باتت جرائم الاستيطان الإسرائيلي تُحاصر الشعب الفلسطيني، وبلغت الجرأة لدى المستوطنين مستويات قياسية، في ظل تقاعس الشرطة الإسرائيلية عن القيام بدورها في مكافحة الجريمة، وتحريض أقطاب اليمين على القتل، بينما تنشغل الحكومة في تنفيذ خطة ممنهجة لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية.
ويثير الضم الزاحف على الضفة الغربية المحتلة، وعنف المستوطنين المتصاعد منذ تولي اليمين المتطرف مقاليد الحكم، قلقًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا وسط تعثر جهود إطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، في ظل إصرار الحكومة على المضي قدمًا في تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني.
خسارة في الأرواح والممتلكات
وثقت وكالة "رويترز" للأنباء إحدى الصراعات اليومية التي يعيشها المزارعون الفلسطينيون في بالضفة الغربية المحتلة، من بينهم سالم مسعود، الذي نبهه جيرانه إلى أن حظيرة منزله تحترق، وأن عشرات المستوطنين اليهود أضرموا النيران فيها عصر يوم في أواخر شهر مايو، مما تسبب في إلحاق أضرار بها واحتراق المئات من أكوام القش والمعدات التي يستخدمها في الزراعة.
وبعد أيام، كان جاره محمد البزاري يتابع الأخبار عندما قطع المستوطنون السياج المحيط بمنزله وحطموا نوافذه وألحقوا الأضرار بأشجار الليمون في حديقته.
وقال البزاري (44 عاما)، وهو والد لطفلين ويعمل في مزرعة دواجن في رام الله، إن "قلبه توقف" عندما شاهد هجوم المستوطنين مضيفًا أنه يمكن استبدال النوافذ ويمكن نقل النباتات إلى أوعية جديدة، لكن خسارة روح واحدة لا يعوضها شيء.
ومن جانبه، قال ناصر حجي، عضو مجلس إدارة برقة إن المستوطنات تحول بين السكان ومزارعهم، مؤكدًا أن ثلثي أراضي القرية إما صودرت أو حولت إلى منطقة عسكرية مغلقة، مما ترتب عليه آثار سلبية كبيرة على اقتصاد برقة.
وقال حجي إن التبعات تتجاوز القرية. ويقسم موقع برقه شمال الضفة الغربية عن جنوبها عند تقاطع ثلاث مدن فلسطينية كبيرة.
قضبان معدنية
ويقول الفلسطينيون إنه بينما يُكثف المستوطنون هجماتهم ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف قرى الضفة الغربية المحتلة للفرار من منازلهم، تتربص قوات الاحتلال بالفلسطينيين في الشوارع وتهاجمهم بقنابل الغاز والرصاص المسيل للدموع، للدفاع عن المستوطنين.
وفي الشهر الماضي، قال سكان برقة إن مستوطنين مسلحين كانوا برفقة جنود إسرائيليين، أطلقوا الرصاص عليهم وأحرقوا الأشجار ودمروا منازل وسيارات. وقال سكان إنهم في إحدى الحالات، حاولوا اقتحام مدرسة أثناء الفصول الدراسية.
وقالت جماعة بدو منطقة عين سامية الفلسطينية الذين يبلغ عددهم 178 شخصًا في الشهر الماضي إنهم أُرغموا على مغادرة منازلهم في الضفة الغربية بسبب عنف المستوطنين.
وكما هو الحال في مناطق أخرى من الضفة الغربية، قال سكان برقة إنهم يعتمدون على أنفسهم في الحماية. ووضع بعضهم قضبانا معدنية على النوافذ. وشكل آخرون فرق مراقبة ليلية.
وقال أحد سكان برقة يدعى نافع صلاح وهو يكدس الحجارة على سطح منزله إنه سيواجه المستوطنين بكل ما لديه سواء حجارة أو بيديه وجسده مؤكدا رفضه المغادرة.
ومع استمرار التوسع، يتصاعد العنف. ورصدت الأمم المتحدة 475 حادثة متصلة بالمستوطنين وقعت فيها إصابات بين الفلسطينيين أو أضرار في ممتلكاتهم في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، وهو أعلى معدل يومي منذ عام 2006.