في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، شرعت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في البداية بفرض عقوبات على موسكو، وبذل جهود دبلوماسية لاستعادة السيادة الأوكرانية، ومع ذلك امتنعوا عن التدخل العسكري المباشر، ولم يقدموا سوى مساعدات عسكرية في عام 2019. وبدءًا من عام 2022، تلاشى التردد الغربي إلى حد كبير، مع تدفق الدعم العسكري والمالي إلى أوكرانيا في أعقاب انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.
أهمية المساعدات الغربية
وبحسب مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، إن تحالف أوكرانيا مع بعض أكثر دول العالم ازدهارًا وتقدمًا من الناحية التكنولوجية كان سببًا في منحها ميزة بنيوية كبيرة مقارنة بروسيا، وفي المقابل، لم تتلق روسيا سوى مساعدة علنية من إيران وكوريا الشمالية، على الرغم من أن الصين عرضت دعمًا اقتصاديًا ومساعدات عسكرية غير فتاكة. ومع ذلك، فإن اعتماد أوكرانيا على المعدات العسكرية الغربية والتخطيط الاستراتيجي جعلها تعتمد بشكل كبير على المساعدة الدولية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب الاقتصادية التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا من المرجح أن تجعل اقتصادها غير قابل للعمل دون مساعدات خارجية.
مستقبل الالتزام الغربي
وسلطت المجلة الأمريكية الضوء على مخاوف بشأن مستقبل الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا، فالتساؤلات داخل الدوائر السياسية في كل من أوروبا والولايات المتحدة، تتصاعد على نحو متزايد عن مدى استدامة دعمها الطويل الأمد لأوكرانيا، ورغم أن وجهات النظر المؤيدة لروسيا والمناهضة لأوكرانيا بشكل علني لا تزال نادرة نسبيًا، فإن الشكوك تنشأ من المناقشات السياسية الداخلية الجارية.
موقف الولايات المتحدة وأوروبا
في الولايات المتحدة، أصبحت الأزمة في أوكرانيا قضية مثيرة للجدل في المناقشة الأوسع نطاقًا لدور البلاد في دعم الشركاء والحلفاء في الخارج، وفي أوروبا، ساهمت التحديات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والتضخم بعد الحرب في انخفاض التفاؤل بشأن آفاق أوكرانيا، مما أثار الشكوك حول جدوى صراع طويل الأمد ومفتوح على الأراضي الأوروبية.
فضلًا عن ذلك، فإن التطورات على الخطوط الأمامية الأوكرانية، وخاصة الوتيرة البطيئة نسبيًا والمكاسب المحدودة للهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا في الصيف، كانت سببًا في تعزيز حجج المتشككين بشأن الدعم الغربي لكييف، وحتى لو اكتسب الهجوم المضاد زخمًا، فإنه لن يضع نهاية فورية للصراع. ومن بين القضايا الرئيسية هنا أن أنصار أوكرانيا يفتقرون إلى نظرية واضحة ومتفق عليها للنصر، الأمر الذي يؤدي إلى خلق نقطة ضعف سياسية.
تفكك شبكة المساعدات الخارجية
لا يتمثل الخطر الرئيسي الذي يواجه أوكرانيا في التحول السياسي المفاجئ في الغرب، بل في التفكك التدريجي لشبكة المساعدات الخارجية التي تم إنشاؤها بدقة، ومع ذلك، إذا حدث تحول مفاجئ، فمن المرجح أن يبدأ في الولايات المتحدة، حيث يمكن أن يتأثر الاتجاه الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية بالانتخابات الرئاسية لعام 2024، ونظرًا للخطر الذي يفرضه حتى التخفيض التدريجي في الدعم، ينبغي للحكومة الأوكرانية تنويع جهود التواصل السياسي، وزيادة نداءاتها للمساعدة مع احتمال نشوب حرب طويلة الأمد، وفي الوقت نفسه، ينبغي للقادة السياسيين في كل من الولايات المتحدة وأوروبا أن يعملوا على إضفاء الطابع المؤسسي على المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا في دورات ميزانية طويلة الأجل، مما يجعلها أكثر مقاومة للجهود المستقبلية لسحب الدعم.
استياء ألماني
معظم الدول الأوروبية لا تزال ملتزمة بدعم أوكرانيا، ومع ذلك هناك إرهاق متزايد في أوروبا بسبب الطبيعة المطولة للأزمة، كما أن الدعم يتضاءل في بعض البلدان، مثل ألمانيا، وتستغل الأحزاب اليمينية المتطرفة الاستياء من السياسة الأوكرانية، مما يساهم في ارتفاع شعبيتها.
عودة ترامب المحتملة
والبديل في هذا الوضع المعقد هو الولايات المتحدة، وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي كان له نهج مثير للجدل تجاه أوكرانيا خلال فترة رئاسته، قد يعود إلى السلطة، وقد تشكل عودة ترامب المحتملة تحديًا كبيرًا لمصالح أوكرانيا، لأنه قد يعطي الأولوية للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض مع روسيا على الدعم المستمر لأوكرانيا.
من جهة أخرى، قد تواجه أوكرانيا تحديات مثل الخسارة المحتملة للقدرات العسكرية واستغلال روسيا للانقسامات بين أوروبا والولايات المتحدة، لكن هناك دور حاسم للقيادة الأمريكية المستمرة في توفير أساس قوي لأمن أوكرانيا.