الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد عام من "حرب العقوبات".. هل تأثر الروبل الروسي بضربات الغرب؟

  • مشاركة :
post-title
الروبل الروسي ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مع دخول الحرب بين روسيا وأوكرانيا عامها الثاني، وسط أجواء توحي باستحالة تحديد موعد محدد لنهاية الصراع، في ظل غياب أي حل يلوح في الأفق بين الطرفين.

يُعتبر الصراع الروسي الأوكراني الحدث الأبرز في العالم، خلال العام الماضي، والذي أثر سلبًا على اقتصاد البلدين، لا سيما اقتصاد روسيا، الذي حاولت العقوبات الغربية "تركيعه".

على الرغم من أنه من المُتوقع أن يكون لتداعيات الحرب تأثير مُدمر على العملة الروسية، فقد أظهر الروبل مرونة مفاجئة وقاوم بشدة آثار العقوبات، مما وضع القوى الغربية والرئيس الأمريكي، جو بايدن، في موقف حرج، خاصة أنه أعلن في مطلع الحرب أن خطوات بلاده شلت قدرات البنك المركزي الروسي لدعم الروبل، الذي بات يساوي أقل من بنس أمريكي واحد، وهو كلام ثبت عكسه.

دور "الجنرال المالي" في قوة الروبل

يُمكن القول أنه خلال السنة الأولى من الصراع استمد الروبل الروسي قوته من قرارات رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، التي توصف بـ"الجنرال المالي"، حيث نجحت بمهارة في إدارة معركة الكفاح؛ من أجل الحفاظ على الروبل، إذ تمكنت من جعل العملة مقاومة لما يقرب من 11 ألف عقوبة مفروضة على الاقتصاد الروسي، في الفترة من 22 فبراير 2022 إلى 19 فبراير 2023، وفقًا لإحصائيات "ستاتيستا".

لمع نجم "نابيولينا" خلال الأيام الأولى للصراع، بعدما غرق الروبل في موجة من الخسائر التي نتج عنها خسارة ما يقرب من 60% من قيمته، لذلك قررت "الجنرال المالي" رفع أسعار الفائدة من 9.5% إلى 20% لوقف نزيف السحوبات المصرفية، وفقا لصحيفة "إزفيستيا" الروسية.

كما طالبت الشركات الروسية بشراء الروبل بـ 80% من العملات الأجنبية ووضع حد أقصى لسحب العملات الأجنبية والتحويلات إلى الخارج.

لتأتي الضربة القاضية لمفعول العقوبات الغربية على روسيا، بطلب موسكو من الدول "غير الصديقة" دفع ثمن الطاقة الروسية المصدرة بالروبل الروسي، إذ ساهمت هذه الخطوة بالأخص في إعادة العملة الروسية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل بدء الحرب.

ما استطاعت، إلفيرا نابيولينا، تحقيقه في العام الأول من الصراع هو نتيجة عملها التحضيري لإعداد بلدها للتعامل مع "اقتصاد العقوبة"، إذ واجهت روسيا حوالي 2750 عقوبة قبل بدء الحرب مع أوكرانيا.

وتستمر "نابيولينا" في قيادة القطاع المالي للبلاد بنجاح حتى الآن، واستطاعت إعادة مستويات الفائدة في روسيا إلى 7.5 في المئة، مع الأخذ في الاعتبار ديناميكيات التضخم، وعملية إعادة هيكلة الاقتصاد الروسي.

حلول روسية مع العام الثاني للحرب

ومع دخول الحرب عامها الثاني، بدأت العملة الروسية تظهر بعض علامات الضعف، مما دفعها إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 76 روبل مقابل الدولار، وهو مُؤشر يقول بعض الخبراء إنه دليل على إلى أين ستتجه العملة؟، في حين يؤكد آخرون أن هذا التراجع مدروس، وأن العملة الروسية لا تزال تملك مقومات الصمود، وأنها ما زالت مقاومة.

بعيدًا عن "الانهيار" الذي تنبأ به وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، بعد الموجات الأولى من العقوبات الغربية في أعقاب الصراع، تقلص الناتج المحلي الإجمالي لموسكو بنسبة 2.1% فقط في عام 2022، وفقًا لخدمة الإحصاء الروسية "روس ستات"، في حين توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 0.3% في عام 2023، وفقًا لشبكة "فرانس 24".

قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم 21 فبراير في خطابه عن حالة الأمة "لقد ضمنا استقرار الوضع الاقتصادي وقمنا بحماية مواطنينا"، مضيفًا أن الغرب فشل في "زعزعة استقرار المجتمع الروسي".

ترجع المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي في المقام الأول إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز في عام 2022، والذي عوض عن انخفاض حجم الصادرات - وهو انخفاض بنحو 25% للغاز.

تمكن الاتحاد الأوروبي، الذي كان سابقًا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لروسيا، من خفض وارداته من الغاز الطبيعي الروسي بنسبة 55%، بهدف تقويض قدرة موسكو على تمويل الحرب.

ولمعالجة العجز، لجأت روسيا إلى مشترين جدد، بما في ذلك تركيا والهند والصين على وجه الخصوص، ورفعت نسبة شحنات الغاز إلى الأخيرة، عبر خط أنابيب غاز سيبيريا بنسبة 48%، وفقًا لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك.