تشهد منطقة المحيطين الهندي والهادئ - الإندوباسيفيك- توترات وصراعات نتيجة محاولة أمريكا -التي تشعر أن الصين تهدد نفوذها في المنطقة- كبح نفوذ بكين وعرقلة تقدمها عن طريق تشكيل تحالف ثلاثي يضم اليابان وكوريا الجنوبية، وإقامة اتفاقية مع أستراليا لصناعة الغواصات النووية، وهو ما رفضته الصين بكل المقاييس واعتبرته تهديدًا لسيادتها، وتقويض لاستقرار المنطقة.
ووسط تلك التوترات والصراعات المتشابكة، كشف سفير كوريا الجنوبية لدى اليابان يون دو كمين، أن هناك محاولات لعقد قمة ثلاثية بين "بكين وطوكيو وسول" هذا الشهر، لبحث إنهاء الخلافات وتعزيز التعاون المشترك.
وتوقفت هذه المحادثات منذ عام 2019 بسبب جائحة كورونا، فيما تسعى كوريا الجنوبية لإحيائها، ووفقًا لـ"يون دو كمين"، فإن هناك محادثات "على مستوى عالٍ" جارية لإجراء قمة ثلاثية مع الصين في هذا العام، وأضاف أنها لن تؤثر على علاقاتها مع الولايات المتحدة، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
وقال "يون" في مقابلة، إن هذه المحادثات تسير بشكل جيد، وأشار إلى أن "تأثير كامب ديفيد" دفع الصين للتواصل مع جيرانها، وأضاف أن القمة مع بكين لن تضر بالعلاقات مع واشنطن بعد اللقاء التاريخي معها. ومن المقرر أن يجتمع كبار المسؤولين من الدول الآسيوية الثلاث في سول في 26 من الشهر الجاري.
هل تستطيع طوكيو وسول الاستغناء عن بكين؟
ويرى تشنج شيزونج، الأستاذ الزائر بجامعة الجنوب الغربي للعلوم السياسية والقانون الصينية، في تصريحات خاصة لـ"القاهرة الإخبارية"، أن "اليابان وكوريا الجنوبية لن تستطيعا الاستغناء عن الصين".
وقال "تشنج" إن الصين واليابان وكوريا الجنوبية دول جوار وشركاء مهمون، وإن تعزيز التعاون بينهم يتوافق مع المصالح المشتركة.
وأشار إلى أن الدول الثلاث تتعاون بشكل وثيق منذ عقود، ومن خلال التعاون مع الصين، حققت اليابان وكوريا الجنوبية "ثروة ضخمة".
وأكد أيضًا أنه في الـ45 عامًا التي مرت منذ إصلاحات الصين وانفتاحها عام 1978، لعبت التكنولوجيا ورأس المال من اليابان وكوريا الجنوبية دورًا مهمًا في سوق الصين، لذا فإن التعاون المتبادل يجلب فوائد لجميع الأطراف.
وأضاف: "مقارنة بالصين، تعتبر اليابان وكوريا الجنوبية دولًا صغيرة، ومن الصعب تخيل أن اقتصاداتها ستستمر في الازدهار بدون سوق الصين الضخمة"، وفي نفس الوقت تأمل بكين في مواصلة تعزيز وتطوير علاقات التعاون مع البلدين.
وتابع: "لا يمكن لليابان وكوريا الجنوبية أن تحافظا على علاقات التعاون الاقتصادي مع الصين في نفس الوقت اللتين تفعلان فيه أشياءً تضر بمصالح الصين في مجال الأمن".
وأشار إلى أن حكومات اليابان المتعاقبة وحكومة كوريا الجنوبية الحالية تأمل في الحصول على فوائد اقتصادية من الصين، في حين أنها تعزز علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة بشكل كامل، لمواجهة الصين استراتيجيًا.
وأوضح "تشنج"، أن تطوير اليابان وكوريا الجنوبية خطط التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، وتعزيز واشنطن انتشارها العسكري في اليابان ضد بكين، ونشر صواريخ "ثاد" الأمريكية في كوريا الجنوبية لمواجهة الصين، بالإضافة صرف مياه محطة فوكوشيما النووية في البحر بدعم من الولايات المتحدة، رغم معارضة بكين والعديد من الدول، فكل هذا من شأنه أن يؤثر على شراكة اليابان وكوريا الجنوبية مع الصين.
تعليق الصين على "كامب ديفيد"
ومن جهتها، أعربت الصين عن غضبها بعد عقد الرئيس الأمريكي، جو بايدن في أغسطس الماضي، قمة "كامب ديفيد" مع رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، والرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، وقالت إنها محاولة متعمدة لزرع الفتنة بين الدول الآسيوية.
وانتقدت الصين أيضًا الولايات المتحدة وحلفاءها لمحاولتهم حظر وصول بكين إلى شرائح الكمبيوتر المتطورة، وفرض قيود تجارية وعقوبات على شركات صينية. حسبما ذكرت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية.
وأعلنت اليابان في وقت سابق، حظر تصدير بعض تقنيات أشباه المواصلات إلى الصين، بعد أيام قليلة من فرض أمريكا أيضا قيود على حصول بكين على الرقائق الإلكترونية خوفا من استخدامها في الصناعات العسكرية.