الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الجامعات الفرنسية تفتح أبوابها.. والأزمة المالية تغلقها في وجه الطلاب

  • مشاركة :
post-title
جامعة السوربون الفرنسية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مع قرب بدء العام الدراسي الجديد في فرنسا، تم تسجيل ارتفاع "تاريخي" في تكاليف المعيشة للطلاب، وفقًا للاتحاد العام للجمعيات الطلابية، في استطلاعه السنوي الذي نشر يوم الأربعاء الموافق 16 أغسطس، إذ جاءت هذه الملاحظة مُشابهة لتلك التي لاحظها اتحاد الطلاب الوطني الفرنسي في استطلاعه يوم الاثنين الموافق 14 أغسطس، وبينما استخدمت المنظمتان الطلابيتان أرقامًا ومنهجيات مُختلفة قليلًا، إلا أنهما وصلتا إلى نفس الاستنتاج، الذي يقول إن الطلاب سيشهدون صعوبات إنفاقية في عام 2023 الدراسي.

أزمة السكن والغذاء

وأوضح تقرير نشرته مجلة "لوموند" الفرنسية أنه للمرة الأولى، ستتجاوز تكاليف الرسوم الدراسية للعودة إلى المدرسة، حسبما ذكر الاتحاد العام للجمعيات الطلابية، الحاجز المعنوي للـ3000 يورو، إذ ستبلغ 3024.94 يورو هذا العام مقارنة بـ2527 يورو في العام الماضي.

وقال فيليكس سوسو، المُتحدث باسم الاتحاد العام للجمعيات الطلابية: "يعود ذلك بشكل خاص إلى تأثير الأزمة الاجتماعية والجيوسياسية التي أدت إلى تضخم غير مسبوق".

تُشير دراسة الاتحاد العام للجمعيات الطلابية إلى أن نفقات المعيشة للطلاب شهدت نموًا متفجرًا، إذ بلغت 1199 يورو شهريًا، بزيادة قدرها 8.88% مقارنة بعام 2022. وبالإضافة إلى ذلك، هناك اختلافات إقليمية حادة، إذ بلغت التكاليف الآن 2197 يورو شهريًا في منطقة باريس الكبرى و1797 يورو في باقي المناطق.

وتُشير الدراسة إلى أن هناك عاملين ضروريين لارتفاع الإنفاق يتحملهما الطلاب بشكل خاص، وهما أسعار الإيجارات التي قفزت بنسبة (+8.95%) وأسعار المواد الغذائية التي زادت بنسبة (+15.43%)، في هذا السياق يُشير "سوسو" إلى أن المساعدات المخصصة للطلاب لا تسمح لهم بالتكيف مع ارتفاع التكاليف.

وأشارت الدراستان إلى زيادة مخصصات المساعدة الشخصية للإسكان في أبريل بنسبة 1.6%، إلا أنها بعيدة كل البعد عن الزيادة البالغة 8.95% في الإيجار، بينما تم رفع المنح الدراسية القائمة على المعايير الاجتماعية بمقدار 37 يورو شهريًا، ومن جانبه أكد "سوسو": "أنها زيادة تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها تظل أقل بكثير من الزيادة الإجمالية في نفقات المعيشة، والتي تبلغ 98 يورو شهريًا مقارنة ببداية العام الدراسي 2022".

أعرب اتحاد الطلاب الوطني الفرنسي عن نفس الرأي، إذ قدر أن تكلفة المعيشة للطلاب ستزيد بنسبة 6.47% مقارنة بعام 2022. وقال أدريان ليينا، أمين الصندوق العام للاتحاد: "لم نشهد مثل هذه الأرقام العالية في 19 عامًا من إجراء الاستطلاع". وعزى الاتحاد هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 10.3% وكذلك تكاليف الخدمات العامة التي بنسبة 10.1%، بالإضافة إلى تكاليف النقل مع تزايد أسعار تذاكر المواصلات العامة، على الرغم من أن ذلك يختلف من منطقة إلى أخرى.

الإسكان لا يزال أكبر نفقة

أكدت كلتا المنظمتين أن الإسكان لا يزال أكبر نفقة للطلاب، ولذلك، طالبتا بفرض رقابة على الإيجار في جميع المدن الجامعية والمدن، فضلًا عن تسريع جدول زمني لتحديث وحدات السكن في المساكن الجامعية، الذي يقدمه المركز الإقليمي للجامعات والأعمال المدرسية، وهي مساكن منخفضة الإيجار ومدعمة بشكل أساسي لطلاب المنح الدراسية.

تكاليف الصحة والنقل

عبر كل من الاتحاد العام للجمعيات الطلابية والاتحاد الوطني لطلاب فرنسا أيضًا، عن قلقهما من خطر انخفاض حاد في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، إذ تعتبر نفقات الرعاية الصحية غالبًا واحدة من المجالات التي يحاول الطلاب توفير المال فيها. وقدر اتحاد الطلاب الوطني الفرنسي أن 38% من الطلاب قد تخلوا عن الرعاية الطبية في عام 2022، وذلك بصفة رئيسية لأسباب مالية. وفي الوقت نفسه، تزايدت احتياجات الرعاية الصحية. وقال "ليينا": "التغطية الصحية للطلاب هي نقطة عمياء في سياسة الحكومة".

ارتفعت أيضًا تكاليف النقل بشكل كبير، إذ ارتفعت أسعار وقود السيارات وتذاكر النقل العام، ومع ارتفاع تكاليف الإيجارات والمواد الغذائية والنقل، يواجه الطلاب ضغوطًا مالية كبيرة وتراجعًا في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية.

مساهمة حياة الطلاب والحرم الجامعي

وقال اتحاد جمعيات الطلاب العامة إن تكاليف العودة إلى الدراسة ارتفعت أيضًا، مما أدى إلى "فرص غير متكافئة حتى قبل بدء الفصول الدراسية".

مما يشير إلى زيادة في مساهمة حياة الطلاب والحرم الجامعي، والتي يلتزم الطلاب بدفعها لتحسين الظروف المعيشية في الحرم الجامعي وتستند إلى التضخم، على مدى السنوات الخمس الماضية، وارتفعت مساهمة حياة الطلاب والحرم الجامعي بمقدار 10 يورو ووصلت إلى 100 يورو للعام الدراسي 2023.

محاولات حكومية

وفي دليلها لبدء العام الطلابي 2023، الذي نُشر في 14 أغسطس، سلطت وزارة التعليم العالي والبحوث الضوء على "التزامها" بمكافحة انعدام الأمن المالي للشباب، من خلال الإعلان عن الإفراج عن 500 مليون يورو سنويًا لتعزيز نظام المنح الدراسية والحصول على الخدمات الغذائية والسكن، كما كررت التزامها بتجديد 12 ألف وحدة سكنية مدعمة بحلول نهاية فترة الخمس سنوات.

ورأت المنظمتان أن هذه التطورات "تدابير صغيرة"، داعيتين إلى "إصلاح شامل للمنح الدراسية"؛ من أجل الابتعاد عن نظام المنح الحالي المكون من ثمانية مستويات على أساس دخل الوالدين.

ومن جانبها ترى الصحيفة أن هذه الزيادة في تكاليف المعيشة بالنسبة للطلاب أمر مقلق للغاية، إذ يعتمد العديد من الطلاب على المنح والقروض لتمويل دراستهم ومصروفاتهم الأساسية، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من الضغط المالي على الطلاب، فقد يجد العديد منهم صعوبة في متابعة دراستهم وتحقيق أهدافهم التعليمية.