يواجه الهجوم المضاد الأوكراني تحديات كبيرة في محاولة استعادة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، إذ يظهر بوضوح بطء التقدم مقارنة بالتوقعات، في حين تشير أصابع الاتهام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بسبب الضغط من أجل جدول زمني تعسفي، وفشله في إعداد القوات الأوكرانية بشكل كامل.
رغم الترحيب الحار الذي يلقاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العواصم الغربية، لكنه صرّح بأن بطء تقدم الهجوم المضاد الأوكراني يُظهر الواقع الحقيقي للحرب التي لا تشبه أفلام هوليوود.
بطء التقدم مقارنة بالتوقعات
في الماضي، أثارت السرعة التي حققت بها أوكرانيا تقدمًا شمال كييف بعد الغزو الروسي، ثم في سبتمبر بمنطقتي خيرسون وخاركييف، توقعات بأن الهجوم المضاد الأخير يمكن أن يستعيد مساحة مماثلة من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا.
وعلى عكس التطورات التي حدثت في العام الماضي، والتي شهدت إعلان أوكرانيا أنها حررت 4600 ميل مربع بين 6 سبتمبر و2 أكتوبر، شهد الهجوم الذي بدأ قبل أكثر من 7 أسابيع استعادة ما يقرب من 80 ميلًا مربعًا و8 مستوطنات، وفقًا لكييف.
ورغم هناك أسباب عديدة لهذا النقص النسبي في النجاح، بما في ذلك قوة الدفاعات الروسية، يشير بعض الخبراء بأصابع الاتهام إلى حلف الناتو. وذلك بعدما حدد موعدًا تعسفيًا للهجوم المضاد، كما يقولون، ثم فشل في إعداد القوات الأوكرانية بالكامل لتنفيذه، وفقًا لصحيفة "نيوزويك" الأمريكية.
وقال جلين جرانت، المحلل العسكري الذي قدم المشورة للقوات المسلحة الأوكرانية: "من العدل أن نقول إن الأمر لا يسير بسلاسة كما يشاؤون بالنسبة لأوكرانيا".
وحسبما ذكر البروفيسور جراهام أليسون من جامعة هارفارد، في صحيفة "واشنطن بوست"، تسيطر موسكو على 17% من الأراضي الأوكرانية، وهو ما يعني أن كييف ستحتاج إلى 16 عامًا أخرى لاستعادة جميع أراضيها بمعدل التقدم الحالي.
كانت الهجمات الأوكرانية السابقة ناجحة العام الماضي عندما واجهت القوات الروسية التي كانت منتشرة بشكل ضئيل وتكافح مع الصعوبات اللوجستية والقيادية.
دفاعات روسية قوية
لكن الآن تواجه أوكرانيا دفاعات روسية محكمة، وقوبلت أسلحة كييف الجديدة المزودة من الغرب بوديان الخنادق التي حفرها الروس على طول خط الجبهة البالغ 600 ميل.
وتشمل هذه الحقول الألغام والخنادق المضادة للدبابات و"أسنان التنين"، وهي قطع خرسانية مربعة الشكل هرمية تستخدم لإيقاف المركبات العسكرية.
وفي 8 يونيو، عَلَقت القوات الأوكرانية في حقل ألغام أثناء هجوم بالقرب من جبهة زابوريجيا، وتداول المدونون المؤيدون لروسيا بكثافة صور المركبات المدمرة، بما في ذلك دبابات ليوبارد وبرادلي، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأفادت "نيويورك تايمز"، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، بأنه في الأسبوعين الأولين من الهجوم المضاد الأوكراني، تعرض ما يصل إلى خُمس المعدات التي أرسلتها أوكرانيا إلى ساحة المعركة للتلف أو التدمير.
لكن الهجوم المضاد تباطأ مع تقدم القوات الأوكرانية لخمسة أميال فقط من الـ60 ميلًا التي يحتاجونها للوصول إلى البحر في الجنوب وتقسيم القوات الروسية إلى قسمين، لذلك كانت المكاسب الأوكرانية تدريجية وليست مذهلة.
ووفقًا لشبكة "سي إن إن"، صرح مسؤول أمريكي في 23 يونيو بأن الهجوم "لا يلبي التوقعات" على أي من الجبهات الثلاث، فيما اعترف الرئيس الأوكراني أن الدفع كان "أبطأ مما هو مرغوب فيه".
جدول زمني تعسفي
لكن العالم يراقب مع تزايد المخاوف من أن أوكرانيا تتخذ قرارات عسكرية بسبب الجدول الزمني الغربي، مع توقع النتائج قبل قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في ليتوانيا، وقال المحلل العسكري آلان أور لمجلة "نيوزويك" إن "توقيت العمل الصيفي كان مدفوعًا بجداول زمنية تعسفية لحلف شمال الأطلسي، وليس من أوكرانيا".
واعتبر "أور" أن دفع القوات الأوكرانية للانتقال من دفاع حرب العصابات إلى الهجوم التقليدي في غضون ستة أشهر "كان دائمًا أكثر من اللازم".
كما رأى أن "الناتو" لم يزود أوكرانيا بالموارد الكافية، ولم يمنح كييف الوقت الكافي لإتقان المعدات التي زودها بها.
نقص التسليح
وأرجع "أور" عدم قدرة أوكرانيا على اختراق خطوط الدفاع الروسية المعدة جيدًا إلى افتقارها لطائرات الجيل الرابع، ومحدودية صواريخ هيمارس الأمريكية، وتأخر وصول الدروع.
وفي المقابل، صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن الهجوم المضاد ما زال في بداياته المبكرة، مشيرًا إلى تحول آمال المكاسب السريعة إلى قبول من حلفاء كييف بأن الدفع سوف يستغرق شهورًا.
كما أفاد معهد دراسة الحرب بأنه من السابق لأوانه تقييم الهجوم المضاد الأوكراني، نظرًا لامتلاك كييف قوات احتياطية كبيرة، وقدرتها على شن عمليات حاسمة متى أرادت.