تشهد تجارة الأسلحة العالمية تحولات كبيرة، حيث يتحدى مصدرو الأسلحة الناشئون هيمنة اللاعبين الرئيسيين التقليديين، ورغم أن الدول الخمس الأكبر في تجارة الأسلحة على مستوى العالم "الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين، وألمانيا"، لا تزال تشكل الجزء الأكبر من صادرات الأسلحة العالمية، إلا أنه بحسب مجلة "إيكونومست" البريطانية، يكتسب اللاعبون الجدد زخمًا، كما يستفيد منتجو الأسلحة الناشئون من التغيرات الجيوسياسية ويستفيدون من الأزمة الروسية في أوكرانيا.
كوريا الشمالية وروسيا:
سلطت زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون إلى روسيا لإجراء مفاوضات بشأن الأسلحة الضوء على المشهد المتطور لمبيعات الأسلحة، وتتجه روسيا، التي تواجه عقوبات دولية، إلى كوريا الشمالية للحصول على معدات عسكرية، وذلك بحسب المجلة البريطانية، وتحرص كوريا الشمالية على العثور على مشترين لمعداتها العسكرية، ويرى كلا البلدين مزايا في تعاونهما بسبب وضعهما المشترك.
وتتمتع كوريا الشمالية بالقدرة على إنتاج مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ ومدافع الهاوتزر ذاتية الدفع وأنظمة الصواريخ، ويعد هذا التعاون بمثابة شهادة على الديناميكيات المتغيرة لتجارة الأسلحة، مدفوعة بالعوامل الجيوسياسية.
كوريا الجنوبية:
كانت صناعة الأسلحة في كوريا الجنوبية في ارتفاع حتى قبل الأزمة الأوكرانية، وقد صعدت إلى المركز التاسع في صادرات الأسلحة العالمية، وتهدف إلى أن تصبح رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم بحلول عام 2027.
وفي عام 2022، باعت كوريا الجنوبية أسلحة بقيمة 17 مليار دولار، ذهب جزء كبير منها إلى بولندا، وتشمل الصفقة الكورية الجنوبية البولندية 1000 دبابة K2 Black Panther، و672 مدفع هاوتزر ذاتي الدفع K9 Thunder، و288 قاذفة صواريخ متعددة K239 Chunmoo، و48 طائرة مقاتلة من طراز Golden Eagle FA-50. وتُظهر هذه الصفقة القدرة التنافسية لكوريا الجنوبية، والأسلحة عالية الجودة، وقدرات الإنتاج الفعالة.
ويمكن أن يعزى نجاح الأسلحة في كوريا الجنوبية إلى الأسعار التنافسية، والمنتجات عالية الجودة، والتسليم السريع، والدعم الحكومي، والترتيبات الائتمانية المواتية، كما أن علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، تجعلها شريكًا جذابًا للدول الأخرى التي تتطلع إلى تنويع مصادر معداتها الدفاعية.
تركيا:
تركيا هي مصدر ناشئ آخر للأسلحة، وقد استثمرت بشكل كبير في صناعتها الدفاعية. وبين عامي 2018 و2022، زادت صادراتها من الأسلحة بنسبة 69%، وتضاعفت حصتها في سوق الأسلحة العالمية، وكانت الطائرات المسلحة بدون طيار، مثل Bayraktar TB2، من الصادرات المهمة لتركيا، حيث اشترتها أكثر من 20 دولة، وأصبحت صادرات الأسلحة التركية جذابة بشكل متزايد لدول الخليج مثل المملكة العربية السعودية وقطر وعمان والإمارات العربية المتحدة، التي تبحث عن بدائل للموردين الغربيين.
وتشمل خطط تركيا المستقبلية سفنًا بحرية مجهزة بطائرات بدون طيار وتطوير طائرة كان، وهي طائرة مقاتلة من الجيل الخامس. وتسلط هذه المبادرات الضوء على طموحات تركيا في أن تصبح مصدرًا بارزًا للأسلحة.
التحديات التي تواجه اللاعبين الأساسيين:
يواجه مصدرو الأسلحة الأساسيون مثل روسيا والصين تحديات، فقد انخفضت صادرات روسيا من الأسلحة بسبب ضغوط الأزمة في أوكرانيا، والعزلة الجيوسياسية، وانخفاض اعتماد العملاء الرئيسيين مثل الهند والصين على الأسلحة الروسية، كما خفضت الهند، التي كانت ذات يوم أكبر عميل لروسيا، مشترياتها من الأسلحة، مشيرة إلى مشاكل تتعلق بقطع الغيار التي توفرها روسيا.
كما واجهت الصين، على الرغم من كونها مصدرًا رئيسيًا للأسلحة إلى باكستان، تحديات تتعلق بجودة ودعم طائراتها المسيرة، فضلًا عن ذلك فإن سلوك الصين الحازم في منطقة جنوب شرق آسيا كان سببًا في ردع العملاء المحتملين.
الهند:
كان نمو الهند كدولة مصدرة للأسلحة بطيئًا، في ظل العديد من التحديات، بما في ذلك الروتين المفرط، وتأخر المشاريع، ورداءة الجودة، علاوة على أن اعتماد الهند على نقل التكنولوجيا من روسيا فشل في كثير من الأحيان في تحقيق النتائج، وعلى الرغم من الأهداف الطموحة، إلا أن الهند لا تزال متأخرة عن التحول إلى مصدّر للأسلحة.
وأنهت المجلة البريطانية تحليلها بأن تجارة الأسلحة العالمية طالتها تغيرات كبيرة، مع اكتساب مصدري الأسلحة الناشئين مثل كوريا الجنوبية وتركيا المزيد من الأرض، كما تقدم هذه البلدان أسعارًا تنافسية ومنتجات عالية الجودة وتسليمًا فعالًا، ما يجذب المشترين الباحثين عن بدائل للموردين التقليديين، بينما يواجه مصدرو الأسلحة التقليديون مثل روسيا والصين تحديات بسبب العوامل الجيوسياسية وتغيير تفضيلات العملاء.