الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انعكاسات إيجابية.. ما المردود الاقتصادي لقرارات الرئيس المصري الأخيرة؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس المصري في بني سويف

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

أطلق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في السادس عشر من سبتمبر الجاري، مجموعة من القرارات المهمة أثناء افتتاحه عددا من المشروعات الخدمية في قرية "سدس الأمراء" بمحافظة بني سويف، الواقعة شمال صعيد مصر، وجاءت هذه القرارات في محاولة لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين المصريين، التي نتجت عن جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت على اقتصاديات العالم أجمع.

في ضوء ما سبق؛ يتناول هذا التحليل القرارات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس المصري، وتوضيح التكلفة التي ستتحملها ميزانية الدولة المصرية في سبيل تحقيق هذه الأهداف، وانعكاساتها على المواطن، مع التطرق إلى النماذج الإقليمية.

قرارات استراتيجية:

اتخذ الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مجموعة من القرارات المهمة خلال افتتاحه عددًا من المشروعات بمحافظة بني سويف، أهمها:

(*) زيادة علاوة غلاء المعيشة: اتخذ الرئيس المصري قرارًا بزيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، على أن تصبح "600 جنيه" بدلًا من "300 جنيه"، لجميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال العام والقطاع العام، وقد عكس هذا القرار سعي الرئيس عبدالفتاح السيسي لرفع عبء ارتفاع الأسعار عن المواطنين المصريين، وتقليل استنزافها للدخل الشخصي للمواطن.

(*) زيادة الحد الأدنى لإجمالي الدخل: استكمالًا لتحقيق هدف رفع عبء ارتفاع الأسعار عن المواطن المصري، اتخذ الرئيس السيسي قرارًا برفع الحد الأدنى لإجمالي الدخل حتى الدرجة السادسة من "3500" إلى "4000" جنيه، لجميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، وفقًا لمناطق الاستحقاق.

(*) رفع حد الإعفاء الضريبي: اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارًا بغرض تقليل الاستقطاعات الضريبية من دخل فئة كبيرة من المواطنين، إذ تم رفع حد الإعفاء الضريبي من "36" ألف جنيه إلى "45" ألف جنيه، أي بنسبة 25%، وهو ما يعكس استفادة عدد كبير من المواطنين من جزء كبير لدخلهم الشخصي، حتى يتم استخدامه في الوفاء باحتياجاتهم اليومية، الأمر الذي يعمل على دعمهم في مواجهة غلاء المعيشة، الذي تسببت فيه الأزمات المنتشرة على مستوى العالم.

جانب من مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بمحافظة بني سويف

(*) دعم أصحاب المعاشات: يهتم الرئيس المصري بهذه الفئة اهتمامًا كبيًرا منذ توليه رئاسة البلاد، وذلك من خلال تطبيق زيادات دورية لهم، إذ تمت زيادة المعاشات بنسبة 50% من عام 2018 حتى يونيو 2021، بتكلفة بلغت 77.5 مليار جنيه، وفي أبريل 2022 تمت زيادة المعاشات بنسبة 13% بتكلفة 38.400 مليون جنيه سنويًا، وفي مارس 2023 وجه السيسي برفع المعاشات بنسبة 15%، وأخيرًا جاء قرار مُضاعفة المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، لتصبح 600 جنيه بدلًا من 300 جنيه، بما يشمل 11 مليون مواطن.

(*) دعم المزارعين: دعمت القيادة السياسية المصرية المزارع بشكل كبير، عبر مجموعة من القرارات والتي تمثلت في توجيه البنك الزراعي بإطلاق مبادرة؛ للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين، من الأفراد الطبيعيين المتعثرين مع البنك قبل أول يناير 2022، بالإضافة إلى إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، لـ"الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية" حتى نهاية 2024، بهدف دعم جهود التوسع في الرقعة الزراعية بإضافة 3 ملايين فدان تساهم في توفير أكثر من 1.5 مليون فرصة عمل.

