1096 يومًا مرّت على الجرح الغائر في قلوب أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت-أحد من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم- دون أي تقدم في التحقيق يشفي غليلهم، ليستمروا في استغاثاتهم ونضالهم لتحقيق العدالة.
وجدد أهالي القتلى والمصابين في الانفجار ندائهم بالكشف عن المسؤولين عن الانفجار، معلنين تمسكهم حتى النفس الأخير بمطلب تحقيق العدالة، وأحيّوا أمس الجمعة الذكرى السنوية لوقوع الكارثة، التي خلفت أكثر من 220 قتيلًا وإصابة أكثر من 6500 شخصًا، وتسببت في دمار المرفأ وأجزاء كبيرة من العاصمة.
تحت شعار "من أجل المحاسبة مستمرون، ومن أجل العدالة ماضون"، سار المئات من اللبنانيين على رأسهم أهالي الضحايا، في شوراع بيروت، وقال إلياس، شقيق لارا حايك، التي لا تزال في غيبوبة منذ يوم الانفجار، إنهم لا يزالون ينتظرون محاسبة المتسبب في الحادث، بعد 3 سنوات مرت، لم تعد فيها العائلة كما كانت.
يتذكر "إلياس" شقيقته التي وصفها بأنها "الفرحة"، وكيف تسبب الانفجار في دخولها بغيبوبة استمرت 3 سنوات، يحكي عن كيف تغيرت الأسرة، وكيف تعاني والدته، يحكي كيف يتمسكون بالأمل، وشقيقته غائبة عن الوعي، وكيف ينتظرون المعجزة حتى تعود إليهم.
والدتها كذلك حكت ما حدث، وكيف تتمسك بالأمل، وكيف تفقده كل يوم، وتواصل "القاهرة الإخبارية"، معها لإيصال صوتها لـ "العالم"، وكيف تشعر وتعاني وهي ترى ابنتها على هذا الحال منذ ثلاث سنوات.. يمكن الاطلاع على قصتها من هنــــــــــــــــــــــــــــــا .
أما والدة إلياس، الذي قُتل في الانفجار بعمر 15 عامًا، قالت: "انفطرت قلوبنا وأصبحنا نعيش وكأننا لسنا أحياءً.. ولن نمل من المطالبة بتحقيق العدالة والقصاص ممن تسببوا في الحادث".
وأضافت: "رسالتي أن هذه القضية لا يجب أن تمر، هذه جريمة ضد حقوق الإنسان، فكل مسؤول يؤمن بحقوق الإنسان وبكرامته، لا يجب أن يسمح بمرور هذه القضية دون محاسبة، وإلا لن يكون هناك عدالة أو حقوق إنسان".
تتذكر الأم صغيرها الذي فقدته على حين غرة: "إلياس كان عمره 15 سنة، هو حلم لكل أم، الله يبعت لكل أم ولد مثله، كان له قلب طيب وذكي ولما بيحط شيء براسه بيعمله وكان عنده أحلام كبيرة وكنت عارفة إنه هيحققهم لأنه ما بيحط شيء براسه إلا وحققه ما فيك تشوفه لو مارق على الطريق ما تتطلع بوجهه وتبتسم".
فيما قال باول نجار، والد الطفلة ألكسندرا، التي راحت ضحية الانفجار بعمر 3 سنوات: "نطلب من أعضاء مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن يتبنوا قرارًا للجنة تقصي الحقائق بتفجير المرفأ".
أين وصل التحقيق؟
خرج وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هنري خولي، أمس ليؤكد أن القضاء سيصل إلى النهاية المرجوة في جريمة انفجار المرفأ وتتبين جميع الحقائق، مُؤكدًا أنه على يقين، ورغم كل الصعوبات التي تعوق مسار الملف، بأن القضاء سيبين كل الحقائق وفاءً لدماء الشهداء وحماية لحقوق المتضررين، بحسب "سي إن إن".
وتم استئناف التحقيق في القضية، بعد تعليقه لنحو 13 شهرًا، في 23 يناير الماضي، عندما أعلن المحقق العدلي طارق بيطار بشكل مفاجئ استئناف التحقيقات.
وعندها قرر بيطار إخلاء سبيل خمسة موقوفين من أصل 17 منذ الانفجار، ومنعهم من السفر، بينهم عامل سوري ومسؤولان سابقان في المرفأ، كما قرر الادعاء على ثمانية أشخاص جدد، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، وحدد مواعيد لاستجواب 13 شخصًا مدعى عليهم.
وفي اليوم التالي، لإعلان بيطار استئناف التحقيقات، أعلن النائب العام التمييزي رفض قراراته كلها. وادعى عليه "على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، وأصدر منع سفر بحقه، كما قرر عويدات إطلاق سراح جميع الموقوفين في القضية، ليدخل التحقيق في فصل جديد من معركة قضائية غير مسبوقة، وسط دموع وآنين الأهالي الذي ينتظرون العدالة، بحسب "فرانس برس".
وفي السادس من فبراير 2023، أعلن بيطار إرجاء كل جلسات استجواب المدعى عليهم التي كان قد حددها إثر إعلانه استئناف التحقيق، كون النيابة العامة التمييزية قررت عدم اعترافها بمذكراته وباستئناف التحقيقات، ومنذ ذلك الإعلان وحتى الآن لم تتقدم التحقيقات، ويبدو أن التحقيق دخل في فجوة لا يعرف الأهالي متى سيخرج منها.