تتداخل الذكريات المؤلمة في عقل المواطن الفلسطيني لؤي النجار، مع استمرار قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، فقبل نحو أربعة عشر عامًا فقد لؤي ساقيه بصاروخ إسرائيلي، عندما حاول مساعدة سيدة استهدفها الاحتلال بالفسفور الأبيض عام 2009.
هجمات الاحتلال فرّقت بين لؤي وزوجته وأبناءه الصغار، بعد أن دمرت منزلهم عن بكرة أبيه، فلم يجدًا مكانًا يصلح لإيوائهم معًا، وما فاقم معاناته أنه من ذوي الإعاقة ويحتاج إلى مكان يناسب وضعه الصحي لكنه لم يجد.
في خيمة للنازحين بساحة مستشفى ناصر الطبي بخان يونس، استقر "النجار"، بعد أن فقد الأمل في إيجاد مكان آخر، يرافقه اثنان من أبنائه الكبار لمساعدته في التنقل، فيما ترك زوجته وأبناءه الصغار في مدرسة تابعة للأونروا.
يتذكر "لؤي" كيف بدأت الأمور، في صباح السابع من أكتوبر، تأهب هو وأبناؤه للتحرك، إذ يتوجه هو للجامعة حيث يدرس الماجستير في الجيوماتكس، وأولاده إلى مدارسهم، قبل أن يسمع أخبارًا تتحدث عن قيام الاحتلال بقصف عشوائي على المنازل، فاحتموا بمنزلهم، قبل أن تنهال الصواريخ على المنطقة التي يقطن فيها.
"بعد يومين من القصف المتواصل، طلبت من زوجتي أن تعد ما يمكننا حمله، للانتقال لمكان آخر أكثر أمانًا، وتوجهنا إلى مكان آخر ببني سهيلا يبعد عن منزلنا الواقع في خزاعة، بنحو 7 كيلومترات، لكني لم أستطع المكوث هناك لأن المكان لا يناسب وضعي الصحي"، يحكي لؤي النجار لـ"القاهرة الإخبارية".
لم يجد لؤي حلًا سوى الفُرقة عن زوجته وأبنائه الصغار، لتبدأ معاناة جديدة، تصل إلى قطرة الماء.. "بسبب غلاء زجاجات المياه الصالحة للشرب، وعدم قدرتي على توفيرها أطلب من أبنائي إحضار زجاجات فارغة وتعبئتها من أي مكان يوجد به ماء ونشرب منه رغم ملوحته".
أما الطعام فلا يستطيع لؤي الحصول عليه في بعض الأيام، ويعاني أطفاله كذلك من قلته فيطلب من زوجته "تصبير" الأطفال حتى يرزقهم الله.
"الوضع العام صعب جدًا جدًا جدًا والله.. نبكي من عدم قدرتنا على توفير المستلزمات لأطفالي الصغار"، يتابع لؤي من على "حصير" داخل خيمة مستشفى ناصر.
يتذكر لؤي ما حدث قبل 5 أيام، عندما قرر الذهاب برفقة زوجته لجلب أي شيء يستر الأبناء من برودة الطقس ليلًا: "ليتنا ما ذهبنا لقد رأينا العجب العجاب، من دمار وخراب طال الشوارع والمنازل والمساجد، بصعوبة وصلنا إلى البيت فرأيناة كومة من الحجارة وحاولنا الحصول على أي شيء ليسترنا من برودة الليل، ولم نستطع، وعدنا أدراجنا متحسرين وبكينا بكاء ما بكيته أبدًا، فالعين تبكي دمًا مما رأيناه أنا وزوجتي، كل ما في البيت تدمر وانتهى".
قصة "لؤي".. فلسطيني بُترت ساقاه في لحظة بطولية والاحتلال يهدد "حلم حياته"