يتصارع العالم مع أزمة الغذاء المتفاقمة الناجمة عن تغير المناخ وموجات الحر والجفاف والفيضانات والصراعات الجيوسياسية، ولمعالجة هذه الأزمة، يجب أن يركز قادة العالم ليس فقط على مصادر الغذاء البرية، ولكن أيضًا على النُظُم البيئية البحرية وأنظمة المياه العذبة، التي غالبًا ما يتم تجاهلها وعدم تقديرها، والتي يشار إليها مجتمعة باسم "الأطعمة الزرقاء".
مجموعة الأطعمة الزرقاء
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تشمل الأطعمة الزرقاء مجموعة واسعة من المنتجات البحرية ومنتجات المياه العذبة، بما في ذلك الأسماك، مثل التونة وسمك القد والجمبري والأعشاب البحرية، على الرغم من مساهمتها الكبيرة في التغذية والاقتصادات في جميع أنحاء العالم، إلا أن الأطعمة الزرقاء تحظى باهتمام سياسي وتمويل محدود مقارنة بمصادر الغذاء البرية.
وتعتبر "الأطعمة الزرقاء" ضرورية لسبل عيش أكثر من 800 مليون شخص، وهي من بين السلع العالمية الأكثر تداولًا، فهي توفر مصدرًا حاسمًا للبروتين الحيواني، والمغذيات الدقيقة الحيوية، والهُوية الثقافية لما يقرب من نصف سكان العالم، ومع ذلك، فإن استدامة إنتاج هذا الغذاء معرض للخطر.
وتابعت المجلة أن ما يقرب من 92٪ من الأسماك التي يتم صيدها في البرية تأتي من المخزونات التي تعرضت للصيد الجائر بالفعل أو لا يمكنها تحمل ضغوط الصيد الإضافية، كما انخفضت أعداد أسماك المياه العذبة المهاجرة بمعدل 76% منذ عام 1970، ومع توقع تضاعف الطلب على الأطعمة الزرقاء بحلول عام 2050، هناك عدم توافق متزايد بين العرض والطلب.
وفي حين أن تربية الأحياء المائية يمكن أن تساعد في تكملة مصايد الأسماك، إلا أنها لا تستطيع التعويض بشكل كامل عن انهيار أعداد الأسماك البرية.
الصراعات على الموارد البحرية
وأشار التقرير إلى أن الصراعات على الموارد الطبيعية البحرية آخذة في الارتفاع، مع أكثر من 150 صراعًا دوليًا على مصايد الأسماك شاركت فيها جيوش منذ تسعينات القرن الماضي، وتسعى الصين -القوة الأكبر في مجال صيد الأسماك في العالم- بنشاط للوصول إلى إمدادات المأكولات البحرية العالمية والسيطرة عليها، باستخدام الوسائل التشريعية والاقتصادية والعسكرية، بينما شهد القرن الإفريقي أكثر من 600 صراع يتعلق بمصائد الأسماك، مما أدى إلى انقطاع سبل العيش والقرصنة وتهديدات الأمن البحري.
تأثيرات تغير المناخ
يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه التحديات، مما يؤثر على تكاثر الأسماك ويجبر الأنواع على الهجرة، مما يؤدي إلى التنافس على الموارد بين المجتمعات والبلدان، كما تؤدي الصراعات الصغيرة النطاق على مصايد الأسماك إلى زعزعة استقرار المناطق الساحلية، مما يساهم في الجريمة وانعدام الأمن الغذائي والفقر.
استراتيجيات الحل
ولمعالجة هذه القضايا، يمكن اعتماد عدة استراتيجيات، منها تحسين البيانات وأنظمة الإنذار المبكر لتحديد ضغوط الصراع في المستقبل، مع تطبيق أسس شاملة تعطي الأولوية للشعوب الأصلية الساحلية والمجتمعات المحلية، وكذلك إدارة مصايد الأسماك القائمة على العلم والتي تأخذ في الاعتبار آثار تغير المناخ، بالتزامن مع توسيع نطاق تربية الأحياء المائية للأنواع غير آكلة اللحوم، والتوريد المسؤول من قبل شركات المأكولات البحرية لتشجيع الممارسات المستدامة، علاوة على تعزيز الاتفاقيات الدولية.