الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تطويق التنين الصيني.. أمريكا تعزز نفوذها في المحيط الهادئ عبر أستراليا

  • مشاركة :
post-title
تحالف أوكوس بين أمريكا وأستراليا وسوناك ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

يشتد الصراع الصيني الغربي لفرض السيطرة في منطقة المحيط الهادئ، في وقت تتزايد فيه حدة الخلافات حول تايوان، ما يجعل الكثيرون يتوقعون حربًا جديدة في المنطقة، وتزامنًا مع هذه التوترات تزايد الاهتمام الأمريكي بأستراليا في الآونة الأخيرة، سواءً بزيارات رفيعة المستوى أو بتحالفات دولية للتصدي للنفوذ الصيني، وحتى بتشغيل سفينة أمريكية لأول مرة في الخارج من ميناء سيدني. 

التقى وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين، لويد أوستن وأنتوني بلينكن، أمس الجمعة، مسؤولين أستراليين بينهم رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز ووزيرة الخارجية بيني وونج ووزير الدفاع ريتشارد مارليس، قبل محادثات رسمية مقرر لها اليوم السبت.

وتأتي زيارة أوستن وبلينكن لأستراليا، ضمن جولتهما في منطقة المحيط الهادئ، في محاولة لاستعادة الولايات المتحدة لمكانتها في إحدى أكثر المناطق تنافسًا مع الصين، التي يتعاظم حضورها دبلوماسيًا وعسكريًا. 

وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيين في أستراليا

وأعلن مسؤولون اليوم السبت، أن الولايات المتحدة تعتزم تعزيز مخزونها من الأسلحة، من خلال مساعدة أستراليا على تطوير صناعة الصواريخ، وكشف وزير الدفاع الأسترالي أن بلاده تأمل في بدء صنع الصواريخ في غضون سنتين، في إطار قاعدة صناعية مشتركة بين أستراليا وأمريكا.

ويقضي المشروع الذي تم الاتفاق عليه بين الجانبين، على تطوير أنظمة إطلاق صواريخ متعددة موجهة لأستراليا، وتوفير الدعم الأمريكي لتطوير صناعتها الصاروخية الناشئة لتأمين إمدادات موثوقة لقواتها المسلحة مستقبلًا، في وقت تسعى فيه أستراليا لتعزيز قواتها المسلحة، وامتلاك قدرات على توجيه ضربات عسكرية بعيدة المدى لإبعاد الأعداء المحتملين مثل الصين.

ووافقت أستراليا على إعادة تأهيل قواعد عسكرية في شمال البلاد، ذي الأهمية الاستراتيجية، حتى تتمكن من إيواء تدريبات وتسمح بتكثيف مناوبات القوات الأمريكية، وقال رئيس الوزراء الأسترالي إن بلاده ستستقبل "بوتيرة أعلى" زيارات غواصات تعمل بالطاقة النووية، بحسب "فرانس برس".

اتفاق أوكوس

سفينة حربية أمريكية

من جهته، قال توم كوربن، الباحث بمركز الدراسات حول الولايات المتحدة في جامعة سيدني، إن المناقشات تعد فرصة لتجديد اتفاق "أوكوس الدفاعي" بين كل من أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والذي تحصل أستراليا من خلاله على 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهو أمر قُدم على أنه واحد من أهم التحسينات العسكرية في تاريخ كانبيرا.

أما الركيزة الثانية لاتفاق أوكوس، فتتعلق بالحرب السيبرانية، والذكاء الاصطناعي، وتطوير صواريخ فرط صوتية، إذ يوصف الاتفاق بأنه شراكة تاريخية بين الدول الثلاث، للتصدي للقلق الناجم عن تنامي قوة الصين العسكرية.

وعن الاتفاق، قال تشارلز إيديل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن كل دولة لديها مبرر مختلف قليلًا حول سبب إبرام اتفاق أوكوس، إلا إنه في العمق هناك دائمًا الصين، رغم أنه لم يتم ذكرها صراحة خلال الإعلان عن أوكوس.

أول سفينة حربية أمريكية في اتفاق أجنبي

قبل نحو أسبوع من الزيارة، وتحديدًا في 22 يوليو الجاري، شغلت أمريكا سفينة حربية في ميناء سيدني، لتكون المرة الأولى التي تنضم فيها سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، للخدمة من ميناء أجنبي.

