اعتمد النموذج الاقتصادي الذي تتبناه الصين على النمو القائم على الاستثمار والتشدد المالي المحلي طيلة العقود الثلاثة الماضية، لكنه يواجه الآن تحديات بنيوية كبيرة، وتشمل هذه التحديات، التي تفاقمت بفِعل السياسات الاقتصادية الأخيرة، زيادة الديون، وتباطؤ النمو، وتباطؤ الاستهلاك المحلي، والاتجاهات الديموغرافية المعاكسة، والأزمة التي تلوح في الأفق في قطاع العقارات والبناء.
أزمة عقارية
في الأشهر الأخيرة، شهدت الصين انخفاضًا في المؤشرات الاقتصادية المهمة، ما أثار المخاوف بشأن الانكماش والتأثير المحتمل على الشركات الصينية المثقلة بالديون، وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، كان إعلان إفلاس شركة "تشاينا إيفرجراند"، والتخلف الوشيك عن سداد شركة عقارية كبرى أخرى لالتزاماتها، وهي شركة "كانتري جاردن"، سبباً في تفاقم حالة عدم اليقين والخوف في مجتمع الأعمال.
التشدد الاقتصادي
كانت السياسات الاقتصادية الحالية، التي اتسمت غالبًا بالخطابات السياسية المتشددة، سببًا في تفاقم المشكلات البنيوية في الصين، وذلك بحسب المجلة الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى الركود الاقتصادي، وتعطي هذه السياسات الأولوية لسيطرة الحزب الشيوعي على الأنشطة الاقتصادية والمالية، ما يؤدي إلى تراجع الثقة في الاقتصاد الصيني.
وقد دفعت الميزة النسبية المتضائلة للصين، إلى جانب عدم اليقين التنظيمي والجيوسياسي، الشركات الأجنبية إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدًا عن الصين، وكان هذا الاتجاه، جنبًا إلى جنب مع إصرار الحكومة الصينية على الانخراط في قضايا مثل تايوان، سببًا في تضاؤل جاذبية الصين كوجهة للسياحة والأعمال.
الغرب لا يرغب في انهيار الصين اقتصاديا
إن منع الانهيار الاقتصادي في الصين يصب في مصلحة الغرب، ولابد من توظيف سياسات منسقة لإزالة المخاطر لإرسال رسالة واضحة إلى بكين حول الأهداف والحدود المقصودة، والفرصة متاحة أمام كل من الولايات المتحدة والصين لإصلاح علاقاتهما الثنائية ومعالجة التحديات الاقتصادية، ولابد من استخدام الدبلوماسية والتعاون لإيجاد الحلول، مع عرض الولايات المتحدة المساعدة إذا كانت الصين على استعداد لقبولها.
لا بديل عن تعاون بكين وواشنطن
وانتهى تحليل المجلة الأمريكية إلى أن السياسات الاقتصادية الأخيرة أدت إلى تفاقم التحديات الاقتصادية البنيوية التي تواجهها الصين، الأمر الذي أدى إلى تهافت الثقة والركود الاقتصادي المحتمل، إن الأمر يتطلب بذل جهود منسقة لمنع الانهيار الاقتصادي في الصين وإصلاح العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، وينبغي توظيف الدبلوماسية والتعاون لإيجاد حلول لهذه القضايا الملحة.