ضربت عاصفة "دانيال" القوية عدة مدن شرقي ليبيا، وتسببت في انهيار سدين في درنة، ما أسفر عن فيضانات دمرت نحو ثلث المدينة، وأكثر من 5 آلاف شخص لقوا حتفهم، مع تقديرات بارتفاع عدد الضحايا والمفقودين.
وحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن هناك "عوامل جغرافية متعلقة بالمناخ" تسببت في هذه الكارثة، وفي مصرع الآلاف "بسرعة كبيرة".
وذكرت الصحيفة أن الفيضانات في درنة كشفت بشكل واضح "كيف يمكن أن تؤثر طريقة إنشاء البنى التحتية، بالتعاون مع المناخ والجغرافيا، في حجم الدمار، لتحول عاصفة إلى كارثة غير مسبوقة".
ونقلت الصحيفة عن أستاذة علوم البيئة في جامعة ميامي الأمريكية كاثرين ماخ: "الفيضانات هي مصادر الخطر الطبيعية الأكثر تدميرًا من حيث الممتلكات والأرواح".
وتعتبر البيئة الطبيعية للمنطقة التي ضربها الإعصار "دانيال"، من بين العوامل التي تؤثر بشكل كبير على حجم الأضرار.
على سبيل المثال، تتمتع ليبيا بمناخ جاف، ونادرًا ما تشهد أمطارًا غزيرة، لكن العاصفة الأخيرة تسببت في أمطار قياسية بلغ منسوبها نحو 400 ملم في درنة والمناطق المحيطة بها، وفقًا للمركز الوطني للأرصاد في ليبيا.
وفي العادة، يكون منسوب الأمطار نحو 1.5 ملم فقط في هذا الوقت من العام. وتعليقا على ذلك، قالت ماخ: "نعيش بسبب التغير المناخي، في فترة تشهد هطول الأمطار بكثافة أكبر".
وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة درنة تقع فوق ما يعرف بـ"المروحة الطميية" أو "المروحة الغرينية"، وهو مصطلح يشير إلى طبيعة تتشكل عند قواعد سلاسل الجبال بواسطة الرواسب، التي تتكون بعد انسياب المجاري المائية في الأودية شديدة الانحدار.
وقال أستاذ البيئة في جامعة كاليفورنيا الأمريكية بريت ساندرز، إن مثل هذه الطبيعة أو المناطق "معرضة بشكل كبير لخطر الفيضانات القوية".
واستطرد موضحًا: "حينما تتعرض مناطق المراوح الطميية لأمطار غزيرة، تزداد احتمالية الفيضانات القوية، وتتحرك بسرعة شديدة، حاملة الرواسب والحطام، لتجرف كل ما في طريقها".
وضربت فيضانات قوية اليونان خلال الأيام الماضية بفعل نفس العاصفة "دانيال"، وأودت بحياة 15 شخصًا في وسط البلاد، بسبب الأمطار الغزيرة التي سجلت منسوبات قياسية.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن خبير المناخ اليوناني خريستوس زيريفوس، قوله إنه لم يتم جمع بيانات العواصف بالكامل بعد، لكنه قدّر أن منسوب مياه الأمطار التي تهطل على ليبيا يبلغ مترًا، أي ما يعادل ما سقط على ثيساليا بوسط اليونان خلال يومين.
وأضاف خبير المناخ اليوناني، أن ما حدث "لم يسبق له مثيل"، وأن "كمية الأمطار التي غمرت منطقة البحر المتوسط، كانت أكبر من أي وقت مضى، منذ بدء التسجيل في منتصف القرن التاسع عشر".