الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المدينة المفخخة وخنادق الهروب.. استراتيجية روسيا الجديدة في الحرب

  • مشاركة :
post-title
مدينة خيرسون

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

جاء التراجع الروسي في الأراضي الأوكرانية ليطرح علامات استفهام حول مغزى ذلك الانسحاب، هل الحرب أصبحت أكبر من قوة روسيا العسكرية؟.. هل تتجه موسكو لاستراتيجية جديدة لم تضح بعد؟.. ماذا تخطط روسيا من انسحاباتها من مدينة تلو الأخرى؟.. كان آخرها مدينة خيرسون الاستراتيجية بالجنوب الأوكراني.

التكتيك الروسي

في تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، أوضحت أن انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون جاء عقب خطة روسية بوضع عدد ضخم من الألغام في أراضي المدينة الاستراتيجية.

وأضافت "الجارديان" أن خيرسون قد تحتاج لسنوات طويلة لكي تصبح "آمنة" مرة أخرى، بعدما حوّلتها قوات موسكو إلى واحدة من أكثر المناطق الملغومة في العالم.

وبعد تحرير المدينة، انكبت الشرطة الأوكرانية على إزالة الألغام من خيرسون، ونبهت السلطات سكان المدينة بوجود ألغام خلّفتها القوات الروسية محذّرة السكان من توخي الحذر أثناء "التحرك".

ونقلت "الجارديان" عن شهود وضباط عسكريين، أن إزالة الألغام الروسية من المدينة "المفخخة" قد يستغرق شهورًا إن لم يكن سنوات.

ألغام "مدينة الموت"

كما حذّرت السلطات الأوكرانية من أن موسكو كانت تحاول تحويل خيرسون إلى "مدينة موت"، لكن يبدو الآن أن الجنود الروس حوّلوا المنطقة بأكملها إلى حقل ألغام.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن انسحاب القوات الروسية من المناطق التي كانت تحت سيطرتها، عمل على ترك آلاف الألغام والمتفجرات في جميع أنحاء المدينة.

وبعد نجاح قوات أوكرانيا من السيطرة على المدينة الاستراتيجية، في 11 نوفمبر الجاري، طلب حاكم المنطقة، ياروسلاف يانوشفيتش، من السكان تجنب التجمع في الجزء الأوسط من المدينة، حيث يحتاج خبراء المتفجرات إلى إزالة الألغام أولًا.

وأضاف: أن "القوات الروسية لغّمت كل شيء تقريبًا في خيرسون"، وفقًا لصحيفة "كييف إندبندنت" الأوكرانية.

من جانبه، أوضح تيمور بيستريوها، رئيس منظمة غير حكومية تابعة لجمعية إزالة الألغام الأوكرانية، أن "من المحتمل أن تكون منطقة خيرسون أكثر منطقة ملغومة في البلاد، وللأسف يمكن أن تحتل أوكرانيا قريبًا المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات الناجمة عن الألغام"، وفقا لـ"الجارديان".

أما الطرق المؤدية إلى خيرسون والمغطاة بأنقاض الحرب، فتصطف على جانبيها أطواق حمراء طويلة ولافتات تشير إلى وجود حقول ألغام كل 10 أمتار.

كانت خيرسون أول مدينة كبرى تسقط في يد القوات الروسية منذ بداية الحرب فبراير الماضي، وقد أعلن الرئيس فلاديمير بوتين ضمها إلى أراضي بلاده في نهاية سبتمبر.

واحتلت خيرسون المرتبة الخامسة في العالم من حيث الخسائر المدنية الناجمة عن الألغام، والمرتبة الثلاثة الأولى في حوادث الألغام المضادة للمركبات، وفقًا لـ"الأمم المتحدة".

كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، أمس الجمعة، أنها أكملت في الساعة 05,00 بتوقيت موسكو (02,00 ت.غ) "إعادة نشر" وحداتها من الضفة الغربية لنهر دنيبرو، حيث تقع مدينة خيرسون إلى الضفة اليسرى.

وأكدت أن القوات الروسية لم تتكبد أي خسارة ولم تترك معدات عسكرية وراءها، مضيفة أنه تم سحب أكثر من 30 ألف جندي روسي، ونحو خمسة آلاف قطعة أسلحة وآلية عسكرية من الضفة الغربية للنهر.

وزار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الاثنين الماضي، مدينة خيرسون، واتهم القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب قبل أن تفر الأسبوع الماضي، وفقًا لـ"رويترز".

خنادق الهروب

لم تكن خطة "الألغام" هي وحدها التي اتبعتها روسيا في حربها الدائرة للدفاع عن مناطق سيطرتها في الشرق والجنوب الأوكراني.

بعد انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون، اتجهت موسكو الى اتباع استراتيجية حربية جديدة، وهي "خنادق الهروب" حيث بدأت القوات الروسية في تعزيز دفاعاتها من خلال حفر خنادق وبناء تحصينات حول شبه جزيرة القرم، في وقت تشن فيه القوات الأوكرانية هجومًا مضادًا في جنوب البلاد.

ونقلت صحيفة "التايمز"، تقرير وزارة الدفاع البريطانية، الذي كشف أن قوات بوتين تحاول تعزيز دفاعاتها في الأراضي التي لا تزال تحت سيطرتها، وأن تقوم بوضع تعزيزات أخرى خاصة بعد انسحاب قواتها من خيرسون.

وأضافت الدفاع البريطانية، أنه بعد انسحاب قواتها من غرب نهر دنيبرو، تواصل القوات الروسية إعطاء الأولوية لإعادة التشكيل والتنظيم وإعداد دفاعاتها في معظم الأراضي التي توجد تحت سيطرتها في الشرق الأوكراني.

تتضمن خطط موسكو الدفاعية، بناء أنظمة خنادق جديدة على طول حدود شبه جزيرة القرم، وكذلك بالقرب من نهر سيفيرسكي دونيتس بين إقليمي دونيتسك ولوهانسك، وأن بعض هذه المناطق تقع على بُعد 60 كم خلف خط المواجهة الحالي، مما يشير إلى أن الروس يستعدون في حالة حدوث المزيد من تقدم عسكري أوكراني، وفق "التايمز".

ونقلت التايمز، تصريحًا لسيرجي أكسيونوف، حاكم شبه جزيرة القرم الذي عينته موسكو بعد الضم، يقول فيه إن "أعمال التحصين جارية تحت سيطرتي، بهدف ضمان أمن جميع سكان القرم".

وسبق أن صرّح الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، بأن قواته تهدف إلى استعادة شبه الجزيرة، وكذلك جميع الأراضي الأخرى التي أعلنت موسكو في السابق ضمها.

وتعرض إقليم القرم، لعدة انفجارات في منشآت عسكرية روسية أو بالقرب منها منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، بما في ذلك هجوم منسق بطائرة مسيّرة على ميناء بحري روسي رئيسي في سيفاستوبول، وتدمير جزئي لجسر كيرتش الشهر الماضي.