في الليلة التي ضرب فيها القصف منزل عائلته في قطاع غزة، كان الفلسطيني أحمد الناعوق على بعد أكثر من 2000 ميل، لكنه ظل مستيقظًا، غارقًا في ذعر لا يمكن تفسيره.
وعندما نظر "الناعوق"، وهو طالب دراسات عليا في لندن، إلى هاتفه المحمول وجد أن صديقًا قد كتب رسالة ثم حذفها. اتصل به الناعوق ليخبره أن هناك ضربة جوية والجميع استشهد فجاءت الكلمات التي تلقاها مثل الصاعقة.
وكان من بين الشهداء والد الناعوق البالغ من العمر 75 عامًا وشقيقاه وثلاث شقيقات وأطفالهم الثلاثة عشر. وقال الناعوق، في حديثه لوكالة "أسوشيتد برس": "لا أستطيع أن أصدق أن هذا حدث بالفعل ولا أستطع استيعابه".
وكان والده "نصري" أخبره مؤخرًا أن منزل شقيقته "آية" دُمر في شمال غزة وأنها تقيم معهم في مدينة دير البلح بوسط القطاع، جنوب المنطقة التي أمرت قوات الاحتلال السكان بمغادرتها. فاسترجع كلمات أخته أن البيت يمكن إعادة بنائه، كل ما يهم أنها وأطفالها على قيد الحياة.
وبعد ساعات قليلة، استشهدوا جميعًا ولا يزال تسعة من الأشخاص الـ 21 تحت الأنقاض، ولم تستطع طواقم الدفاع المدني انتشالهم.
وكان هناك ناجيان: شيماء، أخت زوجة الناعوق، وعمر، ابن أخيه البالغ من العمر 3 سنوات. وكانت هناك أيضًا "ملكة" ابنة البالغة من العمر 11 عاما، نُقلت إلى مستشفى الأقصى مصابة بحروق شديدة لكنها توفيت بعد أن أعطى الأطباء سريرها في وحدة العناية المركزة لمريض آخر لديه فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة.
وتساءل "الناعوق" الذي لم يكن لديه أي فكرة عن مكان دفن جثث أقاربه. وما إذا لم يكن هناك مكان في مشرحة المستشفى للاحتفاظ بهم. وربما أن يكونوا في مقبرة جماعية، وهو ليس لديه وسيلة لمعرفة ذلك.
وهناك "عمار البطة" في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة والذي أصيب بالذهول عندما استيقظ على انهيار جدار غرفة نومه، إذ اخترق صاروخ بيته.
كان يتمايل فوق الأنقاض، ويسلط ضوء هاتفه المحمول على الحطام، وينادي على أقاربه الستة عشر. وأخد يتساءل "أي شخص هناك؟" فبكى "عمار البطة" الذي لم يأته رد سوى الصمت.
وتقع الهجمات على نطاق لم يسبق له مثيل منذ سنوات حيث استهدف الاحتلال الإسرائيلي المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، بل وضرب مناطق في جنوب غزة حيث أمر المدنيين بالفرار.
وارتفع عدد الشهداء في غزة منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع المحاصر في 7 أكتوبر المنصرم إلى 11 ألفًا و500 شهيد، وبلغ عدد الجرحى 29800 أكثرهم من النساء والأطفال.