في تحرك طارئ، يسعى إلى وقف انخفاض بلغ 40% في قيمة سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأمريكي، رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة 350 نقطة أساس إلى 12% أمس الثلاثاء، في أعقاب دعوة أطلقها الكرملين لتشديد السياسة النقدية.
وعقد البنك المركزي الروسي، اجتماعًا استثنائيًا بشأن الفائدة بعدما تجاوز الدولار عتبة الـ100 روبل الاثنين، بفعل تأثير العقوبات الغربية على الميزان التجاري الروسي، إضافة إلى زيادة الإنفاق العسكري لسد متطلبات العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
سياسات التيسير النقدي
وعقد البنك المركزي اجتماعًا طارئًا، في أعقاب انتقادات وجهها لسياساته، مكسيم أوربشكين المستشار الاقتصادي للرئيس الروسي، ووصفها بأنها سياسة "للتيسير النقدي"، وعلى أثر ذلك انخفض الروبل إلى 102 مقابل الدولار.
وعزا البنك قراره اليوم في بيان وقال "تتصاعد الضغوط التضخمية، ويهدف القرار إلى الحد من المخاطر على استقرار الأسعار، تأثير انخفاض الروبل على الأسعار يزداد قوة، وتوقعات التضخم آخذة في الارتفاع".
صمود يحسب للاقتصاد الروسي
في تقدير الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، أمس الثلاثاء، فإن الاقتصاد الروسي تمتع بالمرونة والحيوية على مدار 18 شهرًا، مضت، رغم الضغوط الغربية المتمثلة في العقوبات.
وعدّ "سمير" خطوة البنك المركزي الروسي، الأخيرة، برفع سعر الفائدة "لأول مرة "بعد كفاح دام هذه الفترة صمودًا "يحسب للاقتصاد الروسي"، وتؤكد أن موسكو قادرة على التعامل مع تداعيات التضخم في الفترة القادمة، وفق توقعاته.
دفاع عن الروبل
قال خبير العلاقات الدولية: "ربما لأول مرة نشهد هذا التراجع في قيمة الروبل الروسي، ويتم رفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي، والهدف منه تجنب، ارتفاعات جديدة في التضخم، والدفاع عن العملة الوطنية، الروبل، حتى لا يتخلص منها المواطنون الروس سعيًا لعملات أجنبية أو حتى الضغط على الذهب".
استراتيجية الأنبوب من الشرق
وأشار خبير العلاقات الدولية إلى مجموعة من الخطوات اتبعتها الحكومة الروسية للحفاظ على الاقتصاد الروسي وكانت "ناجحة جدًا" في تقديره.
قال "سمير" إن روسيا انتهجت نظرية تسمى "الأنبوب من الشرق" ومن خلالها عكست الحكومة الصادرات التي كانت تتجه إلى أوروبا والولايات المتحدة وحلفاءها في آسيا، كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا، وحولتها إلى الشرق.
أضاف "الآن يتم بيع الغاز إلى الصين والهند، من خلال أنابيب أو عبر خطوط جديدة "قوة سيبيريا 1" و"قوة سيبيريا 2" وهما خطوط بديلة لـ"نورد ستريم 1" الذي كان نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى أوروبا، و"نورد ستريم 2" والذي تم تخريبه في سبتمبر من العام الماضي وكان من المقرر أن ينقل نفس الكمية من الغاز إلى أوروبا".
الاقتصاد الروسي سيمتص الصدمة
واستبعد "سمير" أن يكون قرار البنك المركزي بداية لتأثير تأمله الدول الغربية للاقتصاد الروسي، منذ بدأت في تكييل العقوبات له مع بدأ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا 24 فبراير الماضي. قال "ستنجح الحكومة الروسية في احتواء جزء كبير جدًا من العقوبات، والدليل على ذلك، 18 شهرًا من الحرب ومحاولة استنزاف الاقتصاد الغربية العملاقة للاقتصاد الروسي الصغير جدًا، مقارنة بالاقتصاد الأمريكي واقتصاد الاتحاد الأوروبي"، لكن دون جدوى.
ولا يزيد الناتج القومي الروسي على 1.08 تريليون، بالمقابل يبلغ الناتج المحلي الأمريكي السنوي حوالي 21 تريليون، كما يبلغ إنتاج الاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون.
أشار خبير العلاقات الدولية إلى أن حجم العقوبات الغربية الضخمة وتأثيرها، والمسارات التي سارت فيها من حظر لاستيراد الغاز واليورانيوم والكهرباء والذهب إضافة إلى تجميد أصول تزيد على تريليون دولار، "كل هذا كان مأمولًا منه أن يؤدى إلى نتائج كارثية على الاقتصاد الروسي" لكنه في تقديره "استطاع أن يمتص كل هذه الصدمات طوال ما يقرب من 18 شهرًا طوال فترة الحرب".
ومنذ شنت روسيا العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا قبل نحو 18 شهرًا، شنت الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاؤهما عقوبات متصاعدة لإلحاق ضرر، لم تبلغه بعد، بالكرملين، حيث بدا أن الاقتصاد الروسي سينمو بنسبة 0.3 في المئة خلال العام الجاري 2023، وفق توقعات صندوق النقد الدولي، في حين أن بريطانيا وهي دولة شاركت في فرض العقوبات، يتوقع أن ينكمش إجمالي ناتجها المحلي.