الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

سقف الغاز.. أزمة جديدة تضرب وحدة الاتحاد الأوروبي

  • مشاركة :
post-title
أزمة الغاز الأوروبي

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

أزمة جديدة تواجه الاتحاد الأوروبي بعد فشله، أمس الأربعاء، في وضع حد أقصى لسعر الغاز لمدة عام بدءًا من الأول من يناير المقبل عند 275 يورو (283 دولارًا) لكل ميجاوات/ساعة.

وتأمل المفوضية في أن يساعد هذا المقترح الدول الأعضاء على كبح أسعار الطاقة للمنازل والشركات التي وصلت إلى مستويات قياسية هذا العام بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ما أدى إلى تضخم وتفاقم تكلفة المعيشة.

ومن المتوقع أن يستمر نقاش وزراء الطاقة في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، المقترحات، اليوم الخميس، بعد أزمة رفض المقترح من بعض حكومات القارة العجوز، بذريعة "أن هذه الشروط ظالمة"، خاصة للدول الصناعية الكبرى منها هولندا وألمانيا، التي تُعدُّ أكبر اقتصاد في التكتل الأوروبي، وتتزعم المعارضة على المقترح، مشككة من جدوى هذا المقترح.

أزمة التوافق

أدَّت فكرة الحد الأقصى للسعر إلى خلافات متواصلة بين دول التكتل الأوروبي بين مؤيد ومعارض، إذ تُعد بلجيكا واليونان وإيطاليا وبولندا من بين الدول الأعلى صوتًا في المطالبة بوضع سقف لسعر الغاز، لكن ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، تصف هذا القرار بـ"المهزلة".

وقالت ألمانيا إن وضع سقف للأسعار يجعل من الصعب جذب إمدادات الغاز التي تشتد الحاجة إليها ويقلص الحوافز للحد من استهلاك الغاز، في وقت يتعين فيه على الدول تقليص الاستهلاك، والعثور على بدائل للإمدادات الروسية.

أما إسبانيا، فاتهمت حكومة مدريد، المفوضية الأوروبية بأنها "تهزأ من العالم" بمقترحها تحديد سقف موقت لسعر الغاز، مؤكّدة أنها "ستعارض ذلك بشدة".

وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريسا ريبيرا للصحافة، أمس الأربعاء، إننا "طلبنا من المفوضية الأوروبية وضع اقتراح، وفي اللحظة الأخيرة، قدّم لنا هذا الاقتراح، وهو ليس اقتراحًا"، واصفةً الآلية التي ترغب بها بروكسل بأنها "مهزلة".

وتابعت: "ما سيولده هذا الاقتراح هو عكس التأثير المنشود، وسيؤدي إلى زيادة أكبر في الأسعار، ويعرض للخطر كل سياسات السيطرة، على التضخم"، متهمةً المفوضية بأنها "تهزأ من العالم".

وأكدت ريبيرا "أعلم أن هناك استياءً شديدًا لدى أغلبية الدول الأعضاء تجاه هذا الاقتراح"، مشيرة إلى أن مدريد ستعارض هذه الآلية خلال اجتماع وزراء الطاقة الأوروبي المقرر عقده اليوم الخميس.

الآلية المقترحة

واقترحت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وضع سقف لأسعار المشتقات في تعاقدات شهر ديسمبر في بورصة (TTF) التي مقرها هولندا، وهي معيار للأسعار في أوروبا.

وجاء في وثائق للمفوضية أن تطبيق سقف الأسعار سيبدأ إذا تجاوز سعر التسوية في بورصة (TTF) لتعاقدات الشهر المقبل 275 يورو للميجاوات/ساعة لمدة أسبوعين، وإذا كانت أسعار (TTF) أعلى بمقدار 58 يورو عن السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال لمدة 10 أيام تداول متتالية في غضون أسبوعين.

وحال استوفيت هذه الشروط، فلن تقبل أي صفقات أعلى من السقف المحدد.

ولن يؤثر ذلك في التجارة خارج البورصة التي قالت المفوضية إنها صمام أمان لعمليات التسليم الحيوية، بينما لن تستحوذ على الأرجح على أي حصة كبيرة من التجارة.

وهو شرط يُعدُّ ضروريًا لتبقى أوروبا مهمة بما يكفي للسفن التي تنقل الغاز الطبيعي المسال، وربما تجد زبائن آخرين بسهولة في آسيا.

ويناقش الوزراء في اجتماعه اليوم، صيغة الحد الأقصى ومستوى سقف الأسعار، بالإضافة إلى حجم الفجوة بين سعر بورصة (TTF) وأسعار الغاز الطبيعي المسال العالمية.

خسائر متوقعة

ووفق صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية، فإن التجار الأوروبيين سيتكبدون خسائر تقدر بـ33 مليار دولار، إذا تبنى الاتحاد الأوروبي خطة لتحديد سقف لأسعار الغاز.