(*) زيادة بدل التكنولوجيا: إن حرص الرئيس السيسي على دعم الصحفيين المصريين، وزيادته بدل التكنولوجيا، يؤكد على اهتمامه بالصحافة الورقية وضرورة استمرارها. وتوجيهه بسرعة تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا، للصحفيين المُقيدين بالنقابة، وفقًا للمُخصصات بذات الشأن في الموازنة العامة، دلالة على رغبته في بقاء واستمرار دور الصحافة المصرية كمراقب لمؤسسات الدولة وحلقة وصل بين المواطن وصانع القرار.

تكلفة القرارات:

تتحمل ميزانية الدولة المصرية تكاليف كبيرة لدعم المواطنين المصريين في الأزمة الاقتصادية الراهنة، وسيتم توضيح تكاليف القرارات الأخيرة على النحو التالي:

(&) تكلفة علاوة غلاء المعيشة: تشمل هذه العلاوة عددا كبيرا من المواطنين المصريين، من العاملين في الجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، وهو ما يوضح التكلفة الكبيرة التي ستتحملها الدولة المصرية في سبيل تنفيذ هذا القرار، فكما يوضح الجدول رقم (1) فإن التكلفة التي كانت تتحملها ميزانية الدولة قُدرت بحوالي 1.3 مليار جنيه، والتي سترتفع بعد قرارات الرئيس المصري الأخيرة إلى 2.5 مليار جنيه.

جدول (1) يوضح تكلفة علاوة غلاء المعيشة على ميزانية الدولة المصرية

(&) تكلفة دعم أصحاب المعاشات: إن قرار الرئيس المصري بمُضاعفة المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات إلى 600 جنيه، سيترتب عليه مضاعفة التكلفة التي تتحملها الميزانية العامة للدولة، فوفقًا لما يشير إليه الجدول رقم (2)، فإن التكلفة سترتفع من 3.3 مليار جنيه إلى 6.6 مليار جنيه.

جدول (2) يوضح تكلفة المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها

(&) فقد جزء من الإيرادات الضريبية: إن تكلفة قرار رفع حد الإعفاء الضريبي، تتمثل في خسارة الميزانية لجزء من الإيرادات الضريبية التي كانت تحصلها قبل اتخاذ هذا القرار، إذ إنه وفقًا لهذا القرار تم إعفاء نسبة لا يُستهان بها من العاملين بالدولة من دفع الضرائب على الدخل.

وعليه، يُمكن القول إن الدولة المصرية ستتحمل تكاليف مرتفعة لضمان تحقيق حياة كريمة للمواطنين، ولكن بالتأكيد أنه وفقًا لنموذج التكلفة والمنفعة، فإن هذه التكلفة ستُقابلها منافع إيجابية عديدة للمواطن المصري، تُعينه على مواجهة الظروف الاقتصادية الراهنة.

حدود الاستفادة:

تتميز البرامج المختلفة في جميع الدول بأنها عملية تبادلية، إذ تستفيد الدول المختلفة من بعضها البعض في العديد من برامج التنمية، كما هو الحال في التجربة المصرية، وهو ما سيتم توضيحه على النحو التالي:

(#) البُعد الدولي: برامج الحماية الاجتماعية المصرية يغلب عليها الطابع الدولي بشكل كبير، إذ استفادت مصر من التجارب الدولية في هذا الشأن، فقد اهتم الاتحاد الأوروبي بالقطاع الزراعي بشكل مُتزايد وتقديم المساعدات المالية له، وهو ما ظهر في توجه الدولة المصرية في الفترة الأخيرة وفي قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي أعطت القطاع الزراعي قسطًا كبيرًا من الدعم والمساعدة من الدولة، وخاصة صغار المزارعين فيه؛ لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة الصادرات الغذائية للدول المختلفة.

ومن ناحية أخرى تتميز المبادرات الاجتماعية المختلفة للدولة المصرية بالشراكة الجادة مع المنظمات الدولية الكبرى، إذ تُعد المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" من نماذج الشراكة الناجحة مع الأمم المتحدة؛ من أجل تحسين المستوى المعيشي للمجتمعات والفئات المستهدفة بقرى الريف المصري.

