تشهد فرنسا حاليًا معركة سياسية حامية من أجل الفوز بدعم وأصوات الطبقة العاملة، التي فقدت الثقة في الأحزاب والسياسيين، وتميل في كثير من الأحيان للتصويت لصالح الأحزاب اليمينية مثل "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان، المرشحة الرئاسية السابقة التي خسرت أمام الرئيس إيمانويل ماكرون بفارق 15% فقط.
وزادت وتيرة المناورات بين أحزاب وشخصيات مختلفة للفوز بتأييد الطبقة العاملة وإقناعها بوجهات نظرهم وبرامجهم، وفقًا لتقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، إذ استهدف الحزب الاشتراكي اليساري خلال مؤتمراته الصيفية هذه الفئة، بينما يقود وزير الداخلية جيرالد دارمانان حملة واسعة لإبراز موقفه السياسي قبل انتخابات 2027.
ولا تميل غالبية الطبقة العاملة الفرنسية للمشاركة بقوة في العملية الانتخابية، إذ بلغ معدل تخليها عن التصويت في آخر انتخابات رئاسية 33% مقابل 26-27% للطبقة المتوسطة، وعندما تصوّت، فإنها تميل بشكل كبير لصالح حزب الجبهة الوطنية المتطرف بقيادة "لوبان"، وفقًا لتقرير "لوموند".
استرجاع الدعم
وأشارت "لوموند" إلى أن الحزب الاشتراكي الفرنسي ركز خلال مؤتمراته الصيفية على ضرورة استرجاع دعم هذه الفئة المهمة.
ومن جهته، أطلق وزير الداخلية جيرالد دارمانان، أبرز المتسابقين المبكرين إلى قصر الإليزيه، حملة واسعة تستهدف الطبقة العاملة بهدف ترسيخ مكانته السياسية قبل انتخابات 2027، ساعيًا إلى استقطاب الطبقة العاملة والفقيرة من خلال التركيز على أصوله المتواضعة، متهمًا باقي المرشحين بإهمال هذه الشريحة من الناخبين.
وأوضحت الصحيفة أنه عندما تتوجه الطبقة العاملة إلى صناديق الاقتراع، فإن غالبيتهم يميلون للتصويت لليمين، مثل حزب لوبان، التي حصلت على 67% و57% من أصواتهم على التوالي في جولتي الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وبذلك تتجلى أهمية المعركة القائمة حاليًا بين القوى السياسية الرئيسية في فرنسا من أجل الفوز بدعم وثقة هذه الفئة الانتخابية المهمة، إذ أنها قد تكون مفتاح الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027.
إحباط الطبقة العاملة
وبحسب الاستطلاعات الأخيرة التي أجراها معهد "إيفوب" للآراء العامة، فإن غالبية أفراد الطبقة العاملة يعانون حالة من عدم الثقة والإحباط تجاه السياسيين والأحزاب التقليدية التي لم تستطع حتى الآن إيجاد حلول لمشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية.
وأسهم هذا الإحباط في تحول أغلبية العمال نحو التصويت لصالح اليمين المتطرف، ولا سيما بعد أداء مارين لوبان القوي في الجولة الثانية من آخر انتخابات رئاسية.
أزمة عدم ثقة
وبينما تحاول باقي الأحزاب جذب هذه الكتلة الانتخابية المهمة، تتمثل العقبة الأساسية في التخلي عن التصويت بنسب مرتفعة وعدم الثقة بها، وبالتالي ستستمر المعركة حامية الوتيرة بين القوى السياسية الرئيسية في فرنسا لاستقطاب دعم العمال، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027.
ضرورة التحرك باكرًا
تُعدُّ الطبقة العاملة الفرنسية كتلة انتخابية مهمة، بالرغم من أن الانتخابات الرئاسية لن تُعقد إلا في عام 2027، إلا أن إقناعها واستقطاب تأييدها يتطلب حملات طويلة الأمد.
وتشير الاستطلاعات إلى حالة الإحباط وعدم الثقة التي تعاني منها هذه الفئة تجاه الأحزاب، ما يدفع السياسيين للتحرك باكراً لمعالجة مشكلاتها وبناء ثقتها. لذا فإن سباق الأحزاب المختلفة وحملة دارمانان الرامية للتعريف بـ"الطبقة العاملة" تؤكدان أهمية البدء باتخاذ المواقف وتقديم الحلول منذ الآن، لضمان الفوز بتأييدها بحلول عام 2027.