الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ذكرى ميلاد الأيقونة أحمد زكي.. بحث عن الصدق في أفلامه وأفلت من هزائم الإحباط

  • مشاركة :
post-title
أحمد زكي

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

الكثير من الممثلين يتمتعون بموهبة كبيرة في وطننا العربي، وعلى مدار التاريخ قدموا أدوارًا وشخصيات لا تنسى، لكن هناك من لم يكتف بالتعبير عن موهبته فقط، بل ساعدته هذه الهبة الإلهية في أن يرسم مسارًا مغايرًا، ويُحدث تحولًا كبيرًا في تاريخ الفن العربي، ومنهم النجم الراحل أحمد زكي الذي تمر اليوم 18 نوفمبر، ذكرى ميلاده.

التحول الذي صنعه أحمد زكي في الفن العربي، يتمثل في نظرة الجمهور إلى ما يعرف سينمائيا بـ "الجان" في الأفلام، الذي كان المنتجون والموزعون المتحكمون في صناعة السينما يرون أنه يجب أن يتمتع بشعر ناعم، وبشرة بيضاء، وعيون ملونة، لكن زكي نجح في تحطيم هذه المفاهيم ليصبح الممثل الأسمر أيقونة في عالم التمثيل، بعد مراحل صعبة مر بها وصدمات كانت كفيلة أن تصيبه بالإحباط، والتفكير في تغيير مساره المهني، في بدايات تثبيت أقدامه كنجم سينمائي بارز، إذ تم استبعاده من الوقوف أمام النجمة سعاد حسني في الفيلم الشهير "الكرنك" عام 1975.

"الموزع السينمائي للفيلم قال إني لا أصلح أن أحب سعاد حسني ضمن أحداث العمل؛ لأن شعري مجعد وبشرتي سمراء وشكلي قبيح"، هكذا تحدث الفنان الراحل أحمد زكي في لقاء تليفزيوني قديم عما حدث له وقت أن كان يستعد لبطولة أول فيلم سينمائي له، أمام نجمة بحجم سعاد حسني.

حاول الفتى الأسمر، أن يخفي ملامح حزنه وقت تذكره لتفاصيل هذه الأزمة التي أحبطته، راسمًا ابتسامة مصطنعة، مطلقًا "النكات" بين الحين والآخر.

اللافت للنظر، أن اختيار أحمد زكي لبطولة فيلم "الكرنك" الشهير، كان بناءً على أن المسئولين عن الفيلم وقتها رأوا فيه ممثلًا موهوبًا بعد تألقه في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، ودور صغير بأحد الأفلام وقتها، كما أن تفاصيل شخصية "إسماعيل"، الشاب الجامعي في العمل تلائمه، وتتطابق مع الرواية التي كتبها الأديب الراحل نجيب محفوظ، لفتى أسمر من أسرة فقيرة متواضعة يحب زينب أو "سعاد حسني"، التي هي أيضا من أسرة متواضعة.

كان أحمد زكي يرى أن شخصية "إسماعيل الشيخ" ووقوفه أمام النجمة سعاد حسني، بمثابة طاقة القدر التي فتحت له مرة واحدة، ولم يصدق نفسه عندما عرض الدور عليه المنتج ممدوح الليثي، وترك فيلمًا آخر من أجله، وحفظ السيناريو بالكامل، لكنه فوجئ وقت استعداده للتصوير بأن المنتج يقول له إن الموزع السينمائي يريد أسماء كبيرة في الفيلم، وليس ممثلًا جديدًا، ثم علم بعد ذلك بالرواية الحقيقية واعتراض الموزع على شكله.

وكما قال الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي: "مصائب شتى جمعت في مصيبة ولم يكفها حتى قفتها مصائب"، لم تكن صدمة الفنان الشاب وقتها في استبعاده من فيلم "الكرنك"، بل أيضا تم تقليص مساحة دوره في فيلم "شفيقة ومتولي"، لصالح النجم محمود عبد العزيز الذي جسد دور دياب في العمل، فيما جسد زكي دور "متولي"، لتستمر المتاعب للنجم الأسمر خصوصًا بعد أن توقف مشروع فيلم سينمائي ثالث كان قد وقع عقد المشاركة به.

لم تمنع الإحباطات المتتالية، أحمد زكي من مواصلة المشوار، متسلحا بحب الفن والتمثيل، وقدم عددًا من الأفلام السينمائية، وأيضًا مسرحية "العيال كبرت" مع سعيد صالح ويونس شلبي والنجم الكبير حسن مصطفى، لكن قدراته التمثيلية ظهرت بشدة من خلال تجسيد شخصية عميد الأدب العربي طه حسين، بمسلسل "الأيام" عام 1979 والذي رصد خلاله حياة الأديب الراحل لتشيد الأقلام النقدية بالممثل الأسمر الجديد.

انطلق أحمد زكي بعد ذلك في السينما مقدمًا روائع تلو الأخرى، منها "البيه البواب"، "النمر الأسود"، "أنا لا أكذب ولكني أتجمل"، "الحب فوق هضبة الهرم"، "موعد على العشاء"، "زوجة رجل مهم"، "الهروب"، "أحلام هند وكاميليا"، "شادر السمك" وغيرها من الأعمال.

اختيارات أحمد زكي لأدواره كانت تعتمد على مبدأ يعمل به دائمًا وقال عنه في أحد حواراته المتلفزة: "قبل أن أكون فنانا أنا مشاهد وإنسان يتحرك في الواقع الذي نعيشه وأرى الإيجابيات والسلبيات، لذا فإن لم أجد السيناريو صادقًا ومقنعًا أرفضه، ومدى قبولي لأي عمل يتوقف على مدى الصدق الذي يقدمه، وأيضًا أن يُلقي الضوء على شيء ما لا أعرفه ويضيف لي جديداً".