اتخذت روسيا قرارًا نهائيًا بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الذي ينتهي العمل به اليوم، الاثنين، وبمقتضاه سحبت ضماناتها بشأن سلامة الملاحة في البحر الأسود، واعتبرته "منطقة خطرة"، فيما أسفت الأمم المتحدة وأعربت عن قلقها بشأن مئات الملايين حول العالم من الفقراء الذين سيدفعون الثمن.
وقف نهائي لاتفاق الحبوب
وأبلغت روسيا، بشكل رسمي، أوكرانيا والأطراف الوسيطة في الاتفاق، تركيا والأمم المتحدة، اعتراضها على تمديد اتفاق الحبوب.
وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن "روسيا أخطرت اليوم، رسميًا الجانبين التركي والأوكراني، بالإضافة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، عدم موافقتها على تمديد صفقة الحبوب".
كذلك أعلن دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين"، عن توقف "صفقة الحبوب" وأنها لم تعد سارية المفعول من اليوم، ورهن عودة موسكو باستيفاء الجزء المتعلق بها من شروط الاتفاق.
وقال متحدث الكرملين: "الاتفاقات بشأن صفقة الحبوب تم إنهاؤها بالفعل (...) وستعود روسيا على الفور إلى تنفيذها بعد استيفاء الجزء الروسي من الشروط".
أضاف: "في الواقع، لم تعد اتفاقيات البحر الأسود سارية المفعول اليوم. وكما قال الرئيس الروسي سابقًا، فإن الموعد النهائي هو 17 يوليو. لسوء الحظ، لم يتم تنفيذ الجزء المتعلق بروسيا من اتفاقيات البحر الأسود هذه حتى الآن. لذلك، تم إنهاؤها (صفقة الحبوب)".
من جانبه، صرّح دميتري بوليانسكي، النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، بأن قرار الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب نهائي، نافيًا إمكانية إجراء مفاوضات بهذا الشأن.
سحب ضمانات سلامة الملاحة
وأعلنت موسكو عن سلسة من الإجراءات تعتزم البدء في تنفيذها فور حلول موعد خروجها الفعلي من الاتفاقية، والمقرر يوم 18 يوليو، تتضمن سحبها ضمانات سلامة الملاحة وإغلاق الممر الإنساني البحري في البحر الأسود.
وذكرت الخارجية الروسية في بيان لها: "هذا يعني سحب ضمانات سلامة الملاحة، وإغلاق الممر الإنساني البحري، وإعادة النظام إلى منطقة خطرة بشكل مؤقت في شمال غربي البحر الأسود، وحل مركز التنسيق المشترك في إسطنبول. دون مشاركة روسيا، مبادرة البحر الأسود ستتوقف عن العمل ابتداء من 18 يوليو".
نتائج لا وعود
ورهنت موسكو عودتها للعمل وفق مبادرة البحر الأسود بنتائج ملموسة، ودعت الغرب للوفاء بالتزاماته المتعلقة بإخراج الأسمدة والمواد الغذائية الروسية من العقوبات.
قالت زاخاروفا: "إذا كانت العواصم الغربية تقدر حقًا مبادرة البحر الأسود، فعليها التفكير بجدية في الوفاء بالتزاماتها وإخراج الأسمدة والمواد الغذائية الروسية من العقوبات"، مضيفة: "فقط عند تلقي نتائج ملموسة، وليس وعودًا وتأكيدات، ستكون روسيا مستعدة للنظر في استعادة الصفقة".
ثمن الانسحاب
وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الاثنين، عن أن مئات الملايين في العالم سيدفعون ثمن قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الاوكرانية.
وقال جوتيريش للصحفيين إن "مئات ملايين الاشخاص يواجهون الجوع. فيما المستهلكون يواجهون أزمة عالمية لكلفة الحياة. سيدفعون الثمن".
من الخاسر؟
واعتبرت موسكو أنه لا معنى لاستمرار مبادرة البحر الأسود "التي لم تف بالغرض الإنساني منها" في ظل ظروف التخريب الصريح في تنفيذها.
وانتقدت روسيا، مرارًا، آلية التعامل الأوكرانية مع اتفاق الحبوب، وأنه لا يتفق مع الأهداف الإنسانية، التي أبرم على أساسه، كاشفة عن أن الدول الأشد فقرًا تحصل على ثلاثة في المئة فقط من صادرات الغذاء.
وقالت موسكو في بيان لها أوردته في وقت سابق، أكتوبر الماضي: "اتضح أن الموقع الجغرافي للدول المتلقية لهذه الشحنات لا يتسق بالمرة مع الأهداف الإنسانية المعلنة من قبل". وأضافت "تلقت الدول الأكثر حاجة مثل الصومال وإثيوبيا واليمن والسودان وأفغانستان ثلاثة في المئة فقط من الغذاء، وأغلبها من برنامج الأغذية العالمي".
وبحسب الأمم المتحدة، صدّرت أوكرانيا بموجب الاتفاق نحو 33 مليون طن من الحبوب أغلبها من الذرة والقمح. كانت أهم الوجهات الأساسية للشحنات هي الصين وإيطاليا وإسبانيا وتركيا وهولندا، وفق رصد في وقت سابق أوردته وكالة "رويترز".
اتفاق البحر الأسود
واتفاق البحر الأسود أبرمته روسيا مع أوكرانيا، في 22 يوليو 2022، بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، وتم تمديده في نوفمبر، ثم في مارس، ومرة أخرى في مايو وأخيرًا وافقت موسكو على تجديده لمدة 60 يومًا حتى اليوم 17 يوليو الجاري، وذلك للتصدي لأزمة غذاء عالمية نجمت عن أسباب من بينها الصراع الروسي الأوكراني، الذي اندلع منذ 24 فبراير 2022، وعرقل وقتها تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود.
وتضمن الاتفاق تصدير الحبوب والأغذية الأوكرانية، والأسمدة عبر البحر الأسود من خلال ثلاثة موانئ، بينها أوديسا، وبالمقابل وقعت روسيا مذكرة مع الأمم المتحدة، مدة تنفيذها 3 سنوات، تضمن إلغاء حظر الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة، وإعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام "سويفت" العالمي، وترميم خط أنابيب الأمونيا "توغلياتي أوديسا".