في تطور يثير المخاوف من تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين، أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والدبلوماسية، تلك التصريحات التي وجهها بايدن خلال حفل جمع تبرعات للحزب الديمقراطي في شمال كاليفورنيا، وانتقد فيها الرئيس الصيني شي جين بينج جاءت بعد يومين فقط من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين في محاولة لتهدئة التوترات بين البلدين.
إفساد الجهود الدبلوماسية
وأثارت تصريحات بايدن قلقًا كبيرًا من أنها قد تفسد الجهود التي بذلها بلينكن خلال زيارته الرسمية إلى الصين، حيث استقبل بلينكن بحذر في بكين وعُقدت لقاءات مهمة مع المسؤولين الصينيين في محاولة لخفض التوترات وتعزيز التفاهم المتبادل، لكن تصريحات بايدن التي اعتبرت بمثابة انتقاد شديد للرئيس الصيني شي جين بينج ووصفه بـ"الديكتاتور"، يمكن أن تعكر صفو العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
الرد الصيني
وفي المقابل، وصفت الصين تصريحات بايدن "منافية للمنطق" وتقول إنها لا تعكس الواقع، ما يشير إلى تصاعد التوترات بين البلدين وقد يؤثر سلبًا على الجهود المبذولة لتهدئة العلاقات الثنائية، بعد زيارة بلينكن إلى بكين والتي كانت تعتبر بمثابة فرصة لتبادل الآراء والتوصل إلى تفاهم مشترك، ما يطرح تساؤلا عن مدى التأثير السلبي لتصريحات على نتائج تلك الزيارة وعلى مستقبل العلاقات الأمريكية الصينية.
ربما يكون بلينكن قد خطا خطوة واحدة على طريق طويل لتسوية الخلافات بين واشنطن وبكين، ولكن من النادر أن يتحدث زعيم صيني بإيجابية عن العلاقة مع الولايات المتحدة، فقد تركت تحذيرات الرئيس شي جين بينج غير المحددة في الشهر الماضي بشأن "أسوأ السيناريوهات"، وقدوم "العواصف الخطيرة" على حد تعبيره، المراقبين، وبخاصة في الصين، في حيرة من أمرهم بشأن ما كان يقصده، ما أثار شبح صراع بين القوى العظمى.
ذوبان الجليد
وربما يكون هذا هو السبب في أن العالم قد تنفس الصعداء عندما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس الأول، خلال زيارته إلى بكين، أنه "من الجيد جدًا" أن يكون الطرفان قادرين على إحراز تقدم في استقرار العلاقات الحرة بينهما، وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورننج بوست" الصينية، فإن بلينكن، هو أول دبلوماسي أمريكي كبير يزور بكين منذ خمس سنوات، كما بدا خلال الزيارة أكثر حذرًا عندما أشار إلى أن الشراكة المباشرة والصريحة بين واشنطن وبكين، كانت غاية في حد ذاتها عندما كانت العلاقة "في نقطة عدم الاستقرار"، وربما يكون قد تم إحراز القليل من التقدم الملموس خلال زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية للصين، ولكن على الأقل تظهر بوادر ذوبان الجليد الدبلوماسي.
الحوار من أجل الحوار
الذوبان الدبلوماسي رفيع المستوى جدير بالثناء، لكنه أثار تساؤلات حول أهمية مبدأ "حوار من أجل الحوار" ومدى تأثيره على سير العلاقات بين الجانبين، ونقلت الصحيفة عن كورت كامبل، منسق السياسة الخاصة بـالمحيطين الهندي والهادئ للرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ملقب بمهندس سياسة "إعادة التوازن إلى آسيا" أن واشنطن كانت شديدة الوضوح بشأن الصين، وهي تعلم أن الجهود المبذولة لتشكيل أو "إصلاح الصين" على حد تعبيره، على مدى عدة عقود قد باءت بالفشل، وأن واشنطن تتوقع الآن أن تكون الصين موجودة في الساحة الدولية، وأن تكون لاعبًا رئيسيًا على المسرح العالمي مشيرًا إلى سياسة الشراكة الأمريكية المعمول بها منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، في أوائل السبعينيات.
خطاب متناقض من الجانبين
وبينما يشير الكثيرون إلى التناقضات بين الخطاب السائد بشأن عدم السعي إلى حرب باردة جديدة، وبين الاستعدادات لمثل هذا السيناريو من كلا الجانبين، وخلال اجتماع مع بلينكين، لم يخف وانج يي، كبير مساعدي السياسة الخارجية الصينية كلماته، وألقى باللوم على إدارة بايدن في تفكك العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وقال وانج إن المشكلة الرئيسية كانت "سوء فهم الولايات المتحدة للصين، الأمر الذي أدى إلى انتهاج سياسات مضللة نحوها".
قلق صيني من سياسات واشنطن
وتابع تقرير الصحيفة الصينية أن الصين تشعر بالضيق من جهود إدارة بايدن لتحويل نظرية احتواء الصين إلى واقع، من خلال توسيع التحالف المناهض للصين تدريجيًا ليشمل العديد من جيرانها الآسيويين، على الرغم من نفي واشنطن المتكرر بانتهاج تلك السياسة، وهو ما تقابله الصين، باتهامات ضد واشنطن وحلفائها، وحذر العديد من المراقبين من أن الافتقار إلى المرونة في السياسة الخارجية للصين لاستيعاب المخاوف المشروعة للدول الأخرى قد يعيق طموحات الصين كقوة عالمية وقد يكون له عواقب تتخطى الدائرة الإقليمية للصين.