وأشارت الصحيفة، نقلًا عن بورصة ICE، إلى أن المنتجين والتجار الذين يعتمدون على مركز الغاز الهولندي "TTF" يواجهون زيادة بنسبة 80% في مدفوعات التأمين لضمان صفقاتهم. وأكدت أن مثل هذه الزيادة الكبيرة يمكن أن "تزعزع استقرار السوق".

وبحسب بورصة ICE فإن "تحديد سقف لسعر الغاز سيؤدي إلى زيادة مخاطر الصفقات، ما سيجبرها على طلب مزيد من الأموال كضمانات مدفوعة مسبقًا من التجار".

وأشارت إلى أن تقييم البورصة البالغ 33 مليار دولار يغطي الهامش الأولي، الذي يحمي الأطراف المقابلة من مخاطر التخلف عن السداد، وهامش التغير، الذي يغطي التقلبات في أسعار السوق اليومية.

أزمات جديدة

كتب اتحاد بورصات الطاقة الأوروبية (يوروبكس) إلى المفوضية قائلًا إن الخطة تشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار المالي والإمدادات في أسواق الطاقة الأوروبية.

وقال يوروبكس، وفق بيانه الصادر أمس الأربعاء، إن الحد الأقصى يؤدي إلى توقف المرافق العامة عن الشراء والبيع، فيما يسمى التحوط، لإنتاجها من الغاز واستهلاكها، ويدفعها أكثر نحو التداول خارج البورصة دون الخضوع لسقف معين، ما يفاقم مخاطر الطرف المقابل.

وقالت يوروبكس إن الحد الأقصى يجعل من الصعب على المرافق جذب إمدادات الغاز الطبيعي المسال.

الحل المؤقت

بالرغم من أن الحل الأوروبي اتخذ حتى يكون حلًا مؤقتًا، فإن المفوضية الأوروبية تتجه للبحث عن معيار بديل أكثر استدامة لأسعار الغاز، وطلبت من منظمي الطاقة في التكتل تدشين هذا المعيار بحلول 31 مارس 2023.

وتاريخيًا، استخدم سعر الغاز في بورصة (TTF) معيارًا لتوصيل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. لكن الانخفاض الكبير في إمدادات الغاز الروسي على مدار العام الجاري، جعل أسعار البورصة متقلبة بشدة، وأكثر كلفة غالبًا من أسعار الغاز الطبيعي المسال في المناطق الأخرى.

وتوضح بروكسل أنه يتعين وضع مؤشر جديد نظرا لأن (TTF) تسترشد بإمدادات خطوط الأنابيب، ولم تعد تُمثل سوقًا تحتوي على مزيد من الغاز الطبيعي المسال.

واقترحت مصادر أن الصناعة يجب أن تطور معيارًا جديدًا لنفسها. وسيتوقف نجاحه على مدى استخدام صناعة الغاز له.

يذكر أن المفوضية الأوروبية اقترحت سابقًا وضع سقف لسعر الغاز الروسي في سبتمبر الماضي، كعقوبة أخرى تنضم إلى سلسلة العقوبات الغربية على روسيا، لكنها تخلت عن الفكرة بعد مقاومة من دول وسط وشرق أوروبا التي شعرت بالقلق من احتمال أن ترد موسكو بقطع الغاز الذي ما زالت ترسله إليها.

واعتمدت أوروبا على روسيا للحصول على ما يقرب من 40% من احتياجاتها من الغاز قبل الأزمة الروسية الأوكرانية. وانخفضت هذه الحصة إلى نحو 8% مع قطع روسيا الإمدادات عن أوروبا.

وفي خطوة استباقية، وقبل اجتماع وزراء الطاقة الأوروبيين لبحث أزمة سقف الغاز، بادرت شركة "غاز بروم" المملوكة للحكومة الروسية، اليوم الخميس، بأنها ستخفض إمداداتها المرسلة من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا بدءًا من الأسبوع المقبل، في وقت تتراجع فيه درجات الحرارة بقوة خلال الشتاء، إذ تبدأ الدول الأوروبية في استخدام مخزوناتها من الغاز للتدفئة.

وتُعد صادرات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، هي آخر مسارات تصدير الغاز من روسيا إلى أوروبا الشرقية، إذ خفّضت موسكو إمدادات الغاز إلى القارة العجوز منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في فبراير الماضي، وتراجعت بشكل حاد قبل أن تتوقف تمامًا عبر خط "نورد ستريم 1" نهاية أغسطس الماضي.

وقالت "غازبروم" إن بعض إمدادات الغاز التي من المقرر أن تصل إلى مولدوفا تظل في أوكرانيا، وأشارت إلى أنها ستحد من أحجام الغاز التي تمر عبر أوكرانيا، بدءًا من 28 نوفمبر الحالي، بما يتفق مع كميات الغاز التي لا تصل إلى عملاء مولدوفا.