الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لماذا تتوسع الدول الإفريقية في وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب؟

  • مشاركة :
post-title
وزير داخلية جزر القمر - فقري الدين محمود

القاهرة الإخبارية - نورا فايد

منذ أن كشفت الدولة المصرية النقاب عن الوجه المظلم لجماعة الإخوان المدرجة على قوائمها للإرهاب، ومخططاتها بدول القارة الإفريقية، تحاول أذرع الجماعة البحث عن موطئ قدم يمكنها من الانتشار والتمدد بإفريقيا، ضمن مساعيها للوصول إلى السلطة تحت شعار إقامة "الخلافة الإسلامية" المزعومة؛ إذ تختبئ تلك الجماعة وراء "ستار الدين" لحشد واستمالة المواطنين تجاه أفكارها ومخططاتها، التي باءت أخيرًا بالفشل، جراء أمرين، أولهما زيادة وعي الأشخاص بمختلف دول العالم حول أهدافها، وثانيهما، اتجاه دول عدة لتصنيف الجماعة "كيان إرهابي"، يُحظَر التعامل معه تحت أي صفة.

ضربات موجعة للإخوان:

وفي هذا الإطار، فإن بعض دول القارة الإفريقية من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها، أكدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، على إرهاب "جماعة الإخوان"، وهو ما دفعها لمواجهتها بوسائل متعددة، يمكن إبرازها على النحو التالي:

(*) جزر القُمُر تصنف "الإخوان" كيانًا إرهابيًا: جاءت آخر الضربات التي تلقتها الجماعة بعد إصدار وزارة الداخلية في جمهورية جزر القُمُر ، الواقعة بشرق إفريقيا، في 25 فبراير الماضي، مرسومًا يقضي بوضع 69 كيانًا حول العالم على قوائم الإرهاب، جاء في مقدمتها "جماعة الإخوان"، وحول هذا القرار الذي أصدره وزير الداخلية القُمُري "فقري الدين محمود"، فإنه يعكس رغبة الدولة الإفريقية في التأكيد على محاربتها للإرهاب، والتماشي مع نهج عدد من دول ومنظمات المجتمع الدولي لدحره وقطع دابر تمويل هذه الجماعات له، وإيقاف أي محاولة من قبلها للتموضع بدول القارة، وحاول الإخوان من خلال منصاتهم الإعلامية انتقاد هذا القرار، ووصفه بأنه مجرد "استهلاك إعلامي"، ومحاولة من الدولة القُمُرية لإثبات جديتها في مجال مكافحة الإرهاب خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من تسلم رئيس جزر القُمُر عثمان غزالي، في 17 فبراير الماضي، الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، ولذلك فإن أذرع "الإخوان" على منصات التواصل الاجتماعي وصفت قرار الدولة الإفريقية بتصنيف الجماعة في هذا التوقيت بأنه "نتيجة ضغط عليها من قبل مسؤولين أفارقة لدفع دول القارة لاتخاذ مواقف واضحة من الإخوان".

(*) تونس تلاحق قيادات النهضة الإخوانية: وضع الرئيس التونسي قيس سعيد، منذ تسلمه مقاليد الحكم في أكتوبر 2019، عناصر الإخوان الممثلين في حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي، نصب عينيه، إذ قرر الخوض في معركة معهم لإبعادهم عن المشهد السياسي التونسي، بعدما أعادوا الدولة الواقعة في أقصى شمال إفريقيا إلى الوراء سنوات عدة، وتشهد هذه الأيام حملة ملاحقات لعناصر الإخوان، وعلى رأسهم "الغنوشي"، الذي مثل أمام القضاء التونسي آخر مرة في 23 فبراير الماضي، بتهم تتعلق بالاغتيالات السياسية وقضية "تسفير الإرهابيين" إلى بؤر الصراع، فضلًا عن قضايا تجسس ودعم جماعات إرهابية، وفي 15 فبراير الماضي، شنّت الشرطة التونسية حملة اعتقالات بحق عدد من أبرز قيادي الإخوان، جاء من بينهم، نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة النهضة، ووزير العدل الأسبق، ونور الدين بوطار، المدير العام ومالك راديو "موزاييك إف إم".

