الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

دلالات الهجوم الإرهابي على مدرسة ثانوية غرب أوغندا

  • مشاركة :
post-title
القوات المسلحة الأوغندية

القاهرة الإخبارية - نورا فايد

أعلن فريد إنانجا، المتحدث باسم الشرطة الأوغندية، على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، مساء 16 يونيو 2023، مقتل 25 تلميذًا وإصابة 8 آخرين في هجوم إرهابي على مدرسة لوبيريرا الثانوية بمنطقة مبوندوي غرب أوغندا الواقعة بالقرب من الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأفاد بأن عناصر مسلّحة تابعة لميليشيا "القوات الديمقراطية المتحالفة" ذات صلة بتنظيم "داعش" الإرهابي وراء هذا الهجوم، الذي نجم عنه حتى الآن، وفقًا لوسائل إعلام أوغندية، ارتفاع عدد القتلى إلى 41 على الأقل بينهم 38 تلميذًا، الأمر الذي يعكس مخاوف متزايدة من تصاعد الإرهاب بشرق ووسط إفريقيا.

الجدير بالذكر، أن جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" المتهمة بتنفيذ الهجوم الإرهابي الشنيع، هي جماعة أوغندية تتمركز شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تشكلت عام 1995، وزعيمها، هو "سيكا موسي بالوكو"، الذي بايع تنظيم "داعش" الإرهابي في فيديو مسجل له في يوليو 2019، ما دفع التنظيم، لإعلان "القوات الديمقراطية"، فرعًا محليًا له بالدولة الإفريقية وتحمل اسم "داعش - ولاية وسط إفريقيا"، كما يطلق عليها أيضًا اسم "داعش الأوغندي"، وهذا السبب، في تبني تنظيم "داعش" في أوقات عدة بعض الهجمات التي نفذتها "القوات الديمقراطية المتحالفة".

إدانات دولية:

وقد أدان هذا الهجوم الإرهابي عدد من الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية، جاء على رأسهم مصر، إذ أعربت وزارة الخارجية المصرية عن تعازيها لحكومة وشعب جمهورية أوغندا، ولذوي ضحايا الهجوم الذي وصفته بـ"الشنيع"، وهو الحال ذاته، بالنسبة لوزارة الخارجية الأردنية التي أدانت بشدة الهجوم الإرهابي معلنة رفضها لجميع أشكال العنف، وبجانب ذلك، فإن وزارة الخارجية التركية، أعلنت عن تضامنها مع أوغندا بهذه المحنة مشددة على ضرورة مكافحة الإرهاب بكل أشكاله بحزم وشدة.

إضافة لذلك، فإن "مؤسسة الأزهر الشريف" أدانت في بيان لها، هذه الجريمة التي وصفتها بـ"النكراء"، ومشددة على أن "استهداف الآمنين من طلاب العلم يفضح استراتيجية هذه الجماعات المتطرفة لتغييب العقول وتفشي الجهل عبر ضرب مراكز التعليم"، ودعا الأزهر المجتمع الدولي لضرورة تعزيز قدرات الدول الإفريقية لمكافحة هذا الإرهاب الأسود والقضاء عليه، ومن جهة، فقد أدانت "منظمة التعاون الإسلامي" في بيان لها، هذا الهجوم، مجددة دعمها الكامل للسلطات الأوغندية في مكافحة الإرهاب.

نشاط إرهابي متصاعد:

ومنذ مطلع العام الجاري، تصاعدت وتيرة الأعمال الإرهابية سواء في أوغندا أو بالمناطق الحدودية الواقعة بالقرب من الكونغو، من جهة، ونجح الجيش الأوغندي في صد عدة هجمات شنتها الجماعة الموالية لداعش على أهداف مدنية وعسكرية سواء بالكونغو أو أوغندا، من جهة أخرى، وذلك على النحو التالي:

الهجوم الإرهابي في أوغندا

(*) تحرك عسكري لقوات الكونغو الديمقراطية: في 1 مايو الماضي، كشفت القوات المسلحة بجمهورية الكونغو عن تصفية 20 عنصرًا إرهابيًا تابعًا لـ"القوات الديمقراطية" في منطقة "بيني" بإقليم كيفو الشمالي شرق الكونغو، وذلك ضمن عملية لقوات الجيش، المدعومة من قوة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو (مونوسكو) التي تواجه أيضًا أعمالًا إرهابية من قِبل ميليشيا تدعى "تعاونية من أجل الكونغو" (كوديكو) شنت هي الأخرى هجومًا إرهابيًا أواخر أبريل الماضي على 3 قرى بإقليم "إيتوري"، بشرق البلاد، ما أسفر عن مقتل 10 مزارعين في حقولهم، كما نهبت محاصيلهم الزراعية وحرقت منازلهم.

(*) هجوم إرهابي شرق الكونغو: في 9 أبريل الماضي، شنت جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" هجومًا إرهابيًا على قرية موساندابا الواقعة على مشارف مدينة بيني في إقليم نورث كيفو، شرق الكونغو، نجم عنه مقتل 20 شخصًا، وأعلن تنظيم داعش في بيان عبر قناته على موقع تليجرام، أنه يقف وراء الهجوم، وقبل أيام من هذا الهجوم، ارتكبت "القوات الديمقراطية" مذبحة في إقليم إيتوري، شمال شرق الكونغو، نجم عنه مقتل 30 شخصًا، ونتيجة لاستمرار الجماعة الإرهابية في استهداف المدنيين، فقد استبدلت الكونغو في 2021، السلطات المدنية بإدارات عسكرية تحت قيادة القوات المسلحة بالكونغو في إقليم نورث كيفو لوقف أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات المتمردة الإرهابية.

