ربما تبدو الإنجازات براقة للأعين، غير أنها ليست سوى قمة الجبل الجليدي، أما بقية الجبل الذي لا يُرى فهي الصعوبات التي يعيشها المرء وحده، هكذا كانت رحلة مريم صالح بن لادن، أول امرأة عربية تعبر البحر الأحمر من السعودية إلى مصر في أربع ساعات.
(حلم.. مريم)
حلم السباحة لم يأتْ لمريم بشكل مفاجئ، بل سكن بداخلها منذ أن كانت في عمر الـ11، فذات يوم كانت تجلس جوار والدتها وهي تقرأ إحدى المقالات التي تشير إلى إنجاز فتاة في عمر الـ14 عبرت القناة الإنجليزية، وقتها التفتت الأم إلى مريم قائلة: "ليش يا مريم ما تعمليها؟"، رشق السؤال في نفس مريم مُطلقًا أحلامًا وخيالات، غير أنها بعد ذلك بسنوات بعيدة حققته بالفعل.
ظل حلم السباحة لمسافات طويلة كامنًا داخل "مريم"، فبعد ذلك درست طب الأسنان بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وبعدما استقرت في عملها المهني كطبيبة أسنان، قررت الالتفات إلى حلمها القديم، إلا أن الأمر لم يكن بهذه البساطة.
(المسافات طويلة)
تحكي مريم في إحدى المقابلات التلفزيونية أنها قررت الذهاب إلى أحد مخيمات السباحة للانضمام كسبّاحة للمسافات الطويلة، غير أن الاختبار الأول الذي وقعت فيها كان صعبَا، قالت لها مدربة السباحة إن عليها اختبار قوة تحملها، وعلى مدار خمسة أيام سبحت مريم لساعات طويلة "كنت ببكي وبنهار في اليوم التالت"، لكن تحقيق الحلم كان أقوى منها، مما مكّنها من اجتياز الاختبار الصعب، بعدها نجحت "مريم" في أن تكون أول امرأة خليجية تعبر القناة الإنجليزية في 11 ساعة و41 دقيقة، وذلك في أغسطس عام 2016.
لم يكن اختبار قوة التحمل هو التحدي الوحيد الذي واجهته مريم، بل إن الأكثر صعوبة كان تحمل درجة برودة المياه الشديدة "كان يجيني شد عضلي في جسمي وأدوخ من الميه"، وبسبب ذلك أوصتها المدربة الخاصة بها بإضافة نحو ثلاثين كيلو على وزنها الطبيعي، وهو ما مثّل تحديَا قاسيًا لمريم.
(الظلام.. والرعب)
وفي كل مرة تواجه فيها السبّاحة السعودية اختبارًا جديدًا، كانت تُذكر نفسها بحلمها القديم، وبمجرد تحقيق إنجاز جديد كانت تنسى مواجهة الظلام الدامس والرعب من الحيوانات البحرية، كذلك عقلها الذي عانى كثيرًا من الأفكار السلبية التي تدفعها للانهيار خلال السباحة لمسافات طويلة، بحسب ما قالت في إحدى المقابلات.
وبالرغم من ذلك امتلكت مريم قائمة طويلة من الإنجازات، ففي عام 2015 كانت على موعد مع أول إنجازاتها، فهي أول سيدة عربية تستكمل السباق بين قارتي آسيا وإفريقيا في تحدي هيلنستون للسباحة المفتوحة في تركيا، وفي يونيو 2016 نجحت في أن تكون أول امرأة تقطع مسافة 101 ميل سباحة في نهر التايمز، بالإضافة إلى كونها أول سبًاحة تعبر خور دبي وقناة الخور المائية مجتازة مسافة 21 ميلًا في أغسطس 2017.
(رسائل البحر)
لم يقف إصرار مريم عند تحقيق إنجازات في السباحة فحسب، بل أحبّت أن تبعث للعالم رسائل محبة بتسليط الضوء على أزمة اللاجئين السوريين، حيث أقامت عيادة أسنان مجانية، في ديسمبر 2016، داخل مخيم الأزرق في الأردن، ووجهت مساعدتها تحديدًا تجاه النساء والأطفال الذي يمثلون نحو 60% من سكان المخيم، وذلك بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهيئة الطبية الدولية لعلاج الأسنان.
(النجاة من القرش)
وفي إنجازها الأخير الذي قطعت فيه مياه البحر الأحمر نحو مصر، واجهت مريم صعوبات جديدة، فقد كان في انتظارها نحو 44 نوعًا من أسماك القرش، لكنها نجحت في الإفلات منها بنجاح.