وتم تشغيل السفينة القتالية الساحلية من فئة الاستقلال، التي سُميت على اسم سفينة البحرية الملكية الأسترالية التي غرقت أثناء دعم عمليات الإنزال البحرية الأمريكية في جوادالكانال في عام 1942، في حفل أُقيم بقاعدة بحرية أسترالية في ميناء سيدني، وانضمت رسميًا إلى الأسطول النشط للبحرية الأمريكية، حسب وكالة أنباء "رويترز".

ماذا قالت الصين عن اتفاق أوكوس؟

على الجانب الآخر، نددت الصين باتفاق أوكوس، وحذرت من أنه يمثل "طريقًا خاطئًا وخطرًا"، واتهمت بعثة الصين في الأمم المتحدة الغرب بعرقلة جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية.

ووصفت الصين الاتفاقية، بأنها "غير مسؤولة" و ضيقة الأفق"، وقالت إن التحالف يخاطر بإلحاق أضرار جسيمة بالسلام الإقليمي وتكثيف سباق التسلح، منتقدة عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن، بحسب "بي بي سي".

تطويق الصين

رئيسة تايوان وكيفن مكارثي رئيس مجلس النواب الأمريكي

بات ظاهرًا للأعين، الجهود الغربية التي تهدف إلى تطويق التنين الصيني، وخنق بكين، خاصة بعد نجاحاتها الدبلوماسية الأخيرة في الشرق الأوسط، والتي تضاف إلى تقدمها الاقتصادي وتعاظم القوة العسكرية، وسعيها لخلق عالم متعدد الأقطاب.

ولا تتوانى أمريكا عن مخططاتها لعزل وإقصاء أي قوة دولية تفكر في منافستها على قيادة العالم، ولا يخفى على أحد الصراع الصيني الغربي حول تايوان والسيادة في المحيط الهادئ، إذ تهدف أمريكا وبريطانيا، من خلال دعم أستراليا، بتلك الغواصات، التي يمكنها إصابة كبريات المدن الصينية، وقدرتها على التخفي بشكل أفضل، لترجيح كفة الميزان العسكري في المنطقة لصالحها، بحسب "إندبندنت".

ويبرز على الساحة الدولية، رغبة الغرب والناتو، في مراقبة المحيط الهادئ، والاستعداد لأسوأ الاحتمالات، في وقت يأخذ فيه الصينيون في عين الاعتبار وجود قواعد عسكرية أمريكية في أستراليا، واحتمالات تدفق نحو 200 ألف جندي إليها، حال اجتياح الصين لتايوان، وهو ما يضع أستراليا على خط المواجهة المباشرة مع الصين.

وبهذا تصبح أستراليا على خط المواجهة مباشرة مع الصين، في وقت عبرت فيه الأولى عن مخاوفها، إذ حذر تقرير للجنة من خبراء الأمن القومي الأسترالي، من عدم جاهزية الجيش لمواجهة بكين، وأنهم بحاجة للتمكن من صد هجوم دولة مثل الصين.

وأرجع بيتر داتون، وزير الدفاع الأسترالي في 2022، إن عملية تسريع تسليح الجيش بصواريخ بعيدة المدى وزيادة الموازنة العسكرية، إلى الحرب في أوكرانيا، والخطر الذي تشكله "الأنظمة الاستبدادية" على الديمقراطيات الحرة، في إشارة منه إلى الصين، حسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

ورغم ذلك يمكن الجزم بأن أستراليا على أهميتها وقربها من الصين، ربما لن تكون الخيار الأول والأسرع، حال قررت الصين غزو تايوان، بل إن اليابان ستكون حجر الزاوية خاصة في ظل العلاقات المتوترة بين بكين وطوكيو، بحسب "إندبندنت".

وتميل أستراليا تجاه موقف واشنطن فيما يتعلق بتايوان، والسيطرة على بحر الصين الجنوبي، إذ ترى أن الصين لا يحق لها فرض سيطرتها على تايوان، وأن من حقها الاستقلال وأنه ليس من حق بكين فرض سيطرتها الكاملة على مياه دولية تدعي ملكيتها.

وتقول الصين دائمًا إن تايوان جزء من أراضيها، بحسب مبدأ "الصين الواحدة"، في وقت تعترف فيه واشنطن رسميًا بمبدأ الصين الواحدة، لكنها في الوقت نفسه تواصل استفزاز الصين وتعمل على زيادة قدرة تايوان العسكرية، والدول المحيطة بها استعدادًا لمواجهة عسكرية منتظرة.