(*) تحرير الرهائن: في 22 يناير الماضي، تمكنت القوات المسلحة الكونغولية في إطار عملية أمنية، من تحرير 26 رهينة كانت "القوات الديمقراطية المتحالفة" اختطفتهم في 20 يناير الماضي كانوا يقومون بأعمال زراعة في حقولهم بمنطقة ساما ليكو بإقليم إيتوري، واستطاعت القوات الكونغولية، أيضًا القضاء على اثنين من مسلحي الجماعة الموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي ومصادرة 4 بنادق آلية من طراز "إيه كي 47" وأسلحة بيضاء كانت بقبضة الإرهابيين.

(*) تحرك أمريكي للقبض على "بالوكو": ما يدل على خطورة الأعمال الإرهابية التي تشنها الجماعة الأوغندية الموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي، فقد أعلنت واشنطن من خلال "برنامج مكافآت من أجل العدالة الأمريكي" مطلع مارس الماضي، مكافأة مالية تقدر بـ5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات عن الأوغندي "موسى بالوكو" زعيم "القوات الديمقراطية المتحالفة"، إضافة أنه في مارس 2021، قد صنّفت واشنطن الجماعة الأوغندية، كـ"منظمة إرهابية".

دلالات الهجوم:

في ضوء ما تقدم، فإن تركيز الجماعة الأوغندية الموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي على شن هجمات إرهابية سواء بأوغندا أو بالمناطق الحدودية من جمهورية الكونغو، يحمل جملة من الدلالات، يمكن توضيحها كما يلي:

(&) تجنيد عناصر جدد في صفوف الجماعة الأوغندية: إن تركيز تلك الجماعة الإرهابية على استهداف المدارس، يهدف إلى بث الخوف والرعب في صفوف الآباء ودفعهم لعدم إرسال أولادهم إلى المدارس، وفي هذه الحالة يتجه التنظيم إلى أمرين؛ الأول؛ هو اختطاف الأطفال من أجل تجنيدهم في صفوف قواته، والأمر الثاني، هو تهديد آبائهم بالقول إما إرسال أولادهم للقتال في صفوف الجماعة الإرهابية أو قتلهم، وهذا هو أسلوب داعشي بامتياز، إذ دأب هذا التنظيم الإرهابي على اتباع هذا النهج في مختلف البلدان المنتشر بها، ولدى التنظيم رؤية قائمة على أهمية التركيز بشكل خاص على الأطفال وإعدادهم وفقًا لفكره وتلقينهم خطاب التطرف والعنف والكراهية، ولذلك فقد شنّت جماعة "القوات المتحالفة الديمقراطية" هجمات عدة على مدارس في أوغندا، جاء من أبرزها الهجوم الذي شنّته في يونيو 1998، على معهد "كيتشوامبا التقني" قرب الحدود مع الكونغو ونجم عنه احتراق 80 طالبًا، واختطاف أكثر من 100 آخرين.

(&) نهب الثروات لتمويل الأعمال الإرهابية: تركز الجماعة الأوغندية الموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي على شن هجمات على المناطق الغنية بالثروات، إذ يعد "المال" بمثابة الشريان الرئيسي للجماعات الإرهابية للاستمرار والبقاء وفرض النفوذ والسيطرة، ولذلك كان المزارعون محل استهداف من قِبل "القوات الديمقراطية المتحالفة"، الذي كان ينهب ثرواتهم الحيوانية ومحاصيلهم الزراعية، فضلًا عن شنه هجمات عدة في إقليم إيتوري الغني بالذهب والنفط الواقع شرق الكونغو، من أجل نهب هذه الثروات لتمويل أعماله الإرهابية.

(&) تهديد القوات المسلحة الأوغندية والكونغولية: تريد جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة"، من جراء تنفيذ هذه الهجمات الشنيعة، إحداث خلل أمني في صفوف القوات المسلحة سواء الأوغندية أو الكونغولية، خاصة بعد أن نجحت تلك القوات في تكبيد تلك الجماعة الإرهابية خسائر فادحة خلال الفترة الماضية، دفعت عددًا كبيرًا من عناصرها إلى الفرار إلى الأدغال والاختباء بمناطق شرق الكونغو، لمواصلة تمردهم وأعمالهم الإرهابية ضد عناصر القوات المسلحة لكلا البلدين، والسبب في ذلك أيضًا هو إطلاق القوات الأوغندية والكونغولية منذ مطلع العام 2021، "عملية عسكرية مشتركة" لاستهداف عناصر الجماعة الإرهابية في الأراضي الكونغولية.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول، إن الهجمات الدامية لجماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" الموالية لتنظيم "داعش" الإرهابي، ستستمر سواء في أوغندا أو الكونغو، طالما لم توجد خطة أمنية وعسكرية ذات استراتيجية فعّالة تسهم في محاربة الإرهاب بحزم وقوة ليس فقط في وسط وشرق إفريقيا ولكن بمختلف بلدان القارة الإفريقية، ولذلك، على المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بمحاربة الإرهاب، تقديم مختلف وسائل الدعم اللازم للدول الإفريقية التي تعاني من الإرهاب.