أنهت الدولة العراقية تعطيلا دام عام ونصف لدولة بلا ميزانية، خلّف وضعًا صعبًا بالاستثمار والنفقات التشغيلية، وأثر على آليات الصرف بمختلف وزارات الدولة، وذلك بعد إقرار نيابي لـ"موازنة قياسية"، اليوم الأحد، تستمر لمدة ثلاث سنوات من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنمية في العراق.
وأقرّ مجلس النواب العراقي، اليوم ، مشروع قانون الموازنة الاتحادية للسنوات المالية 2023 - 2024 - 2025 بعد أكثر من 4 أيام على عقد الجلسات التي شملت مفاوضات شاقة خاصة بشأن مواد إقليم كردستان.
ووافق مجلس الوزراء العراقي في 13 من مارس الماضي، على مشروع قانون الموازنة، وأرسله إلى البرلمان للتصديق عليه.
إنجاز حكومي
واعتبر جمال الأسدي، الخبير القانوني العراقي، في تصريحات خاصة أدلى بها لموقع " القاهرة الإخبارية"، اليوم الأحد، أن إقرار الموازنة وصدورها من مجلس النواب اليوم، في حد ذاته "إنجاز" يحسب لحكومة السوداني، التي استطاعت في تقديره القضاء على ما يقارب 80 في المئة من الإشكاليات التي رافقت النقاشات الخاصة بالموازنة.
أوضح "الأسدي" أن الدولة العراقية تعاني من العام الماضي حتى نصف العام الجاري، من عدم وجود موازنة، "لذلك أصبح الوضع فيه صعوبة كبيرة جدًا من ناحية الاستثمار والنفقات التشغيلية والتعيين والأجور والخدمات، وكله أثر بالضرورة على آليات الصرف بالوزارات العراقية".
الموازنة الأكبر
وعدّ الخبير القانوني موازنة العراق لعام 2023، التي أقرت بما يقدر بنحو 198.9 تريليون دينار عراقي (ما يعادل 153 مليار دولار أمريكي) "أكبر موازنة بتاريخ العراق"، إذ لم تصل أي موازنة للدولة العراقية أكثر من 100 مليار دولار، بحد قوله.
وأوضح "الأسدي" أن الموازنة العراقية "ثلاثية"، أي سيتم استنساخها لثلاث سنوات متتالية، حتى 2025، وفق تعبيره.
وتتضمن الموازنة الثلاثية إنفاقًا قياسيًا على فاتورة أجور حكومية تصل تقريبًا لنحو نصف مليون وظيفة، ومشروعات تنمية تهدف لتحسين الخدمات وإعادة الإعمار.
عجز قياسي
أما العجز في الموازنة، الذي قُدر هذا العام بنحو 64.35 تريليون دينار (ما يعادل نحو 49 مليار دولار سنويًا) ما يبلغ أكثر من مثلي آخر ميزانية للعراق في عام 2021، قال الأسدي إنه "مرتفع وقياسي ومخالف حتى لقانون الإدارة المالية"، لافتًا إلى أن هذا التقدير سيظل ساريًا حتى 2025.
وبموجب الميزانية، يغطى هذا العجز من الوفرة المتحققة من زيادة أسعار بيع النفط الخام المصدر أو زيادة صادرات النفط الخام أو الاقتراض الداخلي والخارجي ومن المبالغ النقد المدورة في حساب وزارة المالية الاتحادية.
وتستند الميزانية إلى توقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يوميًا، منها 400 ألف برميل يوميًا من إقليم كردستان، بسعر70 دولارًا لبرميل النفط، وفق مشرعون.
إدارة عائدات نفط كردستان
وبالأساس تتخذ الميزانية خطوات لمعالجة خلافات طويلة الأمد بين العراق وإقليم كردستان -الذي يتمتع بحكم ذاتي- فيما يتعلق بإدارة عائدات النفط، وهو ما كان له جل الأثر على تأخير إقرارها، والذي استغرق أربع جلسات.
وبموجب الميزانية التي أقرها مجلس النواب العراقي، سيتم إيداع عائدات النفط في حساب يشرف عليه البنك المركزي العراقي، على خلاف ما كان متفقًا عليه في وقت سابق، إذ كانت الإيرادات تحت تصرف رئيس الإقليم.
وشملت الميزانية، شروطًا أخرى منها مدة زمنية لا تتجاوز 15 يومًا، لعلاج أي خلافات تتعلق بالتصدير، أو الحساب مع الحكومة الاتحادية، في حال تجاوزها تُقطع مصادر التمويل الحكومي عن الإقليم.
"بغداد".. لم تكن معنية في السابق بأي دور في إنفاق كردستان لعائدات النفط، التي كان ينفرد بإدارتها الإقليم من جانب واحد عبر خط واصل إلى تركيا رغم معارضة الحكومة الاتحادية، حتى قضى التحكيم الدولى بعدم قانونية تلك التعاملات وأوقفت أنقرة صادرات الخام في أبريل الماضي.
وتوصلت الحكومة العراقية وأربيل إلى اتفاق، في أبريل الماضي، بموجبه تتولى شركة تسويق النفط العراقي الحكومية إدارة تسويق وتصدير النفط الخام الذي ينتجه الإقليم المتمع بالحكم الذاتي.
موازنة المشروعات الكبرى
وأكد المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراق، فادي الشمري، أن الموازنة الثلاثية ستسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد، ومن شأنها ضمان تحقيق التنمية المستدامة وإعادة الإعمار.
وكتب "الشمري" في تغريدة له: "أخيرًا، تم إقرار الموازنة بنجاح بعد جهود مكثفة ومفاوضات شاقة رغم الملاحظات المثبتة".
أضاف أن "الموازنة الثلاثية ستسهم حتمًا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنمية.نحن نتطلع إلى استثمار هذا الحدث في تحويل البلاد الى ورشة عمل كبيرة. حان الوقت للعمل معًا لتحقيق رؤية بلدنا وتحقيق التنمية المستدامة وإعادة الإعمار".
بدوره أشار مستشار رئيس الوزراء العراقي ضياء الناصري، إلى أنه بالرغم من الاختلافات قبل إقرار الموازنة الجديدة، يبقى عنوانها الأبرز هو الخدمات والمشاريع الكبرى.
وكتب الناصري في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر" "هاتربك موازنة 23 24_25ـ ومبروك، موازنة الموازنات". أضاف: "برغم الاختلافات قبل إقرارها، يبقى عنوانها الأبرز: موازنة الخدمات وموازنة المشاريع الكبرى".