زعيم حركة رشاد الإرهابية

(*) الجزائر تحاصر حركات متطرفة مقربة للإخوان: وفي ظل اتجاه بعض بلدان القارة لمحاصرة أذرع الجماعة، أدرجت الجزائر في 17 فبراير 2022، عددًا من الأشخاص والكيانات على قوائمها الإرهابية، منهم محمد العربي زيتوت، رئيس حركة "رشاد" المقربة للتنظيم الدولي، وفرحات مهني، رئيس حركة "الماك"، اللذان أدرجتهما السلطات الجزائرية في مايو 2021، على قوائم الإرهاب، بسبب ارتكابهما أفعال عدائية تهدد أمن واستقرار الدولة الواقعة بشمال إفريقيا، وكشفت وقتها عن امتلاكها أدلة تورط أعضاء الحركة المقربة للتنظيم الدولي في دعم وتمويل أعمال إرهابية داخل وخارج البلاد، ومن الجزائر إلى المغرب، حيث أحالت وزارة الداخلية المغربية في يوليو 2021، عددًا من قيادات حزب العدالة والتنمية الإخواني إلى المحاكم الإدارية، وذلك لتفعيل قرار العزل في حقهم قبل الانتخابات النيابية التي جرت في سبتمبر 2021، والتي مُني فيها الحزب الإخواني لأول مرة بهزيمة ساحقة، أخرجته من السلطة بعد توليه الحكومة دورتين متتاليتين، وهذا قد يكون أولى خطوات الدولة الواقعة بشمال إفريقيا لإقصاء الحزب من المشهد السياسي.

أهداف متعددة:

في ضوء التطورات السالف ذكرها، يمكن القول إن ملاحقة الدول الإفريقية لأذرع الإخوان، سواء المتغلغلين بمؤسساتها من خلال تنظيم أو حزب تحت مسمى معين، أو الموجودين ولكن بشكل غير معلن، يستهدف تحقيق جملة من الأهداف، منها ما يلي:

(*) دحر المخططات الإخوانية للتمدد والانتشار في إفريقيا: إن استهداف بلدان القارة خلال الفترة الأخيرة لجماعة الإخوان، بل والتصعيد بتصنيفها "جماعة إرهابية" كما فعلت جزر القُمُر، وهي الخطوة المتوقع أن تنتهجها دول إفريقية أخرى خلال الأيام المقبلة، يؤكد مساعي تلك البلدان لمنع أي محاولة من قبل أي عناصر إخوانية لإيجاد موطئ قدم لها ببلدان القارة، مستغلة حالة الفراغ الأمني الذي تشهده بعض هذه الدول، أو الأزمات الاقتصادية والأوضاع المعيشية السيئة التي تشهدها أخرى. وفي الوقت ذاته، هناك دول يصعب ملاحقتهم بها على عكس أوروبا، وهو الأمر الذي أدركته دول القارة. لذلك كان عنصر "مكافحة الإرهاب" على رأس الأولويات في أجندة قمة الاتحاد الإفريقي الـ36، وبجانب ذلك تجدر الإشارة إلى أن الخطوة التي قامت بها جزر القُمُر، والتي وصفها عدد من المراقبين بـ"الاستباقية"، كون عناصر الإخوان ليس لهم نفوذ متنامي داخل هذه الدولة، تكشف عن معلومات لدى السلطات القُمُرية عن مخططات للجماعة للانتشار بالبلاد، منها التوسع بدول شرق إفريقيا، خاصة أن هذه المخطط لطالما راود الجماعة الإخوانية منذ سقوطها في مصر عام 2013، وكشفت بعض وسائل الإعلام المصرية في مطلع 2014، وثيقة صادرة عن "التنظيم الدولي للإخوان" تحمل عنوان "شعب إيجابى يعتز بهويته الإسلامية"، وتحوي هذه الوثيقة على مخطط إخواني للتوسع في منطقة شرق إفريقيا، وخاصة بدول تنزانيا وكينيا وأوغندا وجزر القُمُر ورواندا وبوروندى، من خلال تدشين مؤسسات تزعم أنها تعمل لنشر الإسلام.

