الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نقص الرغبة في العمل العسكري يهدد كوادر الجيش الفرنسي

  • مشاركة :
post-title
الجيش الفرنسي - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه القوات المسلحة الفرنسية في الوقت الحالي تحديًا كبيرًا يتمثل في انخفاض عدد الشباب الراغبين في الالتحاق بالخدمة العسكرية. ومن بين الفئة التي تتأثر بهذه الأزمة بشكل خاص، نجد الضباط الذين يمثلون العمود الفقري للجيوش في جميع أنحاء العالم.

ووفقًا لتقرير حديث نشرته صحيفة "لوموند"، فإن أزمة الاهتمام بالمهن العسكرية تصل الآن إلى صفوف الضباط، ما يثير قلقًا كبيرًا بشأن استمرارية هذا الجانب الحيوي في القوات المسلحة.

ويؤكد العديد من الخبراء والمسؤولين العسكريين، وفقًا للتقرير، أن الأزمة الحالية تتسم بتراجع واضح في عدد الشباب الذين يتطلعون للالتحاق بمهنة الضباط، ويعزو البعض هذا التراجع إلى عوامل متعددة، بما في ذلك تغير الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية، والتحولات في البيئة العملية، والتحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها القوات المسلحة في العصر الحديث.

وبحسب ما أشارت "لوموند"، هناك تآكل يؤثر بطريقة جديدة على الضباط الشباب، إذ إنه حتى الآن، كانت ذروة المغادرات تحدث بين السنوات الثانية عشرة والسادسة عشرة من الخدمة، أي في بداية الجزء الثاني من الحياة المهنية. ومع ذلك، تبين أن نحو 25٪ من طلاب دفعة الكليات العسكرية لعام 1992 غادروا المؤسسة بعد خمس سنوات من تخرجهم، وفقًا لتقرير اللجنة العليا لتقييم الوضع العسكري، إذ يتم ملاحظة اتجاه مماثل في دفعات مدرسة الجوية ومدرسة البحرية، ولكن بمستوى أقل.

تراجع عدد الكوادر

وأوضح التقرير أن بعض الرتب تتأثر أكثر من الأخرى، إذ ارتفعت نسبة مغادرة النقباء بنسبة نحو 44٪ بين عامي 2017 و2022، في حين بلغت 62٪ بين القادة. هناك زيادة أيضًا بين العقداء، ولكنها ليست محددة بالأرقام. بشكل عام، تواجه القوات المسلحة زيادة في المغادرات قبل سن الأربعين: 11٪ في عام 2022، أي زيادة بنسبة 3٪ مقارنة بعام 2020.

على الرغم من أن الضباط يمثلون فقط 13٪ من إجمالي قوات الجيش، أي نحو 40،000 جندي، إلا أنهم "الرأس" لتلك القوات، أولئك المكلفون بالقيادة. وتعتقد اللجنة العليا لتقييم الوضع العسكري أن هذا الاستنزاف البطيء قد يصل إلى "تضعيف نموذج الموارد البشرية"، خاصة في القوات البرية. إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فإن معدل مغادرة ضباط الجيش البري الذين لديهم بين عشرة وخمسة عشر عامًا من الخدمة قد يصل إلى 30٪ في السنوات المقبلة، وفقًا لتقرير اللجنة العليا لتقييم الوضع العسكري، هذا غير مستدام.

مهن أخرى خارج القطاع العسكري

ويشير التقرير إلى أنه في السنوات الأخيرة، تزايدت نسبة الشباب الذين يفضلون اختيار مهنة أخرى خارج القطاع العسكري، ما يؤثر سلبًا على توفر الكفاءات والخبرات اللازمة في صفوف الضباط. وتعزى هذه الظاهرة جزئيًا إلى الصورة النمطية السلبية المرتبطة بالخدمة العسكرية، والتحديات العديدة التي يواجهها الضباط في العمل اليومي.

إجراءات لمعالجة التحدي

وفي ضوء هذه الأزمة المتفاقمة، بدأت القوات المسلحة في اتخاذ إجراءات لمعالجة هذا التحدي. فقد تم تعزيز حملات التوعية والترويج للمهن العسكرية، بالإضافة إلى تحسين ظروف العمل والتدريب للضباط لجعل الخدمة العسكرية أكثر جاذبية وملاءمة للشباب الطموح.

وتوضح الصحيفة الفرنسية أن أزمة الاهتمام بالمهن العسكرية ليست مشكلة محدودة لبلد معين، بل تمتد إلى العديد من الدول حول العالم، مشيرة الى وجوب تكوين هناك جهود مشتركة لتحديد الأسباب الجذرية لهذه الأزمة والعمل على إيجاد حلول فعالة لجذب الشباب إلى مهنة الضباط والحفاظ على الكفاءات العسكرية اللازمة.

وتؤكد "لوموند" أن أزمة الاهتمام بالمهن العسكرية تشكل تحديًا حقيقيًا للقوات المسلحة الفرنسية، خاصة فيما يتعلق بتوفير الضباط المؤهلين والملتزمين بتأمين الأمن والاستقرار. ولذلك، يتطلب حل هذه الأزمة جهودًا مشتركة من الحكومة والمؤسسة العسكرية والمجتمع بأسره لتعزيز صورة الخدمة العسكرية وجعلها أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام بين الشباب.