وافق يوم أمس الخميس، الثاني من نوفمبر، الذكرى الـ 106 لوعد "بلفور"، الذي كان الأساس لسلسلة متلاحقة من "النكبات"، وصولًا إلى ما يجري في قطاع غزة، حيث يتعرض لعدوان وحشي إسرائيلي، يتواصل لليوم الـ 28 على التوالي، ووصفه خبراء الأمم المتحدة "بحرب إبادة"، واعتداءات يشنها المستوطنون على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بغية دفعهم على النزوح من ديارهم.
وعد بلفور هو عبارة عن رسالة وجهها في 2 نوفمبر 1917 آرثر بلفور، وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت، إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، وهو صهيوني بريطاني بارز.
في تلك الرسالة، أعرب الوزير البريطاني بلسان بريطانيا عن مساندتها لإقامة "وطن قومي يهودي" في فلسطين.
لقد التفتت بريطانيا إلى فكرة تهجير اليهود إلى وطن لهم، تحديدًا عام 1902 فقد عزمت الحكومة البريطانية، على منح اليهود وطنًا لهم في شرق إفريقيا، ثم فكر في تسكينهم بمدينة العريش المصرية، حسب ما جاء في الموسوعة الفلسطينية.
لم تنجح هذه المحاولات، وخلال الحرب العالمية الأولى، نشطت الحركة الصهيونية وتواصلت مع ألمانيا وبريطانيا ورجال السياسة في هذه الدول من أجل إقناعهم بأن فكرة الوطن القومي لليهود سيصب في مصلحتهم، وأكدوا لهم أن دولتهم المزعومة ستكون حافزًا لليهود في الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على الحكومة هناك من أجل مناصرة الحلفاء.
وفي يونيو عام 1917، التقى زعيم الحركة الصهيونية العالمية حاييم وايزمان ووالتر روتشيلد باللورد البريطاني كتشنر، حيث طلب قائد الجيش البريطاني من زعماء الحركة الصهيونية صياغة مسودة بيان يعكس رؤية الحركة الصهيونية حول فلسطين ليتم صياغته إلى بيان يُعرض على الحكومة البريطانية للنظر فيه، ثم أصدرت الحكومة البريطانية هذا الوعد المشؤوم.
الوعد نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وشكل بداية إعلان دولة إسرائيل، الذي تم في الرابع عشر من مايو 1948، وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه بريطانيا نهاية انتدابها على فلسطين.
وتأتى الذكرى الـ 106 لوعد بلفور، في وقت يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي، عدوانًا وحشيًا، دخل يومه الـ 28 على التوالي، على قطاع غزة المحاصر، منذ 7 أكتوبر المنصرم.
وتحول قطاع غزة إلى "أرض المقابر الجماعية" جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع المحاصر، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف، ما دفع خبراء أمميون إلى وصف ما يتعرض له الفلسطينيون بـ"الإبادة".
وقال الخبراء الأمميون، من بينهم المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في بيان مشترك صدر في جنيف، أمس الخميس، إن الشعب الفلسطيني يواجه خطرًا كبيرًا للإبادة الجماعية.
وفي الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة المحاصر، تزايدت اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ما دفع الكثير من أصحاب الأرض إلى النزوح من ديارهم بعد التمسك بالإقامة فيها على مدار عقود، على الرغم من الصعوبات التي يواجهونها، فيما يُعد "نكبة جديدة" بحق الشعب الفلسطيني.
وقد ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير نشرته، الاثنين الماضي، أن منظمات حقوقية حذرت من أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وصل إلى "مستويات قياسية" منذ عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها الفصائل في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر المنصرم.
وأشارت الجماعات، وفقا للصحيفة، إلى أن حركة الاستيطان المتطرفة تسعى الآن إلى زيادة ترسيخ وجودها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقلت الصحيفة عن منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية، قولها إن سبعة فلسطينيين على الأقل استشهدوا على أيدي المستوطنين الإسرائيليين منذ بدء الحرب في غزة، بينما قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 100 فلسطيني في الضفة الغربية خلال الفترة الزمنية ذاتها، وفقًا للأمم المتحدة، كما طُرد حوالي 500 فلسطيني من منازلهم.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، قبل أيام، إن أكثر من 110 فلسطينيين استشهدوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، معظمهم خلال مداهمات شنتها القوات الإسرائيلية أو هجمات نفذها المستوطنون.
وذكرت "واشنطن بوست" أن ضحايا عنف المستوطنين هم في الغالب من المدنيين، حيث تخشى العائلات الفلسطينية، التي تطاردها ذكريات النزوح، أن تعيش مرة أخرى مأساة التهجير والسلب القسري لممتلكاتها.
ووعد وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن جفير، بتسليم 10 آلاف قطعة سلاح مجانية للمستوطنين في الضفة الغربية، في حين قام بتخفيف شروط رخص اقتناء الأسلحة حتى يتمكن 400 ألف شخص من الحصول عليها.