بنموذج حي من الواقع السوري، يجسد مفاهيم التمسك بالأمل والسعي إلى تحقيق الطموح، مهما وضعت الظروف عراقيل أمام الأحلام، تستعرض المخرجة السورية زهرة البودي في شريطها الوثائقي "صول" قصة الشاب "جابي" المصاب بالمرض النادر "متلازمة العظام الكريستالية"، مما يجعله غير قادر على الحركة والمشي، لكنه لم يستسلم لليأس إذ وجد شغفه في وقت مبكر، وأصبحت الموسيقى دربه في الحياة، ويسلّط الفيلم الضوء على المرض، ليطرح القصة من جميع الجوانب الإنسانية مستعرضًا لحظات الألم والأمل.
أرادت مخرجة الفيلم الوثائقي زهرة البودي أيضًا، بعث رسالة من خلال استعراض مرض جابي لتحفيز الأمهات اللائي لديهن أبناء من أصحاب الهمم، لأن بعض الأسر تدخل في اكتئاب شديد ومعاناة من أن أولادهم لا يستطيعون التعايش بشكل طبيعي، وترمي فكرة الفيلم الوثائقي أنه يوجد دائمًا أمل لتجاوز الصعوبات التي تواجه الفرد في الحياة، إذ قالت لـ موقع "القاهرة الإخبارية": تصوري في البداية لاستعراض مسيرة جابي كانت تقتصر على فيلم مدته 10 دقائق فقط، لكنني وجدت حياة هذا الشاب السوري مفعمة بالأحداث والحيوية والقصص الإيجابية، ما جعلني أزيد من مدة الفيلم، ويعد هذا أحد أسباب استغراقي سنوات طويلة في تصوير العمل.
وكما واجه جابي بطل الفيلم صعوبات لكي يحقق أحلامه، صادف الأمر نفسه فيلم "صول"، إذ تكشف المخرجة أن خروج الفيلم للنور لم يكن سهلًا، قائلة: عانينا من ضعف الإمكانيات في سوريا والحروب، ما جعلنا نواجه صعوبة في الإنتاج وتأمين الكوادر، وانقطاع التيار الكهربائي وكثير من العراقيل واجهتنا، لذا طالت مدة تنفيذ الفيلم إلى نحو 7 سنوات، لكي يخرج بالمستوى الفني المطلوب.
اختارت زهرة البودي اسم "صول" عنوانًا لشريطها الوثائقي، إذ قالت: "صول" إحدى درجات السلم الموسيقي وتعني العلامة الثابتة أي أن جابي سيعيش حياة مستقرة، إذ يتضمن السلم درجات صعود وهبوط، وأردت في الفيلم توضيح أنه بعد كل لحظات الوقوع التي مر بها الفتى السوري سيصل في النهاية إلى الاستقرار.
يشهد الفيلم مشاركة الفنان البارز عابد فهد إيمانًا بهدفه وأيضًا لأنه تجمعه علاقة صداقة بـجابي بطل الفيلم وأسرته، حسبما توضح المخرجة مشيرة إلى أن الممثل السوري رحب كثيرًا بظهوره في الفيلم الذي تشارك به أيضا الفنانة فايا يونان.
يستعد فيلم "صول" لجولة في المهرجانات السينمائية، منها مهرجان جيتشون للموسيقى والأفلام بكوريا الجنوبية، استكمالًا لمشاركته في المهرجانات، حيث عرض مؤخرًا في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وتلقت المخرجة زهرة البودي وقتها العديد من ردود الفعل، قالت عنها: وصلتني تعليقات إيجابية ولمست من الجمهور إحساسهم بالجهد المبذول والتعب، وبالفعل شعروا بالمعاناة التي مررنا بها لتصوير الفيلم.
وأضافت المخرجة: ممتنة كثيرًا للجمهور الذي شاهد الفيلم في مهرجان الإسماعيلية، وسعادتي مضاعفة بكل التعليقات الإيجابية لأن الجمهور المصري فضلًا عن أنني أحبه بشكل خاص، فهو ذواق للسينما والفن بشكل عام، وأفتخر بأن العرض الأول للفيلم كان في مصر، وبمهرجان تابع لوزارة الثقافة، ولا أعتقد أنه سيشارك في مهرجانات أخرى طبقا لشروط وقواعد المهرجانات المصرية، لكن من الممكن أن يتلقى عروضًا للعرض خارج المسابقات الرسمية.
تميل زهرة البودي إلى الأفلام الوثائقية ولا تستهويها الأفلام الروائية، إذ قالت: "أفضل التعايش مع الحالات الحقيقية وهذا الأقرب لقلبي، وهدفي أن يصل الفيلم إلى أكبر شريحة حول العالم ولم يكن في مخيلتي أن يشارك الفيلم في مهرجان أو يحصل على جائزة.
مسيرة زهرة البودي بعد إخراج فيلم "صول"ـ تمتد إلى شرائط وثائقية أخرى وأفكار تراودها في الوقت الحالي، لكنها ما زالت في مرحلة التطوير، وتبحث حاليا عن منصات للتمويل على أمل أن يلقى الفيلم فرصته ليظهر إلى النور.