أعادت تصريحات عميحاي إلياهو، وزير التراث الإسرائيلي، أمس الأحد، حول إمكان ضرب قطاع غزة بالنووي، الجدل بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي لا تؤكد تل أبيب وجوده لكنها في الوقت نفسه لا تنفيه.
وفجرت تصريحات الوزير المتطرف موجة انتقادات واسعة في المجتمع الدولي ككل، وسلطت الضوء على ما قال البعض إنه اعتراف لأحد كبار المسؤولين في البلاد بامتلاك السلاح النووي، وهو ما يترتب عليه إجراءات دولية كثيرة، بحسب "رويترز".
وموجة الغضب التي أثيرت داخل إسرائيل، بعد تهديد الوزير المتطرف، بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، جاءت من باب الحرص على سرية الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل، التي لم تعلنها بشكل رسمي، وتتستر عليها إلى يومنا هذا.
وامتعاض نتنياهو من تصريح وزيره المتطرف لم يأت من باب الحرص على المشاعر الإنسانية، إنما أتى من أجل الحفاظ على الغموض والسرية التي تعتمدها إسرائيل تجاه ترسانتها النووية، التي تخشى في حال تم الكشف عنها، أن يؤدي إلى موجة سباق في التسلح النووي بالشرق الأوسط.
ولطالما اتسم برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي المفترض، والتاريخ المحيط به بالغموض، كما تم التسامح مع هذا الغموض إلى حد كبير.
ولهذا، فإن أي اعتراف رسمي ببرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي، من شأنه أن يخل بالتوازن الحالي في المنطقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار الأسلحة النووية بمختلف أنحاء الشرق الأوسط، وفقًا لـ"مركز الحد من السلاح ومنع الانتشار".
كما أن سياسة التعتيم النووي التي تنتهجها إسرائيل تجعل التحليل أمرًا صعبًا، إلا أن السجلات التاريخية توفر رؤى أساسية واضحة.
وفي مذكرة رفعت عنها السرية، يوليو 1969 إلى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، أوضح وزير الخارجية هنري كيسنجر، أنه عند شراء طائرات الفانتوم من الولايات المتحدة، التزمت إسرائيل بألا تكون أول من يدخل أسلحة نووية إلى الشرق الأدنى.
ومع ذلك، يُعتقد الآن أن إسرائيل فسرت كلمة "يدخل" على أنها تعني أنها تستطيع امتلاك أسلحة نووية طالما أنهم لم يختبروها أو ينشروها أو يظهروها علنًا.
وعندما طُلب منه تأكيد أن إسرائيل لا تمتلك أي أسلحة نووية في مقابلة أجريت معه عام 2011، مع شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، أجاب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن هذه هي سياسة تل أبيب بألا تكون أول من أدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط.
ويعتقد خبراء أن سياسة التعتيم التي تنتهجها إسرائيل يمكن أن تتغير على الأرجح إذا حصلت دولة أخرى في الشرق الأوسط على أسلحة نووية.
ولمنع كلا النتيجتين، دأبت إسرائيل على التدخل بشكل مستمر في البرامج النووية للدول المجاورة لها، من خلال ما تسميه سياسة الضربات الوقائية، المعروفة أيضًا باسم "مبدأ بيجن".
ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك 90 رأسًا حربية نووية تعتمد على البلوتونيوم، وأنها أنتجت ما يكفي من البلوتونيوم لصنع 100-200 سلاح.
ويعتقد أن مخزونات المواد الانشطارية الصالحة لصنع الأسلحة في البلاد تأتي من مصدرين، الأول أن البلوتونيوم المخصص لبرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي تم إنتاجه في مركز الأبحاث النووية في النقب بالقرب من مدينة ديمونة.
كما من المحتمل أن يكون قد تم تشعيع وقود اليورانيوم الطبيعي في مفاعل يعمل بالماء الثقيل، على أن يمكن بعد ذلك فصل البلوتونيوم كيميائيًا في مصنع إعادة المعالجة، الذي يعتقد أنه يقع في موقع مشترك بالنقب.
ويعتقد كذلك أن ديمونة بنيت بمساعدة فرنسية في الستينيات، على الرغم من أن المنشأة لا تخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا يسمح للمفتشين بالذهاب إلى هناك.
إلى ذلك، قدرت دراسة غير سرية أعدت للكونجرس الأمريكي عام 1980، أن مفاعل ديمونة قادر على إنتاج 9-10 كيلوجرامات من البلوتونيوم الانشطاري سنويًا بدءًا من 1965.
وترفض إسرائيل التوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي، رغم الضغوط الدولية عليها للقيام بذلك، وتذكر أن التوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي سيكون مُخالفًا لمصالح أمنها القومي.