تمثل الأغنية الدعائية للعمل الفني أهمية بالغة، لمساهمتها في الترويج للمُنتَج بشكل كبير، مستهدفة الشريحة العمرية الموجهة لها الفيلم السينمائي، وعبر سنوات طويلة من الإنتاجات السينمائية المختلفة والمميزة تنوعت طبيعة هذه الأغنيات ما بين الرومانسي أو التراجيدي أو الشعبي، الذي دائمًا ما يستهدف الشريحة الأكبر من الجمهور لقدرته على الوصول إلى جميع الشرائح العمرية ليصبح اللون الأقرب للعديد من صنّاع السينما.
ومع انتشار أغنيات الراب في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، سيطر هذا النوع على طبيعة الأعمال الفنية المُقدمة وبات لمطربيه حضور مستمر في السينما، ولعل أبرزها الأغنية الدعائية التي قدمها مغني الراب المصري "ويجز" لأغنية فيلم "كباتن الزعتري" الصادر عام 2021 والفائز بجائزة أفضل فيلم عربي وثائقي في مهرجان الجونة، كما شارك "ويجز" في الأغنية الدعائية لفيلم "فوي فوي فوي" بطولة نيللي كريم ومحمد فراج، والمقرر عرضه نهاية الشهر الجاري، كما قدّم الأغنية الدعائية لفيلم "خمس جولات" مطربي الراب حسين وفليكس، ليصبح الراب منافسًا قويًا في السينما المصرية بعد أن حقق مطربوه نجاحًا كبيرًا في سوق الأغنية، واستطاعوا منافسة كبار المطربين..
وحول هذه الظاهرة يتحدث عدد من النقاد وصنّاع السينما لموقع "القاهرة الإخبارية".
سر النجاح
يؤكد الناقد المصري طارق الشناوي أن الأغنيات الدعائية للأفلام التي تطرح دائمًا قبل موعد عرض العمل في السينما تمثّل أداة جاذبة للمشاهد وتحمّسه لدخول الفيلم، وتقدم له نبذة عما سيتناوله العمل وهل سيكون ممتعًا أم لا، موضحًا أنه على الرغم من أن هذه الأغنيات مهمة للعمل إلا أنها في بعض الأوقات تكون دعاية سلبية، وذلك لأن بعضها قد لا يكون على قدر كبير من الجودة أو نغمتها عادية وليست جاذبة، فدائما الأغنية التي تعتمد على الأداء الشعبي أو الراب هي الأكثر جاذبية لكل الفئات خاصة الشباب، وهي التي تحركهم لدخول الفيلم، وهناك أوقات تحقق الأغنيات نسبة مشاهدة و"تريند" بينما الفيلم نفسه لا يحقق إيرادات كبيرة.
يضيف طارق الشناوي أن هناك أغنيات دعائية من الممكن أن تحقق نسبة مشاهدة عالية بعد عرض الفيلم بفترة طويلة، مثل الأغنية الشعبية "سطلانة" للمطربين محمود الليثي وعبد الباسط حمودة من فيلم "بعد الشر" بطولة علي ربيع، وحققت نسبة مشاهدة عالية حتى جعلت الجمهور يتذكر الفيلم، وهناك أغنيات كانت السبب في دخول الجمهور الفيلم مثل أغنية "اختياراتي مدمرة حياتي" للمطرب أحمد سعد من فيلم "مستر أكس" بطولة أحمد فهمي وهنا الزاهد، فهي تعتبر من الدعاية الذكية لاختيار صنّاع العمل مطرب ناجح مثل أحمد سعد الذي يعد تميمة الحظ لعدد كبير ممن عملوا معه سواء في مجال الأغنية أو السينما، وذلك لأنه ذكي كثيرًا في اختيار أغنياته خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة لجودة الفيلم الذي جعلته يحقق إيرادات مرتفعة في دول الخليج والوطن العربي.
تلامس الجمهور
بينما أكد المنتج المصري جمال العدل أن الأغنيات الدعائية للأفلام أمر متبع في الصناعة منذ فترة طويلة، وهي نوع من الدعاية المهمة سواء قبل عرض الفيلم أو بعده، وإذا ما تم اختيارها جيدًا تبقى في أذهان الجمهور فترة طويلة، وهذا يترتب على اختيار الأغنية، ومدى تأثيرها على المشاهد وواقعيتها مثلما حدث مع فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية".
وأضاف جمال العدل أن الأغنية الدعائية لا توجد في السينما فقط، ولكن أيضا في الدراما التلفزيونية، فهناك العديد من الموسيقى والأغنيات التي لا تزال في أذهان الجمهور منذ سنوات طويلة بسبب قوتها وليس شرطًا أن تكون شعبية أو راب، فمن الممكن أن تكون مؤثرة لملامستها الجمهور وارتباطه بأحداث العمل نفسه، وخاصة أن جمهورنا "سمّيع" يحب الأغنيات التي تعكس واقعه ويرى فيها نفسه مهما كان موضوعها.
ارتباط بالقصة
يرى المنتج محمد حفظي أنه ليس بالضرورة الاستعانة بالمغنيين الشعبيين أو مطربي الراب في الأعمال السينمائية، وقال لموقع "القاهرة الإخبارية": "الأمر يتوقف على القضية التي تناولها العمل، ومن المؤكد أن الاختيار بجانب الدعاية مناسب مع قصة الفيلم وفكرته، أما بالنسبة للراب فهو موجود منذ وقت طويل والاستعانة به ليست أمر سيئ، لا سيما أن هذه النوع من الموسيقى حقق نجاحًا مع بعض الأعمال في السينما، وبالنسبة للاستعانة بـ"ويجز" في فيلمه الجديد "فوي فوي فوي" فهو متناسب مع الإطار العام للفيلم، وهناك جزء دعائي للعمل".
موجات جديدة
أما الناقدة الموسيقية ياسمين فراج فتؤكد لموقع "القاهرة الإخبارية": "الموجات الغنائية الجديدة التي انتقلت إلى السينما سواء الراب أو الفرق الموسيقية "أندرجراوند" أو حتى المهرجانات فهي موضة، والسينما تبحث عن أي شيء يروج للعمل وهذا جزء من الدعاية، حتى إذا نجح مطرب بشكل لافت على الساحة نجد المنتجون يبحثون عنه للمشاركة في أعمالهم والاستفادة منه".