تتواصل حرب الهيمنة الاقتصادية بين الصين وأمريكا، إذ تسعى واشنطن إلى وقف زحف التنين الصيني الذي يواصل النمو، مهددًا مناطق سيطرتها، ليبدأ الجانبان حربًا "تجارية"، كان من بينها فرض بكين قيودًا على تصدير بعض أنواع الطائرات المُسيّرة ومكوناتها، دخلت حيز التنفيذ بداية من اليوم الجمعة.
الصين أكدت، على لسان وزارة التجارة، أن الإجراءات الجديدة -التي ستستمر عامين، تهدف إلى حماية الأمن القومي.
وتشمل القيود الجديدة، حظرًا على التصدير الطائرات المسيرة، التي يمكنها الطيران لفترة تزيد على 30 دقيقة منذ لحظة اختفائها على العين، كما نص القرار على ألا يزيد وزن المسيّرة على 7 كيلو جرامات، أما بدون حمولة يجب ألا يزيد الوزن على 4 كيلو جرامات.
وتشمل الإجراءات الجديدة حظر تصدير أجهزة الأشعة تحت الحمراء، والرادارات، وأجهزة الليزر للتصويب، ومعدات للاتصال يمكن استخدامها في طائرات مُسيّرة، وأجهزة التشويش الإلكتروني المضادة للمُسيّرات.
وأشارت وزارة التجارة الصينية إلى أن الخطوة تأتي للحد من مخاطر استخدام تلك المعدات ذات مواصفات تقنية عالية، لأغراض عسكرية، إلى جانب تشديد القيود على تصدير الطائرات المُسيّرة والمعدات الأخرى "ليس موجهًا ضد أي دولة أو منطقة".
وحسب الإجراءات الجديدة، لن يكون من الممكن تصدير محركات الطائرات المُسيّرة بدون تصريح خاص، والتي تفوق قوتها 16 كيلوواط.
مخاوف جدية
وقبل يومين، أثارت الصين "مخاوف جدية" من قيود الولايات المتحدة التجارية، التي تفرضها على شركاتها، وقالت إنها "تهدد أمن واستقرار سلاسل الإمداد العالمية".
وقال وزير التجارة الصيني وانج وينتانو، بعد لقاء جمعه بنظيرته الأمريكية جينا ريموندو، إنه حضّ واشنطن على مطابقة أقوالها بأفعالها.
ونقلت "شينخوا"، عن الوزير الصيني أنه أثار مخاوف جدية فيما يتعلق بقضايا عدة تشمل التعريفات الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية بموجب القسم 301، إضافة إلى سياسات أشباه الموصلات، وما وصفه بـ"الدعم التمييزي والعقوبات على الشركات الصينية"، في إشارة إلى مجموعة من الإجراءات تعتبرها واشنطن ضرورية "للتخلص من مخاطر سلاسل التوريد الخاصة بها".
ويعقد الصينيون ونظرائهم من الولايات المتحدة، جولة جديدة من المحادثات لحل المسائل التجارية "المثيرة للجدل" بعد زيارة وزيرة التجارة الأمريكية بكين، ضمن سلسلة زيارات عالية المستوى لمسؤولين أمريكيين في الأشهر الأخيرة، بهدف خفض حدة التوتر بين القوتين العظميين.
قيود أمريكية
وفرضت أمريكا قيودًا على الشركات الصينية في 10 أغسطس الماضي، إذ أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتقييد الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا فائقة الحساسية بالصين، ما جعل بكين تعرب عن قلقها وتهديدها باتخاذ إجراءات.
وقالت الصين إن القرار يعطل بشدة سلاسل التصنيع والإمداد العالمية، واتهم متحدث باسم وزارة التجارة الصينية الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي بأنه "ينحرف بشكل خطير عن اقتصاد السوق ومبادئ المنافسة العادلة التي طالما روجت لها الولايات المتحدة" وأنه يضر بنظام التجارة الدولية ويعطل بشدة أمن سلاسل التصنيع والإمداد العالمية.
وأكمل المسؤول الصيني، متهمًا أمريكا بالسعي لحرمان الصين من حقها في التطور واستمرار تفوق الولايات المتحدة، قائلًا إن أمريكا تنظر إلى تفوقها بصورة أنانية وعلى حساب الآخرين، وهو ما يمكن وصفه بـ"الإكراه الاقتصادي".
ونص أمر بايدن، على توجيه وزارة الخزانة الأمريكية، لتقييد بعض الاستثمارات الأمريكية في الصين في قطاعات التكنولوجيا الفائقة الحساسية، بما في ذلك أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، كما يعطي القرار، لوزيرة الخزانة الأمريكية سلطة حظر أو فرض قيود على الاستثمارات الأمريكية في الكيانات الصينية في ثلاثة قطاعات، هي أشباه الموصلات والإلكترونيات الدقيقة.
حرب الرقائق الإلكترونية
شددت الولايات المتحدة في مطلع أغسطس، الإجراءات العقابية، لتقييد مبيعات تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية إلى الصين، في محاولة لإعادة التقدم العسكري لجيشها.
وتمنع الولايات المتحدة الشركات الأمريكية من بيع رقائق معينة تستخدم في تطوير الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي للشركات الصينية، وهو ما أثار غضب الصين.
كما تستهدف القيود أيضًا حظر المبيعات من الشركات الأجنبية التي تستخدم معدات وتكنولوجيا أمريكية، في وقت يخوض فيه البلدان سباق تسليح، بحسب "بي بي سي".
وبدأت إدارة بايدن، وقبلها إدارة ترامب، في فرض قيود على الشركات الصينية، وفرضت إدارة بايدن قيودًا على الرقائق المتطورة ومعدات صناعتها والبرمجيات المستخدمة لتصميم أشباه الموصلات، مبررة هذه الإجراءات بمخاوف تتعلق بالأمن القومي.
الصين والغاليوم والجرمانيوم
وفي مطلع الشهر الماضي، بدأت الصين فرض قيود على تصدير معدني الغاليوم والجرمانيوم، الأساسيين لصناعة أشباه الموصلات، إذ تعد أبرز منتج عالمي لهما، وهي خطوة ينظر إليها على أنها رد صيني على القيود المفروضة من واشنطن على قطاع التكنولوجيا في الصين، لما لهذه الرقائق من أهمية في إنتاج الكثير من الأجهزة الإلكترونية، بداية من آلات إعداد القهوة إلى السيارات الكهربائية والهواتف الذكية، إضافة إلى استخدامات في مجال صناعة الأسلحة.