرت بها "فيروز" عن فلسطين، فهناك أيضًا "أنا لا أنساك فلسطين، القدس العتيقة، يافا، سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة"، وغيرها فصوت جارة القمر لا يمل أو يكل في نقل ما يحدث في فلسطين إلى العالم.