قوبلت "اللغة المخففة" التي حافظ عليها قادة مجموعة العشرين في الإعلان الختامي لقمة نيودلهي، اليوم الأحد، بشأن الوضع في أوكرانيا، بتأييد رافقه الكثير من التبرير في مواجهة نقد كييف من ناحية، وحرص على ألا تبلغ القمة مرحلة الختام دون إصدار إعلان من ناحية أخرى.
لغة جديدة
بعد مئات الساعات من المفاوضات، وأكثر من عشر مسوّدات، خلص ممثلو مجموعة العشرين إلى بيان ختامي للقمة الـ18 حمل لغة "مخففة" بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، في محاولة منهم لتجنب الانقسامات داخل المجموعة، الأمر الذي من شأنه الإضرار بمصداقيتها.
وتجنب البيان إدانة صريحة للهجوم الروسي على أوكرانيا، حيث العملية العسكرية الخاصة التي شنتها منذ 24 فبراير الماضي، واستعاضت عنه بتعهدات من الدول الأعضاء بـ"احترام السلامة الإقليمية والعمل من أجل السلام"، ورفض "استخدام القوة" في أوكرانيا لتحقيق مكاسب ميدانية، لكن من دون ذكر روسيا.
قال المسؤول الهندي أميتاب كانت، أبرز منظمي قمة الهند، إن التوافق على النص الختامي استغرق "أكثر من مئتي ساعة من المفاوضات المتواصلة، وثلاثمئة اجتماع ثنائي، وخمسة عشر مشروع نص"، بحسب منشور له على منصه "إكس".
وأشار المسؤول الهندي إلى أن البرازيل، وهي الدولة التي تسلمت الرئاسة الدورية للمجموعة، كانت من بين البلدان، التي ساعدت في التوصل إلى توافق على الفقرة المخصصة لأوكرانيا في البيان.
لا مصلحة في الانقسام
وبشأن موقف بلاده، أوضح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، في ختام القمة إنه "لا يمكننا ترك القضايا الجيوسياسية تهيمن على جدول أعمال مباحثات مجموعة العشرين. ولا مصلحة لدينا في مجموعة عشرين منقسمة.. نحتاج إلى السلام والتعاون بدلًا من النزاعات".
لا شيء يدعو للفخر
وانتقدت أوكرانيا البيان الختامي لمجموعة العشرين. وكتب أوليج نيكولينكو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، في منشور عبر حسابه على فيسبوك: "أوكرانيا ممتنة لشركائها الذين حاولوا إدراج صياغة قوية في النص".
أضاف "ليس لدى مجموعة العشرين ما تفتخر به في الجزء المتعلق بالعدوان الروسي على أوكرانيا. ومن الواضح أن مشاركة الجانب الأوكراني كانت ستسمح للمشاركين بفهم الوضع بشكل أفضل. ويظل مبدأ "لا شيء يتعلق بأوكرانيا بدون أوكرانيا" أساسيًا كما كان دائمًا".
بيان قوي
وأمام الانتقاد، سارع مسؤولو البيت الأبيض إلى الإشادة بالوثيقة ووصفها بأنها "غير مسبوقة". وأشاروا إلى أنه حتى من دون الإشارة الصريحة إلى "الغزو الروسي"، فإن البيان أقنع دولًا مثل البرازيل وجنوب إفريقيا - التي لم تنحز إلى أي طرف في الحرب- بالاتفاق على الحفاظ على السلامة الإقليمية ووقف الهجمات على البنية التحتية، وفق ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ودافع وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، عن "اللغة الجديدة" للبيان الختامي للمجموعة، قائلًا: "أعتقد أن البيان قوي جدًا".
وفي مقابلة صحفية، مع قناة "إي بس سي نيوز" الأمريكية، قال إن "قادة المجموعة وقفوا بشكل واضح للغاية من أجل سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها".
كما أكد بلينكن أن "الزعيم تلو الآخر" الذي حضر القمة سلّط الضوء على التأثير العالمي السلبي للحرب الروسية الأوكرانية، لا سيما تأثيرها على الأمن الغذائي نظرًا لدور أوكرانيا الرئيسي في إنتاج الحبوب، على سبيل المثال. أضاف "كان واضحًا للغاية في الغرفة، أن الدول تشعر بالعواقب وتريد أن يتوقف العدوان الروسي". بحسب "إي بي سي نيوز" الأمريكية.
نجاح غير مشروط
واعتبرت روسيا قمة مجموعة العشرين في نيودلهي حققت "نجاحًا غير مشروط". وقال وزير خارجيتها سيرجي لافروف، في مؤتمر صحفي، اليوم الأحد، إن القمة كانت ناجحة ليس للهند فحسب بل "لنا جميعًا".
وبينما تضمن البيان الختامي للمجموعة هذ العام أنه "يجب على جميع الدول الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها سعيًا للاستيلاء على الأراضي" دون الإشارة إلى روسيا.
جاء نص البيان الختامي لقمة العشرين العام الماضي في بالي بإندونيسيا، بإدانة واضحة للعدوان الروسي في أوكرانيا.
خيبة أمل تفاداها الجميع
على صعيد آخر، ينظر إلى قمة مجموعة العشرين هذا العام بشكل خاص باعتبارها فرصة لمساعٍ تتشاركها الولايات المتحدة وأوروبا لتعزيز مكانة الزعيم الهندي ناريندرا مودي كرجل دولة عالمي، وكان من شأن اختتام القمة دون إعلان نهائي أن يشكّل خيبة أمل كبيرة، بحسب مسؤولين نقلت عنهم شبكة "سي إن إن" الأمريكية.