منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وما نتج عنها من خلل في سلاسل الإمداد والغذاء حول العالم، بدأت عمليات الشد والجذب بين روسيا من جهة ودول الغرب وأوكرانيا من جهة أخرى، فيما يتعلق بتصدير الحبوب أو ما يعرف باتفاق البحر الأسود لتصدير الحبوب، والذي وُقِع لأول مرة في تركيا في يوليو 2022، لفك الحصار المفروض على صادرات الحبوب والأسمدة الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، في خطوة ساهمت في تخفيف حدة أزمة الغذاء العالمية.
تمديد ثلاث مرات
وفي كل مرة وقبل إعادة تمديد الاتفاق مجددًا، يتبادل الطرفان الاتهامات حول تعطيل الشحنات، إذ كان من المفترض في بادئ الأمر أن تستمر اتفاقية الحبوب لمدة 120 يومًا قبل موافقة روسيا على تمديدها ثلاث مرات، لكنها حذرت يوم الأربعاء الماضي من أن "النوايا الحسنة" لا يمكن أن تستمر للأبد، واليوم قالت فالنتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد الروسي -المجلس الأعلى بالبرلمان الروسي- أن تمديد اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود وفقًا للشروط الراهنة "مستحيل".
صبرنا نفد
وفي رسالة تهديد جديدة، قالت "ماتفيينكو" على هامش منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج " صبرنا نفد"، إلا إنها أكدت أهمية تجنب مفاقمة أزمة الغذاء في البلدان الأكثر فقرًا.
فيما أوضح "الكرملين"، في تصريحات أدلى بها ديمتري بيسكوف المتحدث باسمه أول أمس، أنه لا يرى أي آفاق إيجابية، بشأن تجديد الاتفاق، لأن بنوده ذت الصلة بروسيا لم تتحقق بعد.
وأشار "بيسكوف" إلى أن روسيا أوفت بالتزاماتها، لكن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر لأجل غير مسمى.
ونوه بأن روسيا ستعلن قرارها، في الوقت المناسب، بما يتماشى مع موعد انتهاء العمل بالاتفاق.
تصريحات المسؤولين الروس، تأتي بعد حديث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء الماضي، قال فيه إن الغرب "خدع" موسكو ولم يف بوعوده بشأن المساعدة في إيصال المنتجات الزراعية لبلاده إلى الأسواق العالمية.
وترى روسيا أن العقوبات الغربية المفوضة على روسيا، تشكل عوائق أمام صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، رغم أنها-المنتجات- لا تخضع لعقوبات.
اجتماع بوتين مع الزعماء الأفارقة
ومن المقرر أن يناقش "بوتين"، مسألة تمديد الاتفاق مع زعماء أفارقة في روسيا غدًا السبت، في وقت يقول فيه إن موسكو مستعدة لتقديم الحبوب مجانًا لدول العالم الأشد فقرًا.
وشددت دول إفريقية رئيسية على الحاجة إلى واردات الحبوب، لحل مشكلة الأمن الغذائي، قبل الاجتماع المزمع مع الرئيس الروسي، لبحث مصير اتفاق تصدير الحبوب، بالتزامن مع تصريحات بوتين، بأن موسكو تدرس الانسحاب من الاتفاق، بسبب استمرار العقوبات أمام الحبوب والأسمدة الروسية.
وينتهي الاتفاق في 17 يوليو المقبل، ولا تقع صادرات المواد الغذائية والأسمدة تحت طائلة العقوبات الصارمة التي فرضها الغرب على روسيا بسبب الحرب، إلا إن موسكو تقول إن القيود على المدفوعات والخدمات اللوجستية والتأمين تشكل عوائق أمامها.
نتائج اتفاق تصدير الحبوب
بحسب بيانات الأمم المتحدة، تم تصدير أكثر من 31 مليون طن من الحبوب، 43% منها إلى الدول النامية، كما شحن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أكثر من 625 ألف طن من الحبوب لعمليات الإغاثة.
خطة بديلة
أما أوكرانيا، فتدرس اللجوء إلى خطة بديلة، حال أوقفت موسكو العمل باتفاق تصدير الحبوب الحالي، إذ قال وزير الزراعة الأوكراني، إن بلاده مستعدة لمواصلة تصدير الحبوب، لكنها تدرس خطة بديلة دون دعم روسيا.
وفي تصريحات لـ "رويترز"، قال ميكولا سولسكي، إنهم مستعدون للخطة البديلة، التي تستبعد روسيا، وتعتمد على أوكرانيا والأمم المتحدة، مضيفًا أن بلاده لن تقف "متفرجة" إذا استمرت الأوضاع على النحو الحالي.
وقال إن روسيا منعت بالفعل استخدام ميناء "بيفديني" الأوكراني الرئيسي على البحر الأسود رغم الاتفاق، وتسمح لسفينة واحدة فقط في اليوم بإيصال الحبوب.
قلق أممي
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إنه قلق من انسحاب روسيا من الاتفاق، الشهر المقبل، وأوضح في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، أن الأمم المتحدة تعمل جاهدة كي تتأكد أنه من الممكن الحفاظ على مبادرة البحر الأسود، مضيفًا: "يمكننا في الوقت نفسه مواصلة عملنا لتسهيل الصادرات الروسية".