(*) تضيق الخناق المالي على الاستثمارات الإخوانية بإفريقيا: تسعى الدول الإفريقية إلى وضع يدها على أي أنشطة مالية محسوبة على الإخوان داخل إفريقيا، لمنعها من إعادة تدوير أموالها في أنشطة مشبوهة بالقارة، واستخدام الجانب المالي كذراع لنشر أفكارهم المتطرفة خاصة بالدول التي تضعف بها قوانين مكافحة غسل الأموال، إذ إن الجماعة -وفقًا لشهادة بعض قياداتها المنشقين عنها- تعتبر توافر الموارد المالية، العنصر الأهم لبقائها على قيد الحياة، وهذا هو السبب الذي دفعها في أحيان عدة للتوجه لدول إفريقية بغرض إقامة استثمارات تدر أموالًا طائلة لها، وبعيدة عن أعين المراقبة، وبعد سقوطهم في مصر، والكشف عن زيارة القيادي الإخواني محمود حسين، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، جنوب إفريقيا في 2014، ظهرت معلومات عدة عن وجود استثمارات ضخمة للإخوان بهذه البلد، وأن زيارة "حسين" كانت محاولة منه لتأمين استثمارات الجماعة بالدولة الإفريقية، وفي فبراير الماضي، كشف منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية أن أموال الإخوان بجنوب إفريقيا وبعض بلدان القارة، تقدر بأكثر من 4 مليارات دولار، موزعة على شركات الصرافة وبعض الأنشطة التجارية وعمليات التصنيع.

دول أوروبية تضيق الخناق على التنظيم الإرهابي

(*) حشد الدعم الدولي لمواجهة الانتشار الإخواني في إفريقيا: إن نجاح الدول الأوروبية خلال الفترة الأخيرة في تعزيز إجراءاتها لمكافحة الإرهاب والتطرف على أراضيها، وهو ما ساهم في تضييق الخناق على أذرع جماعة الإخوان داخل بلدان القارة العجوز، يعطي رغبة لدى نظيرتها الإفريقية باتخاذ خطوات مماثلة، إلا إنها ستحتاج في الوقت ذاته لدعم من قبل الدول والمنظمات الدولية المعنية بمواجهة محاولات التمدد الإخواني داخل بلدان القارة، ولذلك، ستعمل الأخيرة بالفترة المقبلة على إيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها، أن إفريقيا جادة في مكافحة أي جماعات أو تنظيمات تسعى لنشر العنف والإرهاب بها، وهذه الرسالة هي محاولة لحشد جميع وسائل الدعم اللازمة لمساندة إفريقيا في جهودها تلك.

تأسيسًا على ما سبق: يمكن القول، إن الجهود التي تبذلها كل من تونس، والمغرب من جهة، تأتي في إطار إبعاد الإخوان عن المشهد السياسي وتقويض حلمهم بالوصول مجددًا إلى السلطة، بعدما تسببوا خلال السنوات الماضية في تغلغل الفساد والإرهاب بأركان بعض البلدان الإفريقية، وعلى الجهة الأخرى، فإن تصنيف دول إفريقية أخرى سواء جزر القُمُر، أو الجزائر، للإخوان "كيان إرهابي"، تعد "محاولات استباقية" هدفها النجاة بدولهم من الفكر الإخواني المتطرف، وهو النهج المتوقع أن تنتهجه دول أخرى بالفترة المقبلة.