مع التغيرات المناخية السريعة والاحتباس الحراري المتزايد، تواجه فرنسا الآن تحديًا صحيًا جديدًا ومُتزايد الخطورة، إذ إن القراد، الذي كان في السابق معزولًا في المناطق الرطبة والباردة، يتوسع الآن في نطاقه، مُستفيدًا من الظروف الجديدة.
هذه الحشرات الدقيقة، التي يُمكنها نقل العديد من البكتيريا والفيروسات والطفيليات الضارة للبشر، أصبحت موجودة الآن في كل مكان في فرنسا، مما يعرض البلاد لمجموعة من الأمراض التي كانت في السابق نادرة أو غير معروفة، فيما تعمل السُلطات الصحية على مراقبة ومكافحة هذه الأمراض الجديدة، ولكن التحدي يكمن في تغير المناخ الذي يعزز انتشار القراد، والأمراض التي يُمكن أن ينقلها التي تتراوح من مرض" لايم " الشائع، إلى أمراض أكثر خطورة مثل التهاب الدماغ وحمى القرم النزفية.
في هذا السياق نشرت صحيفة "لوموند" تقريرًا يُشير إلى أن القراد يعد العامل الرئيسي في نقل الأمراض بين البشر والحيوانات في نصف الكرة الشمالي، وقد أظهرت الإحصاءات الصادرة عن الصحة العامة فرنسا زيادة ملحوظة في حالات مرض" لايم"، حيث ارتفع معدل الإصابة من حوالي 40 حالة لكل 100,000 نسمة في عام 2009 إلى 90 حالة لكل 100,000 نسمة في عام 2020.
تؤكد الصحيفة أن العلاج بالمضادات الحيوية، يُمكن أن يوقف العدوى البكتيرية بسرعة إذا تم التشخيص بعد فترة قصيرة من اللدغة، ولكن إذا تأخر التشخيص، يمكن أن يتقدم المرض وينتشر إلى العديد من الأعضاء، مما يسبب أعراضًا مثل الصداع، والتعب، وألم العضلات أو المفاصل.
أشار التقرير إلى أن النوع المسؤول عن نقل مرض" لايم" هو قراد الحيوانات، وهو موجود في جميع أنحاء أوروبا حتى الدائرة القطبية الشمالية، مؤكدًا أن هذا النوع ينقل حوالي 20 مسارًا آخر للعدوى، واحد منها يثير قلق السلطات، وهو فيروس التهاب الدماغ الناتج عن لدغات القراد.
التغيرات في ممارسات الغابات وإعادة التأهيل النباتي للمدن وبعض ممارسات الصيد، جميعها عوامل تُسهم في توزيع الأنواع المختلفة من القراد.
بالإضافة إلى ذلك، تتسارع هذه الظواهر بفعل الاحتباس الحراري العالمي، إذ إن قراد الحيوانات، التي تفضل العيش في الأماكن الرطبة، قد يتأثر بفترات الجفاف الطويلة والمتزايدة الناجمة عن التغير المناخي، مما يدفعه شمالًا.
بينما، قُراد الجِمال، الذي يفضل الأجواء الحارة والأكثر جفافًا، قد تقدم خاصة في جنوب فرنسا منذ عام 2015.
تتطور المشكلة بشكل أكبر مع قُراد الجِمال، المعروف بحمله لفيروس حمى القرم النزفية، مع أنه لم يتم اكتشاف أي حالات حتى الآن على الأراضي الفرنسية، فقد تم ملاحظة المرض في اليونان وإسبانيا.
بالتالي، يتعين على فرنسا والبلدان الأوروبية الأخرى التعامل مع تزايد التهديدات الصحية المرتبطة بالقراد.
مع تغير المناخ وتغيير العوامل البيئية، يتغير توزيع الأنواع المختلفة من القراد والأمراض التي يمكنه نقلها.
في هذا السياق، تستمر السُلطات الصحية في مراقبة ومكافحة الأمراض التي يُمكن أن ينقلها القراد، وتعزيز البحث في طرق مكافحة هذا التفشي.