شهدت بولندا انتخابات برلمانية حاسمة أمس تحدد مسارها السياسي لسنوات مقبلة، إذ يخوض حزب القانون والعدالة القومي الحاكم، السباق وسط جدل كبير حول سياساته المثيرة للقلق بالنسبة للاتحاد الأوروبي وكييف، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الائتلاف الحاكم سيحصل على أكبر عدد من الأصوات في النتيجة التي ستعلن اليوم الأحد، لكنه يواجه صعوبة في بناء تحالف حكومي، ما يُمهد الطريق للتحالف المدني المُعارض بقيادة القائد السابق للاتحاد الأوروبي دونالد توسك، ليجد لنفسه موطئ قدم في الحكومة المقبلة.
وبدأ التصويت بالانتخابات البرلمانية في بولندا، أمس الأحد، بمشاركة نحو 29 مليون شخص، بما في ذلك نصف مليون في الخارج لانتخاب 460 نائبًا جديدًا و100 عضو بمجلس الشيوخ لفترة ولاية مدتها 4 سنوات.
وتشير صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن فوز حزب القانون والعدالة القومي الحاكم يؤدي إلى تفاقم التوترات مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، ويثير قلق الناشطين المعنيين بمستقبل حرية الإعلام وحقوق المرأة وحقوق المهاجرين، فيما قال ياروسلاف كاتشينسكي، زعيم الحزب، في تجمع حزبي أخير قبل التصويت: "نحن في الاتحاد الأوروبي ونريد البقاء هناك، لكن في إطار اتحاد من الدول الذاتية".
وأضافت الصحيفة أن الشريك الأكثر ترجيحًا لحزب القانون والعدالة الحاكم سيكون حزب الكونفدرالية اليميني المتطرف، الذي سبق وأن دعا إلى إنهاء المساعدة البولندية واسعة النطاق لأوكرانيا، وشن حملة تعتمد على برنامج مُناهض للمهاجرين.
وكانت بولندا من أبرز الداعمين لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، فيما استقبلت مليون لاجئ أوكراني منذ اندلاع الأزمة، إلا أن العلاقات بين الجانبين شهدت تذبذبًا أخيرًا، بعد حظر وارسو لاستيراد الحبوب بهدف حماية المزارعين البولنديين.
وفي تجمعه الأخير الخاص، قال توسك لأنصاره في بروسكوف: "إن حزب القانون والعدالة القومي يمتلك خططًا سرية للخروج من الاتحاد الأوروبي"، متهمًا إياهم بقيادة البلاد في الاتجاه الخاطئ.
وأضاف "هذا هو أهم يوم في تاريخ ديمقراطيتنا منذ عام 1989، سنصوّت أيضًا من أجل أن تبقى بولندا في الاتحاد الأوروبي، فبولندا هي قلب أوروبا".
وتوضح الصحيفة البريطانية أن الحزب الحاكم تعهد بالمضي قدمًا في إجراء إصلاحات مثيرة للجدل بالسلطة القضائية، معتبرًا أنها تهدف إلى القضاء على الفساد، لكن الاتحاد الأوروبي يعتبر أنها تقوض الديمقراطية.
وتتركز القضايا الشائكة في هذه الانتخابات حول عدة أمور، مثل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، حقوق المرأة، حقوق المهاجرين، وحرية الإعلام.
وأثارت سياسات الحزب الحاكم جدلاً كبيرًا في السنوات الأخيرة، وفقًا للجارديان، خاصة فيما يتعلق بإصلاحات السلطة القضائية التي يرونها بعض النقاد أنها تهدد استقلالية القضاء وتقوض الديمقراطية، فيما يعتبر الاتحاد الأوروبي هذه الإصلاحات مشكوكًا فيها وتقوم بفرض عقوبات على بولندا بسببها.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن هذا الاقتراع يُعتبر لحزب القانون والعدالة القومي الحاكم فرصة للمضي قدمًا في تنفيذ برنامجه السياسي، في حين يأمل الأشخاص الذين يدعمون توسك والمعارضة في إحداث تغييرات وتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.