بدأ ناقوس الخطر يدُق في موسكو جراء التسارع الحاد في "هجرة الأدمغة الروسية" التي بلغت مستويات قياسية وخطيرة مع اقتراب الحرب في أوكرانيا من دخول عامها الثاني، وبدأت انعكاساتها السلبية تظهر على الاقتصاد الروسي الذي يتجنب الانهيار في ظل العقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة عليه.
بشرى غير سارة للاقتصاد الروسي
وذكرت صحيفة "بيزنس إنسايدر" البريطانية، اليوم الأحد، أن الحرب التي شنتها موسكو على كييف تسببت في هجرة أعداد هائلة من الأدمغة، مشيرة إلى أن الخسائر المترتبة على نزوح العلماء وغيرهم من المتخصصين ذوي التعليم العالي، بدأت تظهر بوضوح على الاقتصاد.
وبحسب تقدير "بينزنس إنسايدر" المهتمة بالاقتصاد، فإن تقلص عدد المهنيين المهرة لا يبشّر بالخير بالنسبة للاقتصاد الروسي.
ومع عدم وجود أرقام دقيقة حول عدد الروس الذين هاجروا من روسيا، لكن حتى مايو الماضي، قدّرت وزارة الدفاع البريطانية عدد المهاجرين بنحو 1.3 مليون شخص في عام 2022.
وترتب على ذلك نقص قياسي في العمالة، إذ لم تتمكن 42% من الشركات الصناعية من العثور على عدد كافٍ من العمال في يوليو الماضي، مقارنة بـ35% من الشركات في أبريل.
فرار الأثرياء ورؤوس الأموال
وتشير تركيبة الهجرة الجماعية في روسيا أيضًا إلى فرار أفضل وأذكى الأشخاص من البلاد، ففي حين هاجر الكثيرون بسبب العقوبات الغربية وتداعياتها على الاقتصاد، فر آخرون لتجنب الخدمة العسكرية، وخاصة من الشباب.
ويمثّل العمال الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا الآن أقل من 30% من قوة العمل، وهو أدنى مستوى مسجل منذ 20 عامًا.
ووفقًا لتقرير صادر عن المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فإن 86% ممن غادروا روسيا هم تحت سن 45 عامًا، و80% حصلوا على تعليم جامعي.
وغادر ما لا يقل عن 100 ألف متخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات روسيا في عام 2022، بحسب تقديرات مسؤول في الكرملين العام الماضي .
تداعيات الهروب على الاقتصاد
وتشير البيانات أيضًا إلى أن الروس الذين فروا هم الأكثر ثراءً، إذ تم تحويل ما يقرب من 11.5% من المدخرات الشخصية التي كانت في البنوك الروسية في نهاية عام 2021 إلى الخارج في عام 2022، بما يصل إلى نحو 4 تريليونات روبل أي ما يعادل نحو (41.5 مليار دولار).
وقال مركز أبحاث "المجلس الأطلسي" الأمريكي في تقرير له: "عندما يغادر العمال ذوو المهارات العالية، تغادر معهم الفرص الاقتصادية، ما يتسبب في رفع مستويات المعيشة في روسيا إلى مستوى دول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى".
وأضاف: "في حين تنمو الطبقة المهنية المتعلمة في إندونيسيا، تتقلص الطبقة المهنية في روسيا، وهذا التناقض يؤكد أن مركز الثقل الاقتصادي في العالم آخذ في التحول".
وبحسب تقديرات المركز الأمريكي، ربما تتجه الصين للاستفادة من إندونيسيا نظرًا لتزايد نسبة الإنفاق في إندونيسيا، ومن المرجح أن تتعزز العلاقات التجارية بين البلدين، ما سيؤدي إلى إضعاف آفاق النمو بالنسبة لروسيا، التي أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التجارة مع بكين منذ بداية الحرب.
وقال التقرير: "على الرغم من أن روسيا قد تكون سوق تصدير مهمة للمنتجين الصينيين في الوقت الحالي، حيث تسارع إلى سد الفجوات المتبقية مع انسحاب الشركات الغربية، إلا أن آفاق نموها على المدى الطويل راكدة في أحسن الأحوال، وعلى الأرجح سلبية".
انتعاش الاقتصاد الروسي
ومع ذلك، ذكر أنطون سيلوانوف، وزير المالية الروسي، قبل أسبوع، إن توقعات نمو الاقتصاد الروسي بحلول نهاية عام 2023، بلغت نسبة 2.5% أو أكثر.
وتوقع "سيلوانوف" أن يتعافى الاقتصاد وينتعش بنسبة 2.5%، مقارنة بالعام الماضي بنسبة 2.1%، مؤكدًا أن الاقتصاد الروسي سيعوض التراجع الذي شهده الفترة الماضية.
ويتطلع الوزير الروسي إلى تثبيت التضخم عند مستوى 6% في عام 2023، مضيفًا: "سنتخذ رفقة البنك المركزي كافة الإجراءات لخفض التضخم إلى مستوى القيم المخطط لها".