يشهد الصراع الروسي الأوكراني تصعيدًا متزايدًا في المعارك العسكرية على الأرض، كما يتزايد أيضًا التوتر بين الجانبين على الصعيد السياسي، وفي أحدث تطور لهذا التوتر، كشف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عمّا قال إنه مؤامرة روسية لزعزعة استقرار حكومته من الداخل، بالتأثير على الشارع الأوكراني وإثارة الانقسامات السياسية. وتأتي هذه الادعاءات في ظل تصاعد الخلافات داخل النخبة الحاكمة في كييف، وتنامي الشكوك حول قدرة "زيلينسكي" على إدارة الأزمة على نحو فعّال، فيما يلقي هذا التوتر الداخلي بظلاله على مسار المواجهة مع روسيا، في أحد أخطر الأزمات التي شهدها القرن الحادي والعشرون حتى الآن.
وبحسب تقرير لـ"بلومبرج" قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لصحفيين إنه تلقى معلومات حول حملة نفوذ روسية، تهدف إلى زعزعة استقرار حكومته بعد تقارير من وكالات استخبارات مختلفة أبلغته بالعملية.
وشهدت القيادة العليا في أوكرانيا انقسامات في الأشهر الأخيرة، مع سلسلة من المنشورات في الصحافة الغربية، استنادًا إلى تسريبات من موظفي كييف، واصفة زيلينسكي بأنه عازم في السعي لتحقيق هدف غير واقعي، يتمثل في إخراج روسيا من جميع الأراضي التي تطالب بها كييف.
كما اشتبك مكتبه علنًا مع أحد كبار الجنرالات في البلاد، فاليري زالوجني، الذي قال في وقت سابق من هذا الشهر، إن الأعمال القتالية وصلت إلى طريق مسدود، وأنه لا يتوقع أي انفراجة في كييف.
وذكرت بلومبرج أن زيلينسكي يدعي أنه تلقى معلومات من أجهزة المخابرات الأوكرانية وحلفائها تحذره من "خطة تضليل" تُعرف داخليًا باسم "ميدان 3"؛ تهدف إلى اللعب على الانقسامات في المجتمع المدني وإثارة التمرد.
"ميدان" تعني "مربع" باللغة الأوكرانية، والميدان 1 والميدان 2 هما المصطلحان المستخدمان للاحتجاجات الجماهيرية التي جرت في عامي 2004 و2014، على التوالي، في ساحة الاستقلال في كييف بشكل أساسي، وكلاهما كانا موجهين ضد فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس السابق الذي كانت قاعدة دعمه السياسي تقع في الجزء الشرقي من البلاد، ذي الأغلبية الناطقة بالروسية.
كانت احتجاجات عام 2004 سلمية في معظمها، ونجحت في إلغاء فوز يانوكوفيتش في السباق الرئاسي في ذلك العام، ليفوز بها فيكتور يوشتشينكو.
من ناحية أخرى، حدثت مظاهرة 2014 بينما كان يانوكوفيتش في منصبه، مما أجبره على الفرار من البلاد والاستقالة من منصبه، عندما استهدف مثيرو الشغب المسلحون منزله.
وحظيت الانتفاضة العنيفة التي اندلعت عام 2014، "الميدان 2"، بدعم الغرب وتمكين القوى القومية في البلاد، ووصفت موسكو سياسات الحكومات المتعاقبة في كييف بعد الإطاحة بـ" يانوكوفيتش" بأنها تمييزية ضد ذوي الأصول الروسية وتضر بالأمن القومي الروسي.
تم انتخاب زيلينسكي على أساس وعد بالمصالحة مع متمردي دونباس، لكنه استسلم لضغوط القوميين المؤيدين للـ"ميدان"، الذين هددوه باحتجاجات حاشدة، ويعتقد الآن بحسب بلومبرج أن روسيا تسعى إلى إثارة الفوضى والانقسام في بلاده والإطاحة بحكومته.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقلت مجلة "تايم" عن أحد مساعدي زيلينسكي المقربين أنهم يشكون في سعيه الثابت لتحقيق نصر عسكري على موسكو، وبحسب ما ورد، وصف أحد المصادر في المقال زيلينسكي بأنه موهوم.
أوجز الجنرال "زالوجني" رؤيته للوضع على خط المواجهة في مجلة الإيكونوميست، مُشيرًا إلى أنه على الرغم من كل المساعدات الغربية، فمن غير المرجح أن تحقق القوات الأوكرانية "اختراقًا عميقًا"، وأثار هذا التصريح الشك في تأكيدات زيلينسكي بأن الهجوم المضاد ضد روسيا يتقدم، ويقال إنه أدى إلى زيادة التوتر بين حكومته والقيادة العسكرية في كييف.