وعليه يُمكن القول إن المبادرات الاجتماعية وبرامج الحماية المصرية تعمل على تعزيز الدور الدولي لمصر، من خلال نقل التجربة الناجحة للمبادرة إلى دول العالم بعد الشراكة الدولية مع مصر في إطار المبادرة، إذ أشار الممثل المُقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، أليساندرو فراكاسيتي، إلى أن مبادرة "حياة كريمة" من أنجح المشروعات القومية على مستوى العالم التي تهتم بتحسين مستوى معيشة ملايين المواطنين في القرى المُستهدفة.

(#) البُعد الإقليمي: تتميز الدولة المصرية بأنها من أكبر الدول إنفاقًا على برامج الحماية الاجتماعية على مستوى القارة الإفريقية، فقد نقلت مصر تجربتها الرائدة في شبكات الأمان الاجتماعي للدول الإفريقية بشكل متسق ومتكامل، وهو ما يتضح عندما زار وفد "الآلية الإفريقية لمراجعة النظراء" مصر في عام 2019؛ للتعرف على الخطوات التي اتخذتها مصر لحماية الفئات المُهمشة، وقد قرر الوفد عرض تقرير التقييم الذاتي على القمة التالية للآلية على هامش أعمال قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا فبراير 2020 للاستفادة من التجارب الناجحة للدولة المصرية، وهو الأمر الذي يدل على محاكاة الدول الإفريقية للنموذج المصري في الحماية الاجتماعية.

المردود الاقتصادي:

تحمل قرارات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي العديد من المنافع الاقتصادية على المواطنين المصريين، وهو ما يمكن الإشارة إليه في النقاط التالية:

(-) زيادة مرونة الدخل: إن القرارات الرئاسية الخاصة برفع حد الإعفاء الضريبي عن العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، يعمل على زيادة مرونة الدخل في مواجهة ارتفاع الأسعار، أي سترتفع كمية السلع والخدمات التي يستطيع المواطن الحصول عليها من خلال دخله الشخصي.

(-) زيادة الحماية الاجتماعية: إن إيلاء الدولة المصرية متمثلة في قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي، اهتمامًا كبيرًا بأصحاب المعاشات والعمل على تقديم الزيادات المستمرة للمبالغ النقدية المُقدمة لهم، بالإضافة إلى دعم مستفيدي "تكافل وكرامة" الذي يُمثل أكبر نموذج للحماية الاجتماعية، طبقته الدولة المصرية بكل كفاءة وفعالية، سيعمل على مد شبكة الحماية الاجتماعية في المجتمع المصري، وهو ما سيترتب عليه رفع العبء الاقتصادي عن فئة كبيرة من المواطنين.

(-) دعم القطاع الزراعي: جاءت القرارات داعمة بشكل أساسي للقطاع الزراعي المصري، باعتباره حجر الأساس لتحقيق استقرار أسعار السلع الغذائية في مصر، إذ إن دعم صغار الفلاحين وإعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات التأخير، يعمل على استدامة المنظومة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي بشكل كبير، ومن هنا تحقيق انخفاض الأسعار في الأسواق المصرية، مما يرفع عبئًا كبيرًا عن المواطن المصري.

(-) الحد من مستويات الفقر: إن مساندة الدولة للمواطن في وجود الأزمات الاقتصادية، تحد من وقوعه أسفل خط الفقر أو عليه، إذ إن السيناريو المُحتمل لوجود زيادة كبيرة في الأسعار مع ثبات مستوى الدخول، هو زيادة أعداد الفقراء بشكل كبير، ولكن مع تحمل الدولة تكاليف كبيرة في سبيل توفير حياة كريمة للمواطنين، ستنخفض مستويات الفقر تدريجيًا، أو على الأرجح ستظل كما هي، مما يُحقق الاستقرار في مستوى معيشة المواطنين المصريين.

وتأسيسًا على سبق،يُمكن القول إن قرارات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، جاءت معبرة عمّا يحدث في الشارع المصري، إذ إنه في سبيل تحقيق هذه القرارات ستتحمل ميزانية الدولة المصرية تكلفة كبيرة، لتحقيق حياة كريمة للمواطن المصري الذي تأثر بشكل كبير من الأزمة الاقتصادية التي تعرض لها العالم أجمع، كما أن هذه القرارات ستنعكس بعدة منافع اقتصادية مهمة للمجتمع المصري.