يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اكتسب أرضية جديدة في الحزب الجمهوري، عندما تعلق الأمر برد فعله على تصاعد الأحداث بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، في حين واجه الرئيس السابق دونالد ترامب، انتقادات من كبار المشرعين في حزبه الجمهوري والمسؤولين الإسرائيليين، بسبب رد فعله على الأحداث.
وقادت فصائل المقاومة الفلسطينية، 7 أكتوبر الجاري، عملية طوفان الأقصى، وشنت إسرائيل بعد ذلك أعنف غاراتها الجوية على الإطلاق على غزة، راح ضحيتها 2808 شهداء و10950 مُصابًا.
وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن بلاده "في حالة حرب" وقطعت إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء والأدوية عن قطاع غزة.
واستدعت إسرائيل 360 ألف جندي احتياطي إلى جيش الاحتلال، استعدادًا لاجتياح بري مُحتمل على القطاع، الذي يُقدر عدد سكانه بنحو 2.3 مليون نسمة، وفقًا لما أشارت وسائل إعلام عبرية.
وتشير مجلة "نيوزويك الأمريكية" إلى أن إسرائيل هي القضية التي أدت إلى انقسام متزايد بين الجمهوريين والديمقراطيين في السنوات الأخيرة، إذ أصبح الديمقراطيون التقدميون أكثر انتقادًا للحكومة الإسرائيلية، في حين أعرب البعض عن دعم قوي للفلسطينيين. وكان بايدن نفسه اشتبك في السابق مع نتنياهو بشأن تحول حكومته اليمينية المتطرفة المثيرة للجدل.
ومنذ انطلاق الصراع الأخير، كانت كل الأنظار متجهة نحو بايدن، لمعرفة كيف سيكون رد فعله عندما يواجه الحليف الرئيسي للولايات المتحدة أزمة كبيرة، ليأتي تأكيد الرئيس الأمريكي على دعم إدارته الثابت لإسرائيل في مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية، وفقًا لما أشارت المجلة الأمريكية.
وأعرب بايدن عن دعمه القوي غير المشروط لإسرائيل، على الرغم من قيام فصيل من الديمقراطيين التقدميين بإثارة المخاوف بشأن معاملة الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، نال بايدن الثناء من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، في حين أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن امتنانهم للإدارة.
وعلى العكس من ذلك، واجه التعليق المُبكر لدونالد ترامب، على الحرب ردود فعل عنيفة، إذ أثار خلافًا قديمًا مع نتنياهو، فيما وصف ترامب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بأنه "أحمق"، وجماعة حزب الله اللبنانية، التي تبادلت إطلاق النار بشكل متكرر مع إسرائيل منذ بداية الصراع، بأنها "ذكية للغاية".
وقال السيناتور ليندسي جراهام، جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، لبرنامج "لقاء الصحافة" على شبكة "إن بي سي" نيوز، في إشارة إلى تصريحات ترامب بشأن إسرائيل: "لقد كان هذا خطأً فادحًا". وعلى الرغم من أن جراهام سلط الضوء أيضًا على سياسات وإجراءات إدارة ترامب التي يعتبرها إيجابية لإسرائيل، إلا أن السيناتور الجمهوري أشاد برد فعل بايدن على الصراع.
وقال السيناتور: "أريد أن أشيد بالرئيس بايدن على بيانه القوي الداعم لإسرائيل".
وانتقدت نيكي هيلي، سفيرة ترامب السابقة لدى الأمم المتحدة، التي تتنافس معه على ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات عام 2024، تصريحاته بشدة.
وقالت هيلي، التي شغلت سابقًا منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، لشبكة "سي إن إن": "هذا يجعل أمريكا تبدو ضعيفة".
وأضافت: "هذا ليس الوقت المناسب لمهاجمة زعيم"، في إشارة إلى تصريحات ترامب بشأن نتنياهو.
وانتقد عدد من الجمهوريين الآخرين ترامب بسبب تصريحاته الأسبوع الماضي، ولا سيما إثارة المخاوف بشأن تعليقاته التي وصف فيها حزب الله بأنه "ذكي للغاية".
وفي الوقت نفسه، أظهر الاستطلاع الذي نشرته شبكة "أي بي سي" نيوز، إشارة إيجابية ملحوظة، لصالح بايدن بين الناخبين الجمهوريين.
وكشفت بيانات الاستطلاع أن تأييد الحزب الجمهوري على رد بايدن على الصراع بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، أعلى بكثير من الحد الأدنى من التأييد الذي تلقاه من الناخبين المحافظين، بشأن قضايا تشمل التضخم والعنف المسلح والسياسة الخارجية.
وبالمقارنة، أعطى ما يقرب من 18% من ناخبي الحزب الجمهوري جو بايدن، علامات إيجابية بشأن تعامله مع الصراع المتصاعد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بحسب المجلة الأمريكية.
وقال مات بروكس، رئيس الائتلاف اليهودي الجمهوري، لصحيفة نيويورك تايمز، الأسبوع الماضي: "سيبدو هذا مفاجئًا، لكن بشكل عام، أظهر الرئيس جو بايدن دعمًا هائلًا لا يتزعزع لإسرائيل في وقت حرج، لقد رأى الشعب الأمريكي والمجتمع الدولي رئيسًا يقف جنبًا إلى جنب مع إسرائيل".
وأشاد ديفيد إم فريدمان، سفير ترامب السابق لدى إسرائيل، وهو جمهوري، باستجابة بايدن للأزمة.
وكتب في منشور على منصة "إكس": "رغم من أنني كنت وما زلت أنتقد بشدة إدارة بايدن، فإن الدعم الأخلاقي والتكتيكي والدبلوماسي والعسكري الذي قدمته لإسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية كان استثنائيًا".
وتشير "نيوزويك" إلى أن دعم بايدن لإسرائيل قد يكون كافيًا لاختراق الاستقطاب السياسي، الذي يقسم الأمريكيين، وبدا أن ترامب يبذل قصارى جهده لتصحيح تعثره الأولي، إذ كرر دعمه القوي لإسرائيل، بل ودعا إلى فرض حظر على أنصار الفلسطينيين في الجامعات.