الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما المنتظر من الاجتماع التنسيقي لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية؟

  • مشاركة :
post-title
رؤوساء دول حكومات الاتحاد الافريقي بالاجتماع التنسيقي نصف السنوي الخامس

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

يعقد الاتحاد الإفريقي في السادس عشر من يوليو الجاري، اجتماعه التنسيقي نصف السنوي بالعاصمة الكينية "نيروبي"، تحت شعار "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الإفريقية". يذكر أن الاتحاد الإفريقي عُقد في الفترة من 13 إلى 14 يوليو الجاري، اجتماع الدورة العادية الثالثة والأربعين للمجلس التنفيذي 2023، وبالتالي من المرجح أن يتم خلال الاجتماع التنسيقي المنعقد غدًا بالعاصمة نيروبي، اتخاذ إجراءات تعمل على تعزيز التعاون التجاري بين الدول الأعضاء، بما سيحقق الكثير من العوائد الإيجابية للدول الإفريقية.

في ضوء ما سبق يحاول هذا التحليل تقديم قراءة عامة لاتفاقية "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية"، هذا بالإضافة إلى وضع رؤية مستقبلية عن الإجراءات المُحتمل اتخاذها في الاجتماع التنسيقي للتسريع من تنفيذ هذه الاتفاقية.

محاور الاتفاقية:

تُعد منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أحد المشروعات الرئيسية لأجندة 2063، إذ يُمكن توضيح محاور هذه الاتفاقية من خلال النقاط التالية:

(*) مراحل الإنشاء: في يناير 2012، استحوذ النقاش حول تعزيز التجارة فيما بين الدول الإفريقية على مؤتمر القمة الثامن عشر للاتحاد الإفريقي، وقد تبلور خلال هذه القمة خطة العمل لإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، على أن تم إطلاق المفاوضات بخصوص هذه الاتفاقية في يونيو 2015، حتى تم توقيع اتفاق بإنشاء هذه المنطقة في مارس 2018، وكان من المخطط أن تكون جاهزة للعمل في يوليو 2020، لكن مع انتشار فيروس كورونا تم تأجيل تفعيلها إلى يناير 2021، وبحلول سبتمبر 2021 تم التوقيع علي الاتفاقية من قِبل 55 دولة إفريقية، وصدّقت 42 دولة لتصبح طرفًا في الاتفاقية بأن تكون جزءًا من أنظمتها القانونية والمؤسسية والمحلية، وقد قدم 38 بلدًا صكوك التصديق إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي.

(*) أهداف الاتفاقية: تسعى اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المهمة التي يوضحها الشكل رقم (1)، فمن خلال تحقيق هذه الأهداف سيتم تعميق التكامل بين الدول الإفريقية، وتسهيل حركة رؤوس الأموال والأشخاص وتعزيز التبادل التجاري بين الدول الإفريقية، وهو ما يسرّع من إنشاء الاتحاد الجمركي، بالإضافة إلى العمل على زيادة القدرة التنافسية الصناعية من خلال الإنتاج والوصول إلى الأسواق وإعادة تخصيص الموارد.

الشكل رقم (1) يوضح أهداف اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية

(*) فرص واعدة: تعد هذه الاتفاقية فرصة للدول الإفريقية لانتشال 30 مليون شخص من الفقر المدقع وزيادة دخل 68 مليون شخص يعيش بأقل من 5.50 دولار في اليوم، وذلك بحلول عام 2035، إذ إن هذا الاتفاق يربط 1.3 مليون شخص في 55 دولة بإجمالي ناتج محلي إجمالي 3.4 تريليون دولار أمريكي، فوفقًا لبيانات البنك الدولي، التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقية سيعزز الدخل بنسبة 7% أو ما يقرب من 450 دولار بأسعار عام 2014، ومن دورها في تعزيز التجارة بين الدولة الإفريقية، فإنها ستعمل علي زيادة فرص العمل والأجور للعمال غير المهرة. وبقراءة الأرقام سابقة الذكر يتضح إنه مازال هناك الكثير من الإجراءات والأعمال التي لابد من اتخاذها لتحقيق الثمار الكاملة من "اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية"، التي تزيد من التبادل التجاري الإفريقي بشكل خاص، والتكامل الاقتصادي بشكل عام.

الإجراءات المحتملة:

من المحتمل أن يتخذ الاجتماع التنسيقي مجموعة من الإجراءات التي تعمل على تسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية القارية، وذلك على النحو التالي:

الإجراءات المحتملة للاجتماع التنسيقي " نصف السنوي الخامس" للاتحاد الإفريقي

(*) تقييم حالة التكامل القاري: من المُحتمل أن يتضمن الاجتماع تقييم لمستوي التكامل الحالي بين الدول الإفريقية، وذلك للبناء عليه عند وضع خطط المستقبل، ففي هذا الإطار قدمت مصر مبادرة "التكامل الصناعي الإقليمي" التي تتوافق مع الاستراتيجية الصناعية للكوميسا 2017- 2026، إذ هدفت إلي تعميق الإنتاج الصناعي من خلال ربط سلاسل القيمة الإقليمية، وكما قامت وكالة الاستثمار الإقليمية التي تستضيفها مصر في جذب مزيد من الاستثمارات إلى دول تجمع الكوميسا، ونتيجة لذلك فقد زاد حجم التجارة بين دول المنطقة الإفريقية إلى 20%، ولكن لا تزال 84% من صادرات الدول الإفريقية تذهب إلي خارج القارة، إذ سجلت الصادرات البينية بين الدول الإفريقية 16% في عام 2019، بينما سجلت الواردات البينية 13%، وهي نسب يسعى الاتحاد الإفريقي إلى زيادتها، لتحقيق درجة عالية من التكامل فيما بين الدول الإفريقية.

(*) تحديد مستقبل "أجندة 2063": فمن المرجح أن يقوم الاجتماع بتحديد المستويات التي وصل إليها تنفيذ "أجندة 2063" وتم اعتمادها في يناير 2015 لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والتكاملي طويل الأجل للقارة الإفريقية، إذ أعدت مفوضية الاتحاد الإفريقي خطة تنفيذ هذه الأجندة لمدة خمس أعوام أي حتى عام 2020، فتقييم تلك الأجندة يعتبر من الأولويات المهمة لعمل القمة، إذ إنها تهدف بشكل أساسي إلى دعم المسار الجديد لإفريقيا لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام والتنمية والعمل علي زيادة العولمة و تطبيق ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، باعتبارها نواة لتحقيق التقدم الاقتصادي في هذه الدول، بالإضافة إلى الهدف المهم الخاص بحشد الدعم؛ لتحديد فرص التنمية والاستثمار في المجالات المختلفة مثل الأعمال التجارية والزراعية وتطوير البنية التحتية والصحة والتعليم ورفع القيمة المضافة للسلع في إفريقيا، ولذلك من المحتمل أن يعمل الاجتماع التنسيقي على وضع تصور لهذه الأجندة خلال العشر سنوات المقبلة كخطوة أساسية للتسريع من تنفيذ الاتفاقية.

(*) تحديد البرامج ذات الأولوية: من خلال توجيه الاتحاد والمجموعات الاقتصادية الإقليمية المتعلقة بالبرامج ذات الأولوية والموارد اللازمة لتنفيذ هذه البرامج، قد يتم تحديد البرامج ذات الأولوية في التنفيذ والتطبيق، وهنا نشير إلى أن هناك مجموعة من الأولويات التي خلصت إليها قمة الكوميسا الـ22، ومنها برنامج توحيد العملة، ففي إطار هذا البرنامج من المحتمل أن تناقش القمة إجراءات تنفيذ "النظام المالي الجديد" الذي سيتم تمويله من جانب البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد؛ لتشجيع التجارة بين الدول الإفريقية دون الحاجة إلى الدولار، وذلك من خلال تطوير آلية صرف تسمح للعملات الإفريقية أن تكون قابلة للتحويل فيما بينها، وكما تأتي الاستثمارات من الأولويات المهمة للدول الإفريقية التي لابد من العمل على زيادتها، فالهدف كان زيادتها من 40% إلى 60 % على المدى المتوسط مع توجيهها إلى داخل القارة وليس لخارجها، بالإضافة إلى العمل على زيادة القيمة المضافة لمنتجات الدول الإفريقية بهدف تحقيق الميزة التنافسية، ومن هنا يُمكن القول إن البرامج الثلاثة سابقة الذكر، تعمل على خدمة الهدف الموحد لدول القارة وهو "زيادة التكامل" في جميع المجالات فيما بينهم.

(*) إسراع الإصلاح المؤسسي: ينظر الاتحاد الإفريقي إلى الإصلاح المؤسسي، باعتباره مدخلًا أساسيًا لتحقيق التنمية الاقتصادية في الدول الإفريقية، إذ إن التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية لا يتم بدون مؤسسات قوية، التي تأتي من خلال إصلاح كل مؤسسات الاتحاد الإفريقي ماليًا وإداريًا، وتحديد علاقة التبعية والتكامل بين المجموعات الاقتصادية الإقليمية والاتحاد الإفريقي، وتحديد الإجراءات التي تساعد على منع ازدواج العضوية، وتحقيق التناغم بين مراحل التخفيض الجمركي في التكتلات الحالية، الأمر الذي يعمل على زيادة تحقيق الكفاءة في الأعمال التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي، وضخ مزيد من الديناميكية في أعمال الاتحاد، وهو ما يتسبب في تسريع وتيرة الأعمال وتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي وخاصة التعاون التجاري بين الدول الإفريقية، وهو ما يؤكد أن الاتحاد سيسعي للإسراع من تنفيذ هذه الإصلاحات، وإنشاء هياكل جديدة مثل وكالة الأدوية الإفريقية (AMA) التي تعمل على إكمال بناء النظم الصحية في القارة، هذا بالإضافة إلى "الوكالة الإنسانية الإفريقية" التي تستجيب لاحتياجات الكوارث الطبيعية والصراعات المتعددة في القارة.

على ما سبق، يُمكن القول إن هناك مجموعة من التوصيات الإجرائية التي لابد أن يتم العمل على تنفيذها في إطار هذا الاجتماع من أجل تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية، ومنها معالجة القيود التنظيمية التي تحد من رفع مستوي التجارة البينية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية للحد من تكاليف التجارة والنقل، إذ تشكل تكاليف النقل أكثر من نصف تكاليف التسويق في القارة، وهو ما يستدعي العمل على تخفيضها لتنشيط التجارة، هذا بالإضافة إلى ضرورة تبسيط إجراءات الحصول على شهادات التصدير والاستيراد، وتكثيف الاستثمارات في البنية الأساسية للتسويق والتجارة من خلال تسهيل عملية تصدير الخدمات المتصلة بالبنية التحتية مثل الكهرباء والغاز.

تأسيسًا على ما تقدم، يتضح أن الاجتماع التنسيقي نصف السنوي الخامس للاتحاد الإفريقي سيعمل على وضع خطة عمل شاملة للفترة المُقبلة، والبناء على النتائج التي تحققت في السنوات الأخيرة، مع التركيز على تحقيق طفرة كبيرة في معدلات التجارة بين الدول الإفريقية، الأمر الذي يتطلب تنفيذًا جادًا للإجراءات التي سيتم الإعلان عنها في نهاية الاجتماع من أجل تسريع وتيرة تنفيذ هدف التكامل القاري، لتحقيق العديد من المنافع الاقتصادية للدول الإفريقية كافة.