الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أحداث النيجر والجابون.. اختلاف رد فعل فرنسا يثير التساؤلات

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

بين أحداث النيجر والجابون، اختلف الموقف الفرنسي بشكل كبير، من رفض قاطع وهجوم حاد على قادة المجلس الانتقالي في النيجر، ليكون أقل حدة بالنسبة للجابون، رغم النتيجة الواحدة وهي الإطاحة برئيس البلاد، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحدث عن وضعين مختلفين للغاية. 

وجدد "ماكرون"، أمس الجمعة، رفضه لما حدث في النيجر، في وقت يرفض فيه قادة المجلس الانتقالي ما وصفوه بالتدخل الفرنسي الإضافي في شؤون بلادهم، وقال ماكرون إنه يتحدث مع رئيس النيجر محمد بازوم يوميًا، مجددًا دعمه للرئيس المعزول في 26 يوليو الماضي. 

وأكد "ماكرون" أن الوضع في النيجر يختلف كثيرًا عنه في الجابون، مجددًا تأكيده على عدم اعتراف فرنسا بالموجودين على رأس السلطة في النيجر. 

وأدان المتحدث باسم النظام أمادو عبد الرحمن،تصريحات ماكرون، مشيرًا إلى أن حكومة النيجر، تابعتها باستياء وتعتبرها تدخلًا إضافيًا في شؤون النيجر الداخلية، وذلك ردًا على ما قاله حول بقاء السفير الفرنسي في النيجر، رغم قرار المجلس الانتقالي بطرده من البلاد. 

وقال ماكرون، إن فرنسا لن تغير موقفها، وستستمر بتقديم الدعم للرئيس المعزول محمد بازوم، ووصف ما حدث بأنه خطر على منطقة الساحل، وأنه غير شرعي تمامًا، على النيجر والمنطقة بأكملها، مؤكدًا على ضرورة استعادة النظام الدستوري. 

موقف فرنسا من الجابون والنيجر 

بدا موقف فرنسا في الجابون باهتًا مقارنة بالموقف الحازم الذي اتخذته بعد التحرك لإزاحة رئيس النيجر، فلم يخرج ماكرون لإعلان عدم اعترافه بما حدث، ولم تصرح رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن بموقفها، كما فعلت وقت أحداث النيجر، وجاء الرد الفرنسي على لسان المتحدث باسم الحكومة، الذي خرج ببيان لا يقارن بالموقف في النيجر، قائلًا إن بلاده "تراقب الوضع بانتباه شديد"، وتؤكد رغبتها في احترام نتيجة الانتخابات. 

وفي الإطار، قال الكاتب السياسي محمد عمر عثمان، إن الوضع في الجابون مختلف عما حدث في غرب إفريقيا، إذ كان هناك شعار واحد دائمًا هو "لا لفرنسا في المنطقة"، أما في الجابون فلم نشهد رفع مثل هذه الشعارات، ولم يتم رفع شعارات مضادة للاتحاد الأوروبي وفرنسا. 

وأشار "عثمان"، إلى تغير سياسة فرنسا تجاه مستعمراتها القديمة، فالجيل الجديد يثور ضدها، مشيرًا إلى أن قراءة الأحداث تشير إلى أن باريس هي نفسها وراء ما حدث في الجابون، وما حدث تم بأيادٍ فرنسية، إذ تسعى لجلب دماء شبابية جديدة لتغير الوجه فقط، دون تغيير الأوضاع. 

أهمية النيجر 

وتعد النيجر إحدى الدول الغنية بموارد الطاقة، وتمتلك واحدًا من أكبر احتياطات العالم من اليورانيوم، وتعد سابع أكبر منتج له، فضلًا عن كميات كبيرة من احتياطات الذهب والنفط. 

سيطرت فرنسا الاستعمارية على أجزاء من النيجر في أواخر القرن التاسع عشر، لكن النيجر الحالية، أصبحت مستعمرة فرنسية عام 1922، ونالت استقلالها في نفس العام الذي حصلت فيه الجابون على استقلالها 1960، ورغم انتهاء الحقبة الاستعمارية، لم تنته المصالح الفرنسية، وأصبحت النيجر حليفا لباريس، واستضافت قاعدة عسكرية فرنسية بها نحو 1500 جندي. 

خسارة فرنسا للنيجر، تعني خسارة 35% من احتياجاتها من اليورانيوم، المستخدم في المحطات النووية. 

أهمية الجابون لفرنسا 

كانت الجابون في 2022، أهم وجهة للصادرات الفرنسية بين دول المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (CEMAC)، وكشفت أرقام وزارة المالية، أن فرنسا باعت بضائع بقيمة 536 مليون يورو، في الجابون، بحسب "فرانس برس". 

تعد الجابون، ثاني أكبر منتج للمنجنيز عالميًا بعد جنوب إفريقيا، وتستخرج شركة كوميلوغ الفرنسية 90 % من المنجنيز الموجود في الجابون.

زاوية أخرى 

يرى مراقبون أن فرنسا تخسر الحكومات الموالية لها واحدة تلو الأخرى، لتتغير قواعد اللعبة لصالح روسيا، التي رفع الكثير من المتظاهرين أعلامها، مشيرين إلى أنه لا يمكن فصل ما حدث في الجابون عن السياق الأشمل، مرجحين ضلوع روسيا متمثلة في مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة في ما حدث، معتبرين أن موسكو أحرزت هدفًا جديدًا في مرمى الغرب، وأن المواجهة لا تقتصر على ساحة المعركة في أوكرانيا فقط، وإنما تتوسع لتشمل القارة السمراء، بحسب "دويتشه فيله". 

وشهدت السنوات الثلاث الماضية، 18 اضطرابًا داخليًا في إفريقيا، نجح 9 منها في الإطاحة بأنظمة حاكمة، بينها 4 في دولتين فقط، 2 منهم في مالي ( أغسطس 2020، ومايو 2021)، وفي بوركينا فاسو ( يناير 2022 و سبتمبر 2022)، وشملت الاضطرابات 6 دول كانت مستعمرات فرنسية سابقة هي "مالي وغينيا في 2021 وبوريكينا فاسو وتشاد في إبريل 2021 والنيجر والجابون العام الحالي".