على مدار السنوات الخمس الماضية، خفضت الولايات المتحدة نسبة وارداتها من الصين في مجالات مثل رقائق الكمبيوتر والألواح الشمسية والسلع الاستهلاكية المختلفة. ومع ذلك، فإن البحث عن بدائل للصين ليس سهلًا كما يبدو، إذ تشير الدراسات إلى أن بكين تواصل توريد منتجاتها إلى الولايات المتحدة عبر دولة ثالثة، وأن الروابط الاقتصادية بين أقوى اقتصادين في العالم لا تزال قوية.
ولا تزال التغييرات في سلاسل التصنيع والتوريد العالمية جارية مع استمرار الرسوم الجمركية العقابية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب والجهود التي تبذلها إدارة الرئيس الحالي جو بايدن لتشديد القيود على مبيعات التكنولوجيا للصين.
وفي ذلك الإطار، اكتشفت دراسة حديثة من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، أن سلسلة التوريد الأمريكية لا تزال تعتمد إلى حد كبير على بكين، وأنه من الصعب على الولايات المتحدة "الانفصال" عن الصين، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
فشل أمريكي
وفقًا للصحيفة الأمريكية، كتبت لورا ألفارو، أستاذة الاقتصاد في كلية هارفارد للأعمال، ودافن زور، أستاذ الاقتصاد في كلية تاك للأعمال في دارتموث، في ورقة بحثية، أن نسبة المنتجات التي تستوردها الصين من الولايات المتحدة بلغت أعلى مستوى لها في عام 2017 بنسبة 21.6%، ولكن مع سلسلة من إجراءات التقييد التجارية التي فرضتها الحكومة الأمريكية على الصين مثل فرض رسوم جمركية، تسبب في انخفاض هذه النسبة إلى 16.5% بحلول عام 2022، والسبب الرئيسي هو انخفاض نسبة المنتجات الصينية التي تستوردها الولايات المتحدة، مثل المعدات الميكانيكية والأحذية والهواتف.
طرف ثالث
وفي الوقت ذاته، زادت حصة الاستيراد من مناطق ذات تكلفة منخفضة مثل فيتنام والمكسيك، إذ كثفت فيتنام وغيرها من البلدان من تصدير الملابس والمنسوجات إلى الولايات المتحدة، بينما بدأت دول مجاورة مثل المكسيك في تصدير المزيد من قطع غيار السيارات والزجاج والحديد إلى واشنطن.
وذكر التقرير، أنه على الرغم من انخفاض حصة الصين في الاستيراد من الولايات المتحدة، إلا أنها عززت تجارتها واستثماراتها مع فيتنام والمكسيك. وعلى النقيض، استوردت المكسيك وفيتنام وغيرها من البلدان المزيد من المنتجات من الصين، وزاد استثمار بكين المباشر في هذه البلدان بشكل كبير، مما يدل على أن الشركات الصينية تفتح المزيد من المصانع هناك.
وقالت "نيويورك تايمز"، إن الشركات الأمريكية تقوم فقط بنقل الجزء الأخير من سلاسل التوريد خارج الصين، وأن بعض الشركات تستخدم بلدان مثل فيتنام أو المكسيك كمحطات ترانزيت، حيث تنقل جزءًا أو معظم السلع التي لا تزال تصنع في الصين إلى الولايات المتحدة، مما تسبب في ارتفاع أسعار السلع في الولايات المتحدة، وبدأ تأثير "الانفصال والقطع" يظهر يومًا بعد يوم.
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، أدى انخفاض حصة الصين في استيراد الولايات المتحدة بخمس نقاط مئوية إلى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من فيتنام بنسبة 9.8%، والمكسيك بنسبة 3.2%.
احذروا الانفصال
قالت لورا ألفارو، أستاذة الاقتصاد في كلية هارفارد للأعمال: "هذا هو التحذير الأول لدينا، قد يؤثر نقل سلسلة التوريد على التكاليف، والتحذير الثاني، هو أنه من غير المرجح أن يقلل ذلك من الاعتماد على الصين".
وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أظهرت نتائج ورقة البحث أن محاولات الولايات المتحدة "الابتعاد عن سلع الصين" جاءت في معظمها على حساب مصالحها. إذ أدت سياسات حكومة الولايات المتحدة التقييدية إلى تغيير شكل بحث الشركات عن سلع، وحتى حثها على التحول إلى إنتاج داخلي، مما زاد من ضغط الأجور والتكاليف في الولايات المتحدة.
وذكر التقرير، أن هناك وثائق تثبت أن زيادة التكاليف التي نجمت عن فرض رسوم جمركية على سلع الصين تحمَّلها مستوردو الولايات المتحدة بشكل كامل، وأن هذا لم يجلب للولايات المتحدة فوائد مضادة واضحة.