تواجه اليابان تحولًا ديموجرافيًا عميقًا مع مجتمع يشيخ بسرعة، حيث كشفت البيانات الحكومية الأخيرة أن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عامًا فما فوق يشكلون الآن أكثر من 10% من سكان اليابان، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الوصول إلى هذا الرقم، ويشكل هذا الارتفاع في عدد السكان المسنين، والذي زاد بمقدار 270 ألف شخص عن العام السابق، تحديات كبيرة للبلاد، وذلك بحسب صحيفة "جابان تايمز".
اليابان تحتل المرتبة الأولى عالميًا في نسبة كبار السن
ويمتد اتجاه الشيخوخة إلى أبعد من ذلك، حيث يتم تصنيف الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق على أنهم كبار السن في اليابان، ويشكلون 29.1% من إجمالي السكان، أي ما مجموعه 36.2 مليون فرد، وهذه النسبة هي الأعلى على مستوى العالم، متجاوزة إيطاليا وفنلندا، حيث يُشكل كبار السن 24.5% و23.6% من سكانهما.
تزايد عدد الأفراد الذين تجاوزوا سن السبعين
وتابعت الصحيفة أنه يوجد تفاوت ملحوظ بين الجنسين بين كبار السن في اليابان، حيث تشكل النساء 56.6% من السكان المسنين، ويعزو هذا الاختلاف إلى حد كبير إلى متوسط العمر المتوقع الأطول للنساء، ومن الأرقام الأخرى الجديرة بالذكر هي أن نسبة الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا فما فوق، والتي تبلغ الآن 16.1% من إجمالي السكان، وهو ما يتجاوز 20 مليون شخص لأول مرة، ويُمكن أن تعزو هذه الظاهرة جزئيًا إلى جيل طفرة المواليد في فترة ما بعد الحرب، الذين ولدوا بين عامي 1947 و1949، وبلغوا سن 75 عامًا.
كبار السن في اليابان يظلون في سوق العمل
وعلى الرغم من أعمارهم، لا يزال جزء كبير من المواطنين اليابانيين كبار السن في القوى العاملة، حيث سيتم توظيف 25.2% منهم في عام 2022، ويمثل هذا العام التاسع عشر على التوالي من النمو في عدد الأفراد المسنين العاملين، حيث وصل إلى رقم قياسي بلغ 9.12 مليون، أي ما يعادل 13.6% من إجمالي القوى العاملة في البلاد. ويوظف قطاعا الجملة والتجزئة أكبر مجموعة من العمال المسنين، يليهما قطاعا الخدمات والرعاية الطبية، واللافت أن غالبية هؤلاء العمال المسنين يعملون في وظائف غير منتظمة، مثل العمل بدوام جزئي أو بموجب عقد، وهو ما يمثل 76.4% من الإجمالي، وعلى مدى العقد الماضي، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد العمال المسنين غير النظاميين، مع إضافة 2.26 مليون من هؤلاء العمال.
التوقعات المستقبلية لاتجاه الشيخوخة في اليابان
وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يستمر اتجاه الشيخوخة في اليابان. ووفقًا للمعهد الوطني لبحوث السكان والضمان الاجتماعي، فمن المتوقع أن تصل نسبة كبار السن إلى 34.8% بحلول عام 2040، ويُشكل هذا التحول الديموجرافي تحديًا متعدد الأوجه لليابان. ويتعين على الحكومة أن تعالج الأثر الاقتصادي الناجم عن انخفاض عدد السكان، في حين تعمل في الوقت نفسه على تلبية الاحتياجات المتزايدة لمواطنيها المسنين، الذين يعيش العديد منهم بمفردهم ويحتاجون إلى دعم شخصي.
تحديات متعددة تواجه اليابان بسبب التغيرات الديموجرافية
وقد ساهم ارتفاع نفقات الضمان الاجتماعي في زيادة عبء الديون الهائل على اليابان، كما أدى النقص في عدد الشباب إلى خلق فجوات في العمالة في مختلف الصناعات، وخاصة في رعاية المسنين. وشدد رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، على ضرورة اتخاذ تدابير جذرية لمنع البلاد من فقدان قدرتها على العمل بفعالية.
جهود لزيادة معدل الولادات وقبول العمال المهاجرين
وقد أثبتت الجهود المبذولة؛ لتعزيز معدل المواليد عدم فعاليتها، وتظل اليابان حذرة بشأن قبول تدفق أعداد كبيرة من العمال المهاجرين للتعويض عن النقص في العمالة. وفي العام الماضي، انخفض عدد الولادات في اليابان إلى أقل من 800 ألف للمرة الأولى منذ أكثر من قرن، كما تظهر تحديات ديموجرافية مماثلة في أجزاء أخرى من آسيا، حيث من المتوقع أن تصبح كوريا الجنوبية الدولة الأكثر شيخوخة في العالم في السنوات المقبلة، بينما تشهد الصين أول انخفاض سكاني لها منذ ستة عقود.