دائمًا كانت لندن أحد المدن الأوروبية الرائدة في جذب المتسوقين الأمريكيين، لكن هذا الواقع بات يتغير بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ مع تفاقم الجدل حول الضريبة السياحية التي فرضها ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، يتجنب المتسوقون الأمريكيون الآن السفر إلى لندن ويفضّلون توجيه خطواتهم نحو مدن أوروبية أخرى مثل باريس وميلانو ومدريد.
أظهرت البيانات الجديدة أن المتسوقين الأمريكيين يتجنبون السفر الى لندن ويفضّلون المدن الأوروبية مثل باريس وميلانو ومدريد في أعقاب الضريبة السياحية المثيرة للجدل التي فرضها ريشي سوناك.
شهدت المتاجر الفاخرة وتجار التجزئة في غرب لندن، التي كانت منذ فترة طويلة مغرية للسياح الأثرياء، انخفاضًا في الإنفاق من قِبل الزوار الأمريكيين على الرغم من زيادة عدد الزائرين.
زيادة الحجوزات وقلة في التسوق
أظهرت الأرقام من شركة "نيو ويست آند كومباني" البريطانية، التي تمثل الأعمال في وسط لندن، أن عدد حجوزات الرحلات الجوية إلى لندن من الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 17٪ في الأشهر الثلاثة حتى يونيو 2023 مقارنة بالفترة نفسها في عام 2019. ومع ذلك، انخفضت الكمية من النقود التي ينفقها السياح الأمريكيون خلال تلك الفترة في غرب لندن بنسبة 1٪.
وبالمقارنة، زاد المبلغ الذي أنفقه المتسوقون الأمريكيون في فرنسا بنسبة 183٪ مقارنة بعام 2019، و174٪ في إسبانيا، وفقًا لما قالته الشركة البريطانية، مستشهدة ببيانات من شركة التسوق "جلوبال بلو".
أشار دي كورسي، الرئيس التنفيذي لشركة "نيو ويست آند كومباني" عندما يأتي الزوار من أماكن أبعد، بما في ذلك الأمريكيين، إلى المملكة المتحدة، فإنهم غالبًا ما يكونون في رحلة تتعدد المحطات التي تأخذهم في جميع أنحاء أوروبا القارية.
وأوضح رئيس الشركة في تصريحات لصحيفة التليجراف البريطانية أنه "مع وجود التسوق كأولوية رئيسية للمسافرين طويلة المدى، نعلم أنهم يبحثون مسبقًا عن المكان الذي يمكن أن تمتد إليه الدولار الأمريكي أكثر - وفي الوقت الحالي، هذا المكان ليس لندن".
أيضًا، قلّل السياح الأثرياء من الدول الخليجية من الإنفاق في لندن، وفقًا للبيانات، التي أظهرت أن الزيارات من دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت 7٪ في الأشهر الثلاثة حتى يونيو ولكن الإنفاق انخفض 17٪.
في الوقت نفسه، ارتفع إنفاق السياح من مجلس التعاون الخليجي في فرنسا وإيطاليا بنسبة 118٪ و 112٪ على التوالي، وفقًا لما أشارت إليه الشركة الإنجليزية .
قرار أضر لندن
واجهت الحكومة تحذيرات متكررة من رؤساء الشركات الكبرى بأن القرار بإلغاء التسوق خالي الضرائب في عام 2021 أضر بالعاصمة وجعلها أقل تنافسية مقارنة بوجهات أوروبا القارية.
كان نحو 50٪ من مبيعات المتاجر تأتي من السياح الأجانب قبل إلغاء التسوق خالي الضريبة على القيمة المضافة، مقارنة بنحو 5٪ بعد ذلك.
وقال مايكل وارد، المدير العام لمتجر هارودز، في وقت سابق من هذا الشهر، لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إن الشركة اضطرت إلى استبدال الحقائب الفاخرة بسلع بأسعار أقل في متاجرها في المطار بسبب الضريبة السياحية.
وقال وارد: "كنا نستطيع بيع حقيبة بـ1000، بـ1500 جنيه إسترليني والناس كانوا يدخرون ويقولون سأحصل على تلك الحقيبة وسأشتريها في المطار لأنني يمكن أن استرداد 200 أو 300 جنيه ضريبة'".
قرار لا يعود بالفائدة
تم إلغاء الخصم في عام 2021 في أعقاب البريكست، إذ كانت تسمح سابقًا للسياح بالمطالبة برد الضريبة على القيمة المضافة المدفوعة على بعض المشتريات مثل الملابس الراقية.
تعلل الوزراء في ذلك الوقت أنه ليس مغريًا بما فيه الكفاية للسياح ولا يعود بالفائدة على أجزاء أخرى من المملكة المتحدة خارج وسط لندن.
كانت رئيس الوزراء السابقة ليز تراس تخطط لاستعادة التسوق خالي الضريبة على القيمة المضافة عندما كانت في منصبها، لكن تم التراجع عن هذا بسرعة عندما تولى جيريمي هانت منصب المستشار بعد الميزانية الصغيرة في سبتمبر الماضي.