على غير العادة في مواقفها المتطرفة وسياستها متعددة الأوجه، أجمعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، في بيان مشترك لها، على أن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بمثابة "إرهاب قومي"، كما أنها ملزمة على مكافحته، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
خلفية قومية متطرفة
تتواصل هجمات المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته في قرى وبلدات الضفة الغربية المحتلة، برعاية وزراء ذات خلفية قومية متطرفة في الائتلاف اليميني الحاكم، فيما يغض بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، الطرف عن تصرفات وزرائه، وهو ما قوبل بإدانات عربية ودولية، وزاد من إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي.
وبدوره، اكتفى يوآف جالانت، وزير الأمن الإسرائيلي، بإدانة اعتداءات المستوطنين وحرق مركبات ومنازل الفلسطينيين في قرية أم صفا شمال غرب رام الله، قائلًا: "هذه ليست طريقتنا"، وسط موجة من السخرية ضد رأس حربة جيش الاحتلال، الذي يوجه بالتصعيد ضد الفلسطينيين.
وأصدر البيان المشترك من قبل هيرتسي هاليفي، رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ورونين بار، رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، ويعقوب شبتاي، مفتش عام الشرطة الإسرائيلية، في تناقض واضح مع العقيدة الأمنية الإسرائيلية.
وادعى البيان بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية تعمل على كبح جماح هجمات المستوطنين، التي بلغت ذروتها في الضفة المحتلة، فيما سينفذ "الشاباك" اعتقالات واسعة ضد مصيري الشغب، الذين يرتكبون اعتداءات عنيفة ومتطرفة في القرى الفلسطينية، على حد زعمهم.
وأضاف البيان: "الأجهزة الأمنية ملزمة بمواصلة العمل بحزم وبكل الوسائل المتاحة، من أجل الحفاظ على الأمن والقانون في يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية المحتلة)".
جرأة بالغة
ويأتي بيان أجهزة الأمن الإسرائيلية في وقت بلغت فيه جرأة المستوطنين مستوى قياسيًا وتتواصل في الارتفاع، مع تواصل الدعوات التي يطلقها إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية في حكومة "نتنياهو".
وفي سياق متصل، اقتحم مستوطنون، اليوم الأحد، المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب وكالة "سما" الفلسطينية.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، بأن عشرات المستوطنين اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدَّوا طقوسًا تلمودية في باحاته وقرب أبوابه.
ويُنظر إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية على أنها الأكثر تطرفًا في تاريخ حكومات دولة الاحتلال، إذ بلغت ظاهرة العنف والقتل في الأراضي المحتلة ذروتها منذ قدومها، ما ينبئ بتصعيد واسع النطاق.
وكان بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، اجتمع بالنواب العرب في البرلمان الإسرائيلي، منذ أسابيع قليلة، في مسعى لمكافحة ظاهرة العنف التي ضربت الأوساط العربية، لكن حزب "القائمة العربية الموحدة"، برئاسة منصور عباس، قاطع الاجتماع لشكه في صدق نوايا نتنياهو في محاربة الجريمة.
خلاف حاد
وفضلًا عن مزاعم قادة الأمن بكبح إرهاب المستوطنين، تسبب التحقيق مع جندي إسرائيلي شارك في الهجوم العنيف على قرية أم الصفا في الضفة الغربية المُحتلة، أمس السبت، في سلسلة من ردود الفعل الغاضبة، خاصة من قبل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، الذي دعا مسبقًا إلى محو قرية "حوارة" الفلسطينية من الوجود، وطالب الأجهزة الأمنية بتفسير ما حدث والتوعد للمستوطنين.
وخلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر "الكابنيت"، الذي ينعقد الأحد من كل أسبوع، نشب خلاف حاد بين بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة ووزيري الأمن القومي والمالية، إيتمار بن جفير وبتسلئيل موتريتش، بسبب الترويج لعملية واسعة في الضفة الغربية وتحريض الفلسطينيين على دخول مستوطنة "إفياتار"، المقامة على الأراضي الفلسطينية ويُمنع تواجد المستوطنين فيها.
إلى التلال
وخلال قيامه بجولة في بؤرة "افيتار" الاستيطانية مع يوسي دوجان، رئيس مجلس المستوطنات في المنطقة، وعدد من قادة المستوطنين، قال "بن جفير" إن "موقفي واضح وأنا أمنحكم دعمًا كاملًا ومطلقًا، لكنني أريد أكثر من إقامة مستوطنة هنا".
وأضاف: "أرض إسرائيل هي لشعب إسرائيل فقط، نحن ندعمكم، هلموا اركضوا إلى التلال واستوطنوا"، موضحًا أن هناك الكثير من المقترحات على طاولة الائتلاف، من بينها إقامة مستوطنات جديدة دائمًا وشن عملية واسعة في الضفة الغربية وتدمير جميع المنشآت الفلسطينية.
يذكر أن المستوطنين أقاموا سبع بؤر استيطانية في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، في الأيام الأخيرة بزريعة الانتقام، على خلفية عملية إطلاق نار في مستوطنة "عيلي" شمالي رام الله، ومقتل 4 مستوطنين وإصابة 4 آخرين، علمًا بأنها جاءت ردًا على عملية عسكرية عنيفة في مخيم جنين للاجئين.