يشكل صراع الرقائق الإلكترونية بين الولايات المتحدة والصين تحديًا كبيرًا للاقتصاد العالمي، حيث يؤثر على سلاسل التوريد والطلب والأسعار في قطاعات مختلفة، مثل صناعة السيارات والإلكترونيات والطيران. كما يشكل خطرًا على الأمن والسلام الدولي، ما يزيد من التوترات والمخاطر بين القوى العظمى.
وتخشى أمريكا أن تستخدم الصين الرقائق الإلكترونية لتطوير قدراتها العسكرية، والتنافس معها في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة والاتصالات، لذلك فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تصدير الرقائق والمعدات المستخدمة في إنتاجها إلى الصين، خاصة لشركات مثل "هواوي، وسميك، وزي تي إي"، التي تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي، كما تحاول الولايات المتحدة حماية صناعتها المحلية من المنافسة الصينية، والحفاظ على تفوقها التكنولوجي في قطاع أشباه الموصلات، ما دفع الصين للجوء إلي شركاء آخرين مثل روسيا وكوريا الشمالية.
وفي محاولة لتحسين العلاقات المتوترة بين أمريكا والصين، وصلت وزيرة التجارة الأمريكية جينا رايموندو، إلى بكين في وقت متأخر يوم الأحد الماضي، في زيارة اختتمتها منذ ساعات، تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
أثر العقوبات الأمريكية على الصين
وخلال اجتماع، اشتكى المسؤولون الصينيون من قيود الولايات المتحدة على الرقائق الإلكترونية، وغيرها من التكنولوجيا الأمريكية لأسباب أمنية، وهو ما يهدد طموحات الصين في تطوير صناعات الذكاء الاصطناعي وغيرها، حيث أثرت هذه القيود بشكل سلبي على أعمال شركة "هواوي" تكنولوجز المحدودة، أول علامة تجارية صينية عالمية في مجال التكنولوجيا، وذلك حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".
ومن جانبها، قالت وزيرة التجارة الأمريكية، خلال اجتماع مع نظيرها الصيني ومسؤولين صينيين، ووزير التجارة الصيني، إن قيود التصدير على التكنولوجيا ذات الاستخدامات العسكرية المحتملة، ضرورية للأمن القومي الأمريكي، ولم تعطِ "رايموندو" أي إشارة على رفع أو تخفيف تلك القيود، كما دافعت عن استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لـ "إزالة المخاطر"، أو تشجيع المزيد من التصنيع عالي التقنية في الولايات المتحدة وتطوير مصادر أكثر للإمدادات الصناعية للحد من التعطيل.
اتهامات متبادلة بالتجسس
وفي 3 أغسطس الماضي، اتهمت وزارة العدل الأمريكية مواطنًا صينيًا يدعى تشو تشينج وزوجته جيانج لي، بالتجسس على شركات أمريكية في مجال التكنولوجيا الحيوية والصحة والطب، وقالت الوزارة إن الزوجين كانا يعملان كعملاء مخفيين لوزارة أمن الدولة الصينية، وأنهما حصلا على معلومات سرية من أكثر من 10 شركات ومؤسسات بحثية.
وفي 19 أغسطس، اتهمت وزارة العدل الأمريكية مواطنًا صينيًا يدعى تشانج هاو بالتجسس على شركة أمريكية تصنع أجهزة توليد الطاقة، وقالت الوزارة إن تشانج كان يستخدم شركة استشارية وهمية للحصول على معلومات حساسة عن تقنية التوربينات الغازية، وأنه حاول تجنيد مهندس سابق في الشركة الأمريكية للعمل لصالحه.
كما اتهمت وزارة العدل الأمريكية مواطنًا صينيًا يدعى تشانج جوان بالتجسس على شركة أمريكية تصنع أجهزة رادار، وقالت الوزارة إن تشانج كان يعمل كباحث في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وأنه سرق معلومات عن تقنية رادار فائقة الدقة، وحاول نقلها إلى الصين.
الرقائق والصناعات العسكرية
ويرجع اهتمام الصين الكبير بالرقائق الإلكترونية نظرًا لاستخدامها في العديد من الصناعات العسكرية، حيث تستخدم الصين تلك الرقائق لصناعة الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، حيث إنها تتحكم في نظم التوجيه والتفجير والاتصالات.
بالإضافة إلى صناعة الطائرات المقاتلة والمسيرة والفضائية، حيث تحتاج الرقائق الإلكترونية للتحكم في نظم الطيران والرادار والملاحة والهجوم